إهداء :إلى ريما آملا أن يخفف هذا من معاناتها تلك الجالسة هناك بلباسها الأسود تحت الشجرة ... كانت إذا ما ضحكت ، تشرق الشمس في غير موعدها... وإذا ما مشت ، ترقص حولها الأشياء والأرواح ... هاهي الآن نسيا منسيا ... تأتي كل مساء إلى هذه الحديقة تجلس في مكانها المعتاد ، تغوص في ذاتها ، وتبكي في صمت ... اقترب منها ، توقف قبالتها وحياها : مساء الخير أحلام ... اهتزت من مكانها ونظرت إليه من وراء نظارتها الطبية ... السماء ملبدة بغيوم داكنة ... كانت إذا ما نظرت ، انطلقت رموش عينيها سهاما إلى القلب... قالت :أتعرفني يا سيد؟ قال : فكري ... أنا فكري...أتذكرين فكري ؟ أشرق الوجه ولمعت العينان ، فاختفت الغيوم في رمشة عين وبانت زرقة السماء... قالت وهي ترتعد : لايمكن ...أكيد أنني أحلم... قال ضاحكا : بل أنا ...أنا فكري ... قالت : وأين اختفيت؟ قال : بعد الذي جرى هاجرت ...وأنت؟ قالت :أنا ...أنا انتحرت ... وتلبدت السماء بالغيوم من جديد .. فمد إليها يده قائلا : أتسمحين ؟ مدت يدها دون تردد ونهضت ،وسارا ويدها كالجمر في يده... قالت :كيف عرفت أنني هنا ؟ قال : وهل غبت عني لحظة ؟ ابتسمت وقالت :عشرون سنة مرت على آخر لقاء ...شخنا يا فكري ... قال : وعيناه تلمعان : ليس بعد أحلام ... أوصلها إلى البيت ذاك المساء في وقت متأخر ... وفي اليوم التالي كانا باكرا في إحدى المقاهي ، ثم في محل لبيع المجوهرات اليد في اليد... وفي اليوم الثالث كانا يستقلان الطائرة في اتجاه الشمس التي كانت تتلألأ ذاك الصباح في مداها اللازوردي كعروس