لقد كاد الدوكير أن يكون فرض عين في كل بيت من بيوت الأسر التنجدادية التي تتنافس على شرائه ولو على حساب الحاجيات الضرورية المنزلية،
فكم من رجل أمسى وأمعائه تعزف على قيثارة الجوع فأصبح ممتطيا دوكيرا يجوب به الشوارع والأزقة، وكم من شاب سافر للعمل وأسرته في انتظار رنة هاتف تخبرهم بالذهاب لاستلام مبلغ مالي ولكنه عاد بدوكير يجول به في القصور والدواوير، وكم من صديق طرق بابه صديقه يطلب النجدة من شبح مرض أهلكه أو دين نخره، فقوبل بلسان يردد "الغالب الله"، ولكن ذلك اللسان نفسه هو الذي يذهب لمساومة دوكير لا حاجة لصاحبه به سوى أنه سقط في سوء فهم للمثل الشعبي الذي يقول "دير ما دار جارك ولى حول باب دارك" إنها هستيريا الدوكير أو الدراجة البلاستيكية التي صنعت ولازالت تصنع أحداثا مؤلمة إبتداء من التفكير فيها، مرورا بشرائها، وصولا إلى ركوبها وما سببته من كوارث تتجلى في حوادث السير التي أصبحت طريق تنجداد مسرحا لها يوميا، والتي خلفت من ورائها قتلى وجرحى ومعطوبين...يشهد دمهم على هستيريا الدوكير ولا شيء غير هستيريا الدوكير. فإذا كان هذا الدوكير قطرة غيث لذوي المسافات البعيد من أبناء تنجداد وهذا أمر لا جدال فيه فإنه على العموم يشكل خطرا حقيقيا يتجسد فيما نراه ونسمعه صباح مساء من قصص تؤلم وتبكي، وتضحك أحيانا ولكن مع مرارة حادة نابعة من الأعماق، ورغم ذلك فلا حياة لمن تنادي. إذن فعلى ما يبدو لي فإنه من الخطأ أن نقول "شرى فلان موتور" فالصواب هو "شرى فلان موتو" أي موته، موت قلب تعلق بالدوكير وتجاهل ما هو أدهى وأمر، وموت نفس نهرت محتاجا في الصباح وهرولت في المساء نحو محلات الدوكيرات، وموت ضمير أصبح لا يفكر إلا في الكماليات ضاربا بالضروريات عرض الحائط، وموت أبدي بفعل سرعة أو تهور أردى صاحبه قتيلا في الحين. وفي الختام أود أن أقول بأنه لو نطق الدوكير لهجتنا واستنكر تصرفاتنا التي لا تليق بمقامه، واستعطفنا من أجل العودة إلى زمن الحمير والبغال... بقلم عمر حمداوي بوابة قصر السوق