خاصة مع صدور فتوى تحرم التسوق من المتاجر التي تبيع الكحول أكد أخصائيون اقتصاديون ومهنيون أن تجربة الفنادق والأسواق التجارية التي لا تقدم ولا تبيع الخمور والمشروبات الكحولية تلاقي نجاحاً شعبياً واقتصادياً متصاعداً في المغرب، بدليل الإقبال عليها وجذبها للزبائن والسياح أيضاً. واعتبر مالك إحدى المجموعات الصناعية والاقتصادية الهامة بالمغرب أنه يحرص على أن تكون مشروعاته الرئيسية من قبيل الفنادق والمساحات التجارية الكبرى خالية من الخمور، مضيفاً أنها رغم ذلك تجد الرواج والقبول الهائل. سياحة بلا خمور ويرى خبير اقتصادي أن التجربة ناجحة كونها على الأقل لا تنخرط في تقديم الخمور للناس، الأمر الذي لا يساهم في رفع التكلفة الاجتماعية والاقتصادية الباهظة أساساً لبيع الخمور في المجتمع المغربي. وتعد المجموعة الصناعية والتجارية "هولدينغ إينا"، التي يملكها ويشرف على تسييرها رجل الأعمال المغربي المعروف ميلود الشعبي، المجموعة المغربية الوحيدة التي تفردت في مجال تدشين فنادق وفتح متاجر كبرى راقية لا تقدم خموراً للزبائن والسياح على حد سواء. وتوجد أكثر هذه الفنادق بمختلف تصنيفاتها في مدينة مراكش، في حين توجد الأسواق التجارية الكبرى التي لا تبيع الخمور بخلاف الأسواق الأخرى في العديد من المدن، وتعرف هذه المساحات التجارية الكبرى باسم أسواق السلام. ويؤكد الشعبي أن فنادقه هذه تعرف نجاحاً وإقبالاً من طرف روادها، مثل الأسواق التجارية التي تمتلكها مجموعته، مستدلاً بنسبة العودة إليها بعد زيارتها أول مرة والتي تتجاوز 4%، بالرغم من عدم تقديم الخمور ضمن خدماتها للسياح الأجانب. وشدد الشعبي على أن تشجيع السياحة بالمغرب لا يمر بالضرورة من تقديم الخمور للسياح في المؤسسات الفندقية، لأنهم لم يأتوا إلى البلاد لهذا الغرض بشكل رئيسي، وإنما جاءوا ليستمتعوا بما تتوفر عليه البلاد من مزايا جغرافية وطبيعية وحضارية وتراثية هائلة. تكلفة اقتصادية واجتماعية وتلقى هذه الفنادق والفضاءات التجارية الكبرى إقبالاً كبيراً من طرف الزبائن خاصة ممن يفضلون عدم ولوج أماكن تقدم الخمور، خاصة بعد صدور فتوى سابقاً للدكتور الريسوني أحد علماء المغرب حرم فيها التسوق من المحلات التجارية الكبرى التي تبيع الخمور. وتتنافس الكثير من الأسواق التجارية الراقية بالمغرب على استقطاب زبائن كثر لاستهلاك هذه المشروبات المحرمة من خلال عروض إعلانية مغرية تُنشر في بعض الصحف والمجلات، رغم أن القانون المغربي يمنع الإعلان للخمور بكافة أنواعها عبر التلفزة ووسائل الإعلام العمومية. وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير في الاقتصاد الإسلامي الدكتور عمر الكتاني في حديث ل"العربية.نت" أن تجربة الفنادق والأسواق الكبرى بلا خمور دلت على نجاح واضح، بدليل وجودها واستمرار اشتغالها وتحقيقها للأرباح المرجوة. وقال الكتاني إن أبرز أرباح هذه الفنادق ليست مالية فقط، فهي بجانب ذلك لا تساهم في الكلفة الاقتصادية والاجتماعية الغالية التي يتسبب فيها بيع وتقديم الخمور في مجتمع فقير يعاني من الكثير من الآفات لعل أحدها استشراء البطالة بين الشباب خاصة. واستغرب المتحدث بأن المغرب لا يزال يعتمد في سياحته واقتصاده على مداخيل الخمور، في حين أن العديد من البلدان الأوروبية تحاريها بسن قوانين متشددة لهذا الغرض، متسائلاً متى تصبح الدولة واعية بأن الخمر لا يحقق أرباحاً حقيقية؟. وأضاف أنه حتى لو كانت هناك أرباح من بيع الخمور في هذه الفنادق والمؤسسات التجارية فإن الله لا يزكيها، مشيراً إلى أن النتائج تعود بالسلب على الأفراد وعلى المجتمع عاجلاً أو آجلاً. وأوضح الخبير أن الدولة ربما تربح كثيراً في ما يخص الضرائب على الخمور، لكنها تخسر كثيراً على مستوى الإنسان بسبب ما يتم بيعه من خمور في الكثير من المحلات والأماكن. ومن بين هذه الخسائر الاجتماعية، يردف الكتاني، حوادث السير الخطيرة، حيث إن حوالي 20% منها تعود إلى سبب السياقة في حالة سكر، فضلاً عن العنف ضد النساء من طرف أزواج مخمورين. وتابع المصدر ذاته أن الأمراض التي تنتج عن هذه الخمور تقتل ببطء وتستنزف طاقة مؤسسات الضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أنه في المغرب لا يوجد أحياناً ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية لبعض الأمراض التي يؤدي إليها تعاطي الخمور.