إن مفهوم التقليد ليس ذلك الوهم بمحاكاة شيء ما داخل الوقائع المحيطة بلإنسان , بل أكثر من ذلك إنه درجة خالصة من درجات الإطناب والإعجاب أو إن صح التعبير إنه الهيام الذي يشد درجة الذوق الشخصي في محادات الأشياء المتحركة والصامتة , قد يصبح التقليد إندماج وانصهار للذات الفردية داخل الأنماط الفكرية والسياسية والفنية والإجتماعية كيفما كانت الى درجة أنه لايمكن التعرف على المقلد من الأصيل . لايمكن في حال من الأحوال القول بمفهوم التبعية في مجال دراستنا هاته لأنه يوحي بالعبودية والتقيد الشامل في معناه , لم يولد الإنسان على التبعية الخالصة إنما خلق لتفعيل مكتسباته السيكواجتماعية وما إلى ذلك , ان مجرد التفكير في شيء ما يهم المتحرك والصامت هو تفكير في الأساس في الذاتية التي تهم ذلك المبدع الخالق للشئ أي الإقتباس الجريء للمعاني العمومية والخاصة التي هي ملك في الإساس للمقلد . قد يقال أن الإطناب والإعجاب شيئان متلازمان , وقد يتوافق الرئي صحيحا كان أو خطئا , إن الحقيقة التي لا يعتريها الشك هو أن الإعجاب بشئ والتمسك به لدرجة تقليده يؤِدي بالضرورة إلى الإعجاب بالشخص الذي وفر ذلك الإبداع أو ذلك الشئ المستنزف منه , فيصبح المقلد بالضرورة متيما بالشخص الأخر . فالتقليد ماهو إلا إطناب وإعجاب منطقي يؤدي إلى ملازمة إنتاجات وإبداعات ذلك المقلد والتماهي معه ومشاركته شخصيته من خلال مجموعة من الإقتباسات والإسقاطات التي يمكن أن تعود على المقلد بالجمود الدائم وعدم الإبداع الذي شل من خلال التقليد . وهكذا تصبح المحاكات جزء غير مرغوب في العملية الإبداعية رغم الإستثناءات الضرورية طبعا .