دخلت ثقافة تدخين الشيشة إلى مقاهي المغرب من سنوات خلت وأصبحت مقاهي الشيشة تنتشر في جميع المدن المغربية. المجتمع المغربي يواجه انتشارها بنظرة سلبية لاتخاذها غطاءا للدعارة وبيع المخدرات في ظل غياب الأطر القانونية لمتابعتها كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر، إنه الموعد اليومي بالنسبة للبعض للذهاب إلى مقهاه المفضل في قلب العاصمة الاقتصادية للمغرب الدارالبيضاء، لقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء وتدخين الأركيلة "الشيشة". قبل أن تطأ قدمك أحد مقاهي الشيشة، تجتذبك رائحتها من بعد أمتار، وما إن تدخل إلى المحل حتى تستقبلك سحابة دخانية تغطي المكان بأسره، وموسيقي صاخبة تشتت انتباهك.
وهناك تشاهد أشخاصاً من مختلف الفئات العمرية، يدخن كل منهم شيشته المفضلة سواء كانت عنباً أو تفاحاً أو خلطة تجمع جميع الأنواع الموجودة داخل المحل. وعن الفئة العمرية للأشخاص الذين يقصدون هذا المقهى لتدخين الشيشة يقول عمر، وهو أحد العاملين في هذا المقهى، إنها تتراوح بين 15 و 45 عاماً.
أناس أحد مدخنى الشيشة منذ أن كان في ربيعه العاشر، على الرغم من أنه يعمل في المجال الصحي ويعرف بضررها الصحي. لكنه يقول أن "تدخين الشيشة يشعره بالارتخاء النسبي لعدة دقائق، ينسى فيها كل أعباء الحياة ومشاكلها اليومية. أما ثمن تدخين الشيشة فيتراوح من 30 إلى 120 درهماً مغربياً، وهذه الأسعار تختلف باختلاف المقهى والمكان الموجود فيه والفئة التي ترتاده.
ظاهرة مجتمعية سيئة أغلب مقاهي الشيشة في المغرب تستهدف فئة تبحث عن المتعة بمختلف أنواعها، ما يجعل البعض ينعت هذه المقاهي ب"أوكار الدعارة المقنعة". وفي هذا السياق يوضح الباحث الاجتماعي علي شعباني أن السمعة السيئة لاستهلاك الشيشة في المغرب ترجع إلى كونها دخيلة على المجتمع. "إذ لم تتجاوز مدة وجودها بالمغرب 15 عاماً، بخلاف الدول العربية الأخرى التي تتواجد فيها الشيشة منذ زمن بعيد".
ودخولها إلى البلاد جاء بطرق منحرفة إلى بعض المقاهي، التي صارت تأخذها غطاءا، من أجل لترويج المخدرات واستغلال الفتيات من كل الأعمار، الأمر الذي جعل الأسر المغربية تتذمر من هذه العادة السيئة وتحاربها وتضغط على السلطة لكي لا تتساهل مع أصحاب هذه المقاهي، كما يقول شعباني.
ويضيف الباحث الاجتماعي قائلاً: "إن الشباب يقبلون عليها بشكل كبير لأنها تعتبر شيئاً مختلفاً ليس لهم به عهد من قبل، وبالتالي فهي بمثابة موضة جديدة تستقطب العديد من الزبائن". وبحسب شعباني فإن دخول الشيشة إلى المغرب "جاء نتيجة رغبة بعض مواطني الدول العربية المشرقية في الاستثمار في هذا النوع من المقاهي، كالسوريين مثلاً في مدينة الرباط، أو بعض المغاربة الذين أرادوا الانفتاح على هذه العادة".
لكن على الرغم من أن تدخينها يعد من الظواهر المرفوضة مجمعياً في المغرب، إلا أن "محاولات القضاء عليها فشلت، فالمستفيدون منها لهم قوة ونفوذ داخل المجالس والبلديات في المغرب".
فراغ قانوني... ةإن قضية الإقبال على تدخين الشيشة في المغرب ما زالت تُقابل بجدل واسع في العديد من المدن. وفي هذا السياق يوضح المحامي حاتم بكار بالقول إنه بالرغم من هذا الرفض إلا أنه لا يوجد حتى اليوم قانون يجرم استهلاك الشيشة أو بيعها. ويضيف بكار بالقول: "تمت مناقشة مشروع قانون حول هذا الموضوع لكنه لم يدخل حيز التنفيذ، ويتضمن هذا المشروع حوالي 28 مادة، تؤطر الشروط التي يجب إتباعها من طرف أرباب مقاهي الشيشة أو المدخنين بصفة عامة، كتحديد مساحة المحل ومنع تقديمها للقاصرين". ويشير الخبير القانوني المغربي إلى أن عدم إتباع هذه القوانين يعرضهم بموجب هذا القانون إلى المتابعة والغرامات وقد تصل إلى عقوبات السجن في حالات معينة، "لكن هذا القانون لم يتجاوز رقعة البرلمان المغربي".
وفوضى في المتابعة وهذا الفراغ القانوني يوضح الفوضى المتعلقة بفتح وإغلاق المحلات الخاصة بالشيشة وغياب الأطر المتعلقة بذلك، يجعل استهلاكها مسموح به في مدن دون أخرى.، كما هو الحال الآن في مدينة الرباط، التي أغلقت فيها جميع المقاهي، بينما يُسمح بمقاهي الشيشة في مدينة الدارالبيضاء في بعض المناطق دون أخرى.
ويشير بكار أن "النيابة العامة عندما تتابع أرباب هذه المقاهي فليس بسبب بيع الشيشة، بل تتابعهم من أجل التأكد من عدم اتخاذها بيع الشيشة غطاءا للدعارة أو المساس بالأخلاق والآداب العامة أو بالتحريض على الفساد أو المخدرات".
وبحسب المحامي المغربي، كانت رخص المقاهي تمنحها العمالة أو الولاية أو المصالح البلدية و"لا توجد أي رخصة خاصة بمقاهي الشيشة وبالتالي فهي تدخل ضمن المنتوجات المستهلكة، وهذا يجعل المتابعة مرتبطة بالقانون الجنائي".