شهدت العديد من مدن الجزائر، في الأيام الأخيرة، احتجاجات واسعة، تطورت إلى مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الأمن. في حركة تذكر بانتفاضة أكتوبر 1988، التي كرس فيها الجزائريون مصطلح "الحكَرة"، لإحساسهم بالقهر والظلم من طرف السلطة، المتمركزة في أيدي جنرالات الجيش والاستخبارات العسكرية، المستفيدين الأوائل من مداخيل الغاز الطبيعي والنفط. وانطلقت الاضطرابات في البلاد يوم 5 يناير الجاري احتجاجا على غلاء المعيشة وظروف الحياة والبطالة وأدت إلى سقوط ثلاثة قتلى، حسب حصيلة رسمية، أعلنها وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، أول أمس السبت، قال إنهم سقطوا في ولايات المسيلة، وتيبازة، وبومرداس، بالإضافة إلى 800 جريح، بينهم 763شرطيا، وحوالي ألف معتقل، حسب الحصيلة نفسها. وتقع المسيلة على بعد 300 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة، وتيبازة على بعد 70 كلم غربها، وبومرداس على بعد 50 كلم شرقها. وذكرت التقارير أن سكان العاصمة استيقظوا، صباح أمس الأحد، دون رائحة الحريق، التي اعتادوا عليها بعد خمسة أيام بلياليها من أعمال العنف في الاحتجاج ضد ارتفاع الأسعار، والتي امتدت إلى كل الولايات. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في الأحياء الشعبية بالعاصمة، منذ الصباح الباكر. وكانت تعليمات صارمة نصت على منع أي تجمع للشباب أمام المباني السكنية، حتى دون الاشتباه في إمكانية تنفيذهم أعمال تخريب. ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول أمني قوله «نريد وأد أي محاولة للتخريب في مهدها». وشارك هذا المسؤول في قيادة العمليات في حي بلكور وسط العاصمة الجزائرية. لكن الوضع الأمني ظل هشا، وقابلا للانفجار مجددا، إذ كان مقررا أن يعود طلبة الجامعات والمدارس، أمس الأحد، من عطلة نهاية الأسبوع، ما يزيد من مخاوف تجدد أعمال العنف بسبب تجمع عدد كبير من الشباب في أماكن متفرقة أمام المؤسسات التعليمية. ووجه اتحاد أولياء التلاميذ نداء عبر الصحف حول «ضرورة مرافقة الأبناء إلى المدارس وتوعيتهم بعدم التورط في أعمال تخريب». وتحدثت الصحف عن تعليمات وجهها وزير التربية «بعدم السماح بخروج التلاميذ من المدارس إلا في الأوقات الرسمية». وكانت أعمال العنف والمواجهات بين المحتجين وقوات الأمن تنطلق، خلال الأيام الماضية، مع حول الظلام. وبما أن الغاضبين تنبهوا إلى كاميرات المراقبة، المنتشرة أمام المؤسسات الرسمية وتقاطعات الطرق الرئيسية، بادروا إلى تحطيم تلك التي تمكنوا من الوصول إليها مع بداية المواجهات. وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية، ولد قابلية، تحدث عن استخدام كاميرات المراقبة والصور المتاحة لدى الهيئات الرسمية لمتابعة «كل من يظهر متلبسا بتخريب ممتلكات عمومية أو خاصة». وفي محاولة لاحتواء غضب الشارع، كانت الحكومة الجزائرية أعلنت إجراءات عاجلة لخفض أسعار بعض المواد الغذائية، مثل السكر والزيت، بتعليق الرسوم الجمركية المطبقة على استيراد السكر والمواد الأساسية، التي تدخل في إنتاج الزيت الغذائي. كما قررت الحكومة إعفاء مؤسسات الإنتاج والتوزيع من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الأرباح بنسبة 41 في المائة من سعر التكلفة. وقالت إن هذا الإجراء سيطبق بأثر رجعي، اعتبارا من فاتح يناير الجاري، ويستمر إلى 31غشت 2011.