المتهمون قدموا تصريحات منافية لتلك التي أفاد بها الباشا تواصل غرفة الجنايات الابتدائية، لدى استئنافية الرشيدية، يوم الأربعاء 10 فبراير الحالي، النظر في ملف الاعتداء الذي تعرض له باشا مدينة مولاي علي الشريف (الريصاني) أخيرا، وهو الملف الذي يتابع فيه سبعة متهمين، خمسة في حالة اعتقال، واثنان في حالة سراح، كان الوكيل العام للملك أحالهم على المحكمة من أجل جناية السرقة الموصوفة المقترنة بظروف الليل والتعدد، واستعمال العنف، والسكر العلني البين، في حق أربعة منهم، مع إضافة جناية حرق وإتلاف وثائق متعلقة بالسلطة العامة في حق واحد من هؤلاء، وشراء وإخفاء أشياء متحصل عليها من جناية في حق اثنين، والاتجار في الخمور بدون رخصة في حق واحد. وتعود الوقائع، حسب مصادر قضائية، إلى شكاية تقدم بها رجل السلطة المذكور (عبد العالي ط، وهو من مواليد 1968 بفاس، متزوج وله ثلاثة أبناء) بتاريخ 25 دجنبر الماضي، ضد أشخاص مجهولين، من أجل الضرب والجرح والسرقة، جاء فيها أنه بتاريخ 25 دجنبر الأخير، بعد أدائه صلاة المغرب بالمسجد، قام بجولة وسط مدينة الرشيدية، على متن سيارته الخاصة، وكان بمفرده، وفجأة، قرر أن يسلك الطريق المؤدية إلى قصر مسكي، من أجل شراء التمر، غير أنه على بعد حوالي أربعة كيلومترات من قصر مسكي، توقف للتبول بجانب الطريق، وأثناء ذلك، تلقى مكالمة هاتفية، من أحد أصدقائه، وأثناء المكالمة، أحس بشخص يأتي من خلفه، ويأخذ منه هاتفه المحمول بقوة، وحين التفت، وحاول المقاومة، انهال عليه شخص آخر بآلة حادة على مستوى الرأس، فشعر بالدم ينزف من رأسه، وبينما هو يحاول وقف النزيف، شاهد ثلاثة أشخاص، اثنان منهم ملثمان، وواحد مكشوف الوجه، متجهين نحو سيارته، ونظرا لجروحه البليغة، على مستوى الرأس، لم يستطع اللحاق بهم، وردعهم عن أفعالهم، فبقي بمكانه بعيدا عن السيارة، يراقبهم وهم يعبثون داخلها ويفتشونها، إلى أن لاذوا بالفرار إلى وجهة مجهولة. بعدها، توجه صوب سيارته ليرى ما يمكن أن يكونوا سرقوه منها، فاكتشف أن بطاقتيه الوطنية والبنكية سرقتا مع مبلغ 120 درهما، ولما أراد أن يشغل محرك السيارة، اكتشف أن مفاتيحها قد سرقت هي الأخرى. حينها، وقف، بجانب الطريق، يلوح للسيارات القادمة في اتجاه الرشيدية، إلى أن توقفت له واحدة، نقلته إلى مستشفى مولاي علي الشريف، حيث قدمت له العلاجات الضرورية، وسلمت له شهادة طبية حددت مدة عجزه في 60 يوما. وأضاف المشتكي أنه يجهل الأشخاص الذين اعتدوا عليه، لأن الوقت كان ليلا، واثنين منهم كانا ملثمين، وأنه، ومن داخل المستشفى، اتصل بأحد أصدقائه، الذي ذهب إلى منزله، وأخذ المفاتيح الاحتياطية للسيارة، وأخبر زوجته التي لحقت به إلى المستشفى، ثم ذهب لإحضار السيارة من مكان الحادثḷ بعدها، اتصل المشتكي بقسم الشؤون العامة بالعمالة، وأخبره بالحادث الذي وقع له. ورغم تمشيط رجال الدرك للمكان الذي زعم المشتكي أنه اعتدي عليه فيه، لم يتوصلوا إلى أية نتيجة تذكر، والنتيجة نفسها وصل إليها تقنيو التشخيص القضائي للدرك الملكي بعد تمشيطهم السيارة التي سرق منها الهاتف والوثائق الشخصية للمشتكي، حيث لم يصلوا إلى أي دليل أو بصمات من شأنها أن توصل إلى المتورطين في حادث الاعتداء، سيما أن المشتكي غسل سيارته يومين بعد الحادثḷ بعدها، بعث المحققون بطلب تشخيص لرقم الهاتف النقال المسروق إلى مختلف الفاعلين في مجال الاتصال بالمغرب. وبعد أيام، توصلوا من مصلحة التشخيص القضائي بالرباط بكشف بياني يوضح المكالمات المرسلة والواردة من وإلى الهاتف المحمول المسروق، وبفضلها اهتدوا إلى صاحب الرقم، وهو شخص يتاجر في الهواتف المحمولة، ومن خلال التحقيق معه، تبين أنه اشترى الهاتف