بعد أن دخلت مقاهي الشيشة بمدينة الدارالبيضاء سوق المضاربة، ووصل ثمن بيعها أرقاما خيالية تفوق 10 مليون درهم، وترتفع قيمتها المالية كلما كان موقعها في الفضاءات التي توجد بها المؤسسات التعليمية.وتزايدت الشكايات المتعلقة بالإزعاج الذي تسببه مقاهي الشيشة،بعد أن تحول عدد منها إلى أشبه بمراقص ليلية وفضاء للدعارة وتناول المخدرات، إضافة إلى استقبالها للقاصرين، وإغلاقها في ساعات متأخرة من الليل. ضغط هذا الواقع دفع السلطات المحلية إلى اتخاذ قرارات منع تقديم مادة الشيشة لرواد المقاهي، وسحب رخص العديد من أربابها، فالسلطات المحلية أحصت ما يقارب 2000 مقهى تقدم الشيشة بمختلف أحياء المدينة، بحسب رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء، سعيد حسبان، وزارت لحد الآن 740 مقهى، ووجهت في ذلك لبعضها إنذارات، وأصدرت في حق أخرى قرارا بالإغلاق لمدة معينة، وسحبت رخص من لا يلتزم منها بعد إنذارها ثلاث مرات.وبالمقابل وصلت القضايا المرفوعة ضد والي الدارالبيضاء من قبل مالكي المقاهي إلى أكثر من 300 دعوى قضائية، أشارسعيد حسبان لـ التجديدإلى أن 30 دعوى قضائية حكم فيها برفض الطلب. في الواجهة الحرب على الشيشة إذن عادت إلى الواجهة مرة أخرى بعد أن صادق مجلس عمالة الدارالبيضاء أخيرا على مقرر تنظيمي يقضي بمنع تقديم تناول واستهلاك الشيشة بالمقاهي الموجودة بتراب الدارالبيضاء.مرتكزا في إصداره على القانون المنظم لمجالس العمالات والأقاليم، وطبقا للقانون 462002 المتعلق بمنع التدخين في الأماكن العمومية، وكذا بناء على الظهير الشريف رقم 1,19,112 بتاريخ 72 محرم 1426 الموافق لـ 26 يونيو 1995 المتعلق بمنع التدخين، والقيام بالإشهار والدعاية للدخان. وأرجع سعيد حسبان انتشار مقاهي الشيشة إلى تبسيط المساطر الإدارية في منح الرخص، مشددا على أنه من حق السلطة سحب الرخصة لأنها مؤقتة، إذا تبين عدم التزام هذه المقاهي بكناش التحملات، وخاصة البند المتعلق بعدم تقديمها الشيشة للزبناء. وأفاد رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء التجديدأن حملة تمشيطية قامت بها السلطات المحلية في إطار تنفيذ مبادرة المقرر التنظيمي (في انتظارإخراج المرسوم الوزاري التطبيقي لمنع التدخين في الأماكن العمومية)، أسفرت عن اعتقال 50 شخصا، تبين أثناء التحقيقات أن ضمنهم مجرمين كان مبحوثا عنهم، وهو ما يؤكد بحسب حسبان أن المقاهي أصبحت وكرا للفساد والإجرام والمخدرات. خارطة الطريق لمقاهي الشيشة الآن واضحة، والحملات التي تخوضها السلطات المحلية، يؤكد سعيد حسبان، ستكون موسعة وستشمل كل المقاهي المنتشرة في كل المناطق التي تنتشر فيها الظاهرة على صعيد جهة الدارالبيضاء الكبرى، كما أن هناك استعدادا لرفع الاعتمادات المالية المخصصة لها في إطار البرمجة في نهاية السنة المالية في الشهورالقليلة المقبلة. وكان مصطفى مستغفر،رئيس النقابة الوطنية للتجاروالمهنيين، سجل تجاوزات وتعسفات السلطات باسم القانون، في حملتها لإغلاق مقاهي الشيشة، مشيرا إلى أن المقررالتنظيمي ارتجالي، ويفتقر إلى