طولها متران.. وتسع لحم عجلين سمينين بعد أن سبق لمدينتي أكادير وأسفي المغربيتين أن احتضنتا تظاهرتين، تم خلالهما إعداد أكبر «كسكس» وأكبر «طاجين»، ينتظر أن تحتضن ساحة جامع الفنا بمراكش، تظاهرة مماثلة، يتم خلالها إعداد أكبر «طنجية» مراكشية، وذلك يوم 4 أبريل (نيسان) المقبل، الذي يصادف الاحتفال باليوم الوطني لفنون الحلقة. وفي الوقت الذي اعتاد فيه المراكشيون وزوار المدينة أن يتناولوا «طنجية» من أحجام عادية، حسب عدد الأشخاص الراغبين في قتل الجوع، سيبلغ طول إناء هذه «الطنجية» الاستثنائية، متران، وعرضها متر واحد، بحيث تكفي لاستيعاب عجلين سمينين. وستعمد «جمعية حرفيي الحلقة للفرجة والتراث»، التي تقف وراء تنظيم هذه التظاهرة، إلى بناء «فرناتشي» (فران تقليدي)، بمشاركة مجموعة من المتخصصين في إعداد وتحضير وطهي هذه الأكلة العجيبة. ويراهن المنظمون على أن تتحول هذه التظاهرة إلى تقليد سنوي، يساهم في حماية التراث الثقافي بمدينة مراكش. ولإعطاء الحدث طابع الاحتفالية، ارتأى المنظمون أن ينصبوا خياما من الحجم الكبير، بالساحة الشهيرة، مع إقامة منصة يقدم عليها حفل ساهر تنشطه الفرق الغنائية والحكواتيون بالساحة. وقال عبد الحي نافعي، الكاتب (الأمين) العام للجمعية، إنهم اتفقوا مع «رحال»، ممون الحفلات الشهير في المغرب، لتوزيع «الطنجية»، مشيرا إلى أن عدد الكراسي التي ستخصص للتظاهرة سيناهز 6000. وأكد نافعي ل«الشرق الأوسط»، أن نصف ريع التظاهرة سيذهب ل«جمعية للا سلمي لمحاربة داء السرطان»، ونصفه الثاني لدعم أنشطة الجمعية، مشيرا إلى أن توزيع الأكل على رواد الساحة سيترافق مع وضع صندوق تجمع فيه المساهمات المادية. وأضاف قائلا إن قافلة مكونة من أعضاء الجمعية ستزور مدينتي الرباط والدار البيضاء، حيث ستقدم عروضها بقصبة «الوداية» بالرباط وساحة «نيفادا» بالدار البيضاء، في الفترة بين 30 مارس (آذار) الجاري و2 أبريل (نيسان) المقبل، قبل العودة إلى مراكش. وتدل كلمة «الطنجية»، التي ستحتفي بها ساحة جامع الفنا، على معنى مزدوج، فهي إناء فخاري مصنوع من الطين المنتفخ، كما أنها وجبة من لحم الخروف أو العجل تخلط بها البهارات، وتطهى في الإناء ذاته، وتطمر تحت الرماد الساخن للفرن الشعبي. ويتفق الجميع على أن «الطنجية» المراكشية تبقى وجبة عجيبة وغريبة واستثنائية، ليس في مذاقها، فحسب، بل، أيضا، في أصولها وطريقة تحضيرها، فضلا عن أنها وجبة لا تطهى على نار مشتعلة ولا حتى هادئة، بل تطهى على ما بعد اشتعال وخمود النار، وبالتالي على دفء الرماد. وترتبط حكاية «الطنجية» المراكشية، بتاريخ المدينة الحمراء، المعروفة بصناعتها التقليدية. وفي الماضي، كانت مراكش تمتلئ بمعامل تقليدية عرف كل واحد منها باسم «الفْنيدْقة»، كان يشتغل بكل واحدة منها ما بين 20 و30 صانعا، كل بحسب تخصصه. وكانت كل مجموعة من «الصنايعية» أو الحرفيين اليدويين، تكلف فردا متخصصا من بينها لكي يقوم بطهي وإعداد وجبات الأكل. ونظرا لعددهم، وطبيعة مداومتهم على العمل، ابتكروا أكلة «الطنجية»، التي لا تتطلب جهدا كبيرا من حيث التحضير. وكانوا إذا انتهوا من عملهم، مع أذان العصر، قاموا فغسلوا أيديهم وأفرغوا «الطنجية» في صحن خاص، قبل أن تمتد إليها أيديهم. ويقول الحاج مصطفى النكير، الذي يمتلك مطعمين بالمدينة، إن ما تتميز به «الطنجية» المراكشية هو أنها عرفت في البداية كأكلة يعدها الرجال ليأكلها الرجال، ولم تكن تهيأ خلال أوقات الدوام في معامل الصناعة التقليدية فقط، بل إن المراكشيين كانوا يغتنمون راحة يوم الجمعة للخروج إلى حدائق مراكش وفضاءاتها، التي كانت تحيط بالمدينة مثل حدائق «المنارة» و«أكدال»، للنْزهة والترويح عن النفس، بعد أسبوع من العمل الشاق والمتعب. وتشترك «الطنجية» مع مراكش في أن لهما نفس النكهة، تقريباً، حيث تتركان لدى الزائر أو المتذوق طعما خاصا ومختلفا عن كل ما شاهده أو أكله من قبل. وصار معروفا أن كل من نزل بمراكش ولم يتذوق «الطنجية» فكأنه لم يزر المدينة أو يتمتع بنكهتها. الشرق الاوسط