المسروق من شخص يقطن بقصر مولاي امحمد، بجماعة الخنك، بالرشيدية، وبعد أن نصب له كمين، اعتقل وثلاثة من شركائه. وحسب محاضر الضابطة القضائية، فإن المتهمين كشفوا عن حقائق مثيرة، بينت أن الباشا المشتكي حاول تضليل العدالة، وأنه أدلى ببيانات كاذبة بخصوص المكان الذي وقع به حادث الاعتداء، ومن كان معه لحظتها... وهكذا، جاء في اعتراف المتهم الأول (لحسن ب. 1977، فلاح، متزوج وأب لطفلين) أنه ذات جمعة، اقتنى وأخاه اسماعيل وصديقاه عزيز أ. ومحمد ص. بعض المشروبات الكحولية، وذهبوا إلى جانب حائط مقبرة قصر مولاي امحمد، وجلسوا يحتسونها. وبعد المغيب، حوالي الساعة السابعة مساء، شاهدوا سيارة صغيرة الحجم تدخل المقبرة، وتطفئ الأنوار، وتوقف المحرك. بعدها، سمعوا قهقهات وضحكا ينبعث من داخل السيارة، فتبين لهم أن بداخل السيارة رجلا وامرأة, فاتفقوا على السطو على السيارة وسرقة راكبيها. عندها، قاموا بستر وجوههم بلثام، وتسللوا خلف السيارة، لكي لا يراهم السائق، ثم قام لحسن رفقة صديقه محمد بفتح باب السائق محاولين مباغتته، إلا أنه نزل مهرولا، ولكمه على مستوى الوجه، ما جعل المعتدي يفقد توازنه، بعدها، رجع المعتدى عليه خلف السيارة، ونزع جلبابه، وعاد ليلكم محمد على مستوى وجهه، ثم ركله مسقطا إياه على الأرض. ما جعل هذا الأخير يحمل قنينة نبيذ فارغة، ويضرب بها السائق على رأسه، وفي هذه الأثناء، حمل لحسن بدوره قنينة أخرى فارغة، وضربه بها على رأسه أيضا. ولأن المرأة التي كانت صحبة الباشا بدأت تصيح مستنجدة، فقد تدخل اسماعيل، وأوقف الاعتداء، مانعا أخاه وصديقيه من مواصلة العراك. وهنا، دخل محمد وعزيز إلى السيارة وفتشاها، طالبين من السائق تسليمهما ما لديه من أشياء ثمينة وذات قيمة، فرد عليهما بأن يأخذا الهاتف النقال الموجود داخل السيارة، لكن مرافقته أوضحت أنها سلمت الهاتف المحمول لاسماعيل، ثم أخذت تتوسل إليهم كي يتركوهما وشأنهما، مخبرة إياهم أن خليلها شخصية مهمة في الدولة. ولأن دم السائق كان ينزف بقوة من رأسه، ولأن ملابسه كانت تلطخت بالدماء، كما تلطخت ملابس محمد، فقد أحس المعتدون بالفزع والخوف، فغادروا المكان، قبل افتضاح أمرهم. التصريحات نفسها أكدها باقي المتهمين: محمد ص. (1990، مياوم، أعزب)، واسماعيل ب. (1988، مياوم، أعزب) وعزيز أ. (َ1980، مياوم، أعزب) مضيفين أنهم بعدما انصرفوا، أحرقوا وثائق المعتدى عليه، سيما لما اطلعوا على بطاقته التعريف الوطنية، وتبين لهم أنه "قائد" وأنهم، خلال اليوم الموالي، تخلصوا من الهاتف المحمول ببيعه للمتهم الخامس، واقتسموا ثمنه. غير أنه، عند تقديم المشتبه فيهم أمام النيابة العامة، تضيف مصادرنا، اعترف أربعة منهم بحالة السكر التي كانوا عليها، كما اعترف بعضهم بواقعة العنف، إلا أنهم أنكروا جميعا واقعة السرقة وإتلاف الوثائق الخاصة بالمشتكي، أما المتهم السادس الذي اتهموه بأنه هو من باعهم الخمر، فأنكر المنسوب إليه، كما أنكر المتهم السابع علمه بمصدر الهاتف المسروق. يشار إلى أن النيابة العامة أفردت ملفا خاصا لخليلة الباشا "خديجة ص" (1983 بقصر سرغين، عاطلة، عازبة)، التي كان مختليا بها، على متن سيارته الخاصة، بالمقبرة، ساعة الاعتداء، وقررت متابعتها بمفردها من أجل جنحة "التحريض على الفساد"، رغم نفيها معرفتها به، وذلك، بعدما تعرف عليها المتهمون بالاعتداء على الباشا. وعرضتها، في حالة اعتقال، على المحكمة التي قررت، في جلسة أولى، متابعتها، في حالة سراح مؤقت، مقابل أداء كفالة، أما في الجلسة الثانية، التي عقدت الاثنين الماضي، والتي لم تحضرها المتهمة، فقررت المحكمة تأجيل النظر في هذا الملف إلى غاية 12 أبريل المقبل. علي بنساعود (عن جريدة الصباح)