تحولت رواية "الإخوة كارامازوف" للكاتب الروسى الكبير فيودور دوستويفسكى إلى مسلسل تلفزيونى على الشاشة المغربية. وقال مخرج المسلسل شفيق السحيمى كما نقلت عنه صحيفة "اليوم السابع" المصرية إن الرواية تتحدث عن كثير من المسائل المهمة بالنسبة للروس والعرب على حد سواء، وخاصة قضايا الفرد وعلاقته بالمجتمع، والروابط الأسرية والتربية، والعلاقة بين الدين والدولة، وقبل كل شىء المسئولية الإنسانية التى يتحملها كل شخص تجاه الآخرين. تعد رواية "الإخوة كارامازوف" بانوراما دوستويفسكي المؤمنة بعمق بالمعتقدات الراسخة وجود الرب وخلود الروح وحرية المرء والحال المشئومة للعالم القائم بدون إله على مبادئ نسبية فقط. لقد عالجت "الإخوة كارامازوف" كثيراً من القضايا التي تتعلق بالبشر، كالروابط العائلية وتربية الأطفال والعلاقة بين الدولة والكنيسة وفوق كل ذلك مسؤولية كل شخص تجاه الآخرين. تعتبر هذه الرواية تتويجا لعمل حياته، أمضى قرابة عامين في كتابة هذه الرواية، والتي نشرت في فصول في مجلة "الرسول الروسي" وأنجزها في نوفمبر عام 1880. تحكي الرواية عن كرامازوف العجوز الجشع المزيف الذي تزوج مرتين و أنجب "ديمتري" صاحب الأخلاق المنحطة، الابن الثاني هو "ايفان" الفيلسوف السجين في ذكائه والتائه في عقله حدّ القرب الشديد من الحقائق المطلقة والابتعاد عنها بذات القدر؛ هو روح ضالة يردد في الرواية كثيرا قول "إن لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح حتى الجريمة"، "اليوشا" هو الثالث بين الأبناء وهو الذي اتّجه إلى حياة الكهنوت، "سمردياكوف" الابن الرابع الغير شرعيّ والذي فقد نصف عقله في نوبة سكر، متوحش و شرير ومزيج هزلي من إخوته الآخرين . يقتل ديستوفسكي العجوز، و الأدلة كلّها تدين "ديمتري" بينما القاتل هو "سمردياكوف" الذي اتخذ من صراعات الفيلسوف "ايفان" قاعدة لتبرير جريمته. منذ إصدار هذا العمل، تهلل جميع أنحاء العالم من قبل المفكرين متنوعة مثل سيجموند فرويد، البرت اينشتاين، وبينيدكت السادس عشر باعتبار الإخوة كرامازوف واحدة من الإنجازات العليا في الأدب العالمي. قال عنه فرويد: "لقد تعلمت سلوك النفس البشرية من روايات ديستوفسكي"، وهو روائي عظيم حقاً، كتب مجموعة من الروايات تدور تقريباً جميعها عن السلوك الإنساني وتحليل السلوك البشري بطريقة فنية، أدبية رائعة، ولازالت تحظى برواج كبير بين القراء وبين الذين يدرسون السلوك البشري. قال عنه سلامة موسي: ثلاثة يمثلون العبقرية البشرية: نابليون الذي يمثل عبقرية الإرادة، واينشتين الذي يمثل عبقرية الذهن، وأخيرا دوستويفسكي الذي يمثل عبقرية الإحساس. فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي ( 11 نوفمبر 1821 - 9 فبراير 1881 ) ولد في سان بترسبورج ، بروسيا، يعد واحدا من أكبر الكتاب الروس، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين، شخوصه دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الهاوية، ورواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في ذلك الوقت. ومن رواية "الإخوة كارامازوف" نقرأ: قال"إيفان": - قل لي: أنت أريتني هذا المال الذي كنت تخبئه عندك، لتقنعني بصدق ما رويته لي، أليس كذلك؟ فنحّى "سمردياكوف" الكتاب السميك الأصفر، الذي كان يغطي حزمة الأوراق المالية، وقال متنهداً: - خذ المال واحمله معك. - سأحمله طبعاً.. ولكن لماذا تردّه إليّ الآن وإنت إنما قتلت لتحصل عليه؟ كذلك سأله "إيفان"، وهو ينظر إليه بدهشة كبيرة. فأجابه "سمردياكوف" بصوت مرتجف، وهو يحرك يده بحركة ملل وسأم: - أصبحت لا أريد هذا المال! لقد قدرّت خلال مدة ما أن أبدأ بهذا المال حياة جديدة في موسكو، أو قل أيضاً أن أسافر إلى الخارج.. كان لي هذا الأمل، ولا سيّما أنك كنت تقول: "إن كل شيء مباح".. أنت علمتني أن أفكر هذا التفكير، وأن أقضي في الأمور على هذا النحو.. كنت تقول لي دائماً: "إذا لم يوجد الإله الذي لا نهاية له، فالفضيلة إذن باطل لا جدوى منه، ولا داعي إليه".. هكذا كنت تفكر أنت، ولقد استندت أنا إلى أقوالك، واعتمدت عليها. سأله "إيفان"، وهو يبتسم ابتسامة ساخرة: - ثم توليت تطبيق هذا التفكير بنفسك في هذه الجريمة.. أليس كذلك؟ - نعم.. مستوحياً آراءك. - والآن.. هل عدت إلى الإيمان بالله، ما دمت تردّ إليّ المال؟! دمدم "سمردياكوف" يقول: - لا.. . أنا لا أؤمن بالله. - فلم تردّ إليّ المال إذن؟ قال "سمردياكوف"، وهو يحرك يده بحركة ملل وسأم من جديد: - كفى! فيم يهمك هذا؟ أما كنت تقول عندئذٍ أن كل شيء مباح؟ فما بالك تضطرب الآن هذا الاضطراب كله، حتى لتنوي أن تشي بنفسك؟ على أنك لن تفعل ذلك.. لا.. لن تشي بنفسك.. . لن تشي بنفسك. كذلك ردد "سمردياكوف" بصوت جازم ينمّ عن اقتناع كامل. فأجابه "إيفان" بقوله: - سترى! - هذا مستبعد استبعاداً مطلقاً.... أنت أذكى من أن تفعل ذلك.. أنت تحب المال.. أعرف هذا، وأنت تحرص كثيراً على أن يحترمك الناس، لأنك مزهو متكبر.. ثم إنك عدا ذلك تتأثر تأثراً شديداً بمفاتن الجنس اللطيف، وأنت فوق هذا كله تحب أن تعيش على ما يشاء لك هواك، دون أن تكون رهناً بأحد.. أنت تحرص على هذا أكثر مما تحرص على أي شيء آخر، ولن تريد أن تفسد حياتك هذا الإفساد بتلطيخ شرفك إلى الأبد أمام المحكمة.. أنت تشبه "فيدور بافلوفتش".. أنت بين سائر أبنائه أكثر شبهاً به، لأنك قد ورثت عنه نفسه. قال "إيفان" وقد ظهر عليه الإعجاب بملاحظات "سمردياكوف"، وتدفق الدم إلى وجهه: - - لست بالغبي.. كنت أظنك في الماضي أبله!