دراسة، عدا كونه لا يرقى إلى مستوى القانون، وشدد مستغفر على أن الإغلاق لن يحل الإشكال بل ينبغي محاربة الظاهرة من جدورها، وأشارفي ذلك إلى أن عدم تفعيل قانون 1991 الذي تم تطبيقه سنة 1995 القاضي بمنع التدخين، يرجع إلى أنه لا يتضمن عقوبات زجرية ولم يحدد أماكن التدخين، والمقاهي تستغل الفراغ القانوني المسجل في الموضوع، وأضاف مستغفر أن مادة المعسلالتي تعد من المكونات الأساسية للشيشة، تدخل عن طريق التهريب وعن طريق شركة ألطاديس، مشيرا إلى أن الاستهلاك في ارتفاع صاروخي، والدولة تأخذ 59 بالمائة من الرسوم على مادة المعسل. الانتظار غياب نص قانوني في ظل تصاعد شكايات المواطنين وبعض جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، دفع بالسلطات المحلية إلى اللجوء إلى إصدار قرارات عملية لمنع تقديم الشيشة بالمقاهي، أعلن عنها أخيرا عامل عمالة مقاطعات مولاي رشيد، وقبله عامل عمالة مقاطعات ابن مسيك، وعاملي عين الشق، كما صادق مجلس مقاطعة الحي المحمدي بالإجماع في دورة استثنائية عقدت أبريل الماضي على رفع توصية إلى مجلس المدينة،والسلطات المعنية للتدخل لمنع تعاطي الشيشة في مقاهي تراب مقاطعة الحي المحمدي.وكانت لجان المراقبة بمقاطعة سيدي عثمان أحصت بناء على شكايات توصلت بها من الساكنة أزيد من 12 مقهى للشيشة بحي السلامة 3 وحده، وعلمت التجديدأن لائحة بأسماء هذه المقاهي وهي (طورينو، الريميني، بيتزا، كريستينا، مونتي بلانكا، سان مارينو، سامي، أنتيكا، القراصنة، البوغازية، الريجيو، كابانا )، سلمت لوالي جهة الدار البيضاء الكبرى، في إطارتدخل السلطات المحلية لإغلاقها.خاصة وأن أغلب هذه المقاهي تقع قريبة من بعض المؤسسات التعليمية، وتستقطب القاصرين. واعتبر شكيب بنموسى، وزير الداخلية، بالبرلمان أن اتخاذ السلطات المحلية لقرارات منع تقديم مادة الشيشو لرواد المقاهي كان ضروريا، نظرا لما تمت ملاحظته من اقتران استهلاك هذه المادة في غالب الأحيان بتصرفات تمس بالأخلاق العامة في انتظار تعزيز الترسانة القانونية بنص قانوني يمنع التدخين في الأماكن العامة بما في ذلك المقاهي. وشدد مهنيون على الحاجة إلى تشريع واضح يقنن منع الشيشة بجميع الأماكن،تشريع شامل ينهي حالة التسيب في التعاطي مع الموضوع، متسائلين عن خلفية هذه الحملات، التي تستثني الكثير من الأماكن بحجة أنها سياحية. وكان بنموسى، أبرز أن المعطيات المتوفرة، تبين أن المصالح الأمنية بالدار البيضاء، مثلا، قامت خلال سنة 2007 بتقديم 79 شخصا للعدالة و176 شخص خلال المدة الممتدة من بداية السنة الجارية إلى متم شهر أبريل الماضي، بتهم ترتبط بترويج واستهلاك تبغ الشيشة بالتقسيط في الأماكن العمومية، وتهم أيضا تهما تتعلق بتسهيل وتشجيع البغاء، وتحريض قاصرات على ممارسته، والتحريض على الفساد والوساطة في البغاء واستهلاك المخدرات. وأن السلطات المحلية والأمنية بالعاصمة الاقتصادية سحبت في شهر فبراير 2008 حوالي 20 رخصة مقهى ضبطت وهي تستعمل الشيشة، تتراوح مدة سحبها ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر.