شكل السماع والمديح جانبا هاما من التراث الموسيقي والغنائي الزاخر الذي تميز المغاربة بالمحافظة عليه وتوارثه عبر الأجيال المتعاقبة منذ قرون خلت، ويعود صمود هذا الفن لمرجعيتة الصوفية في مدينة القصر الكبير ، وهي التي طالما وصفت بأنها أرض الزوايا والأولياء، تعاقبت أجيال وشيوخ على هذا اللون . عبرالتاريخ ومن ضمن شيوخ السماع والمديح محمد المهدي الطود ، عبد القادر الطود ،بلحاج الرفاعي وعبد القادر القباج واحمد السفي عبد السلام الزموري ولد الزاوية وادريس بلحاج وبوغالب الديوري ومحمد الشريف القجيري والشريف الوزاني ،وزمامة وغيرهم ، إلا أن هذا الجيل وبعد وفاة العديد من رموزه وحفاظا على هذا الترات تكفلت تلة من محبي هذا اللون لاستكمال المسيرة ومنهم الحاج البشير الزرهوني الكشوري ، لقد ساهمت تربيته في كنف أخواله أسرة الغرابلي أن ينشأ في أجواء الاحتفالات الدينية كالمولد النبوي، فكانت تقام الحفلات في الزوايا وفي المنازل، ويتم فيها التغني بالقصائد والمولديات والمقطعات الشعرية المديحية، اسعفني الصديق محمد الساحلي مشكورا وجمع معي مادة هذا البورتريه. "البشير بن علال الزرهوني الكشوري من مواليد مدينة القصر الكبير سنة 1943 من والده الحاج علال الكشوري الزرهوني احد ابرز علماء مدينة القصر الكبير و مدير المعهد الديني للتعليم الأصيل بها و أمه حبيبة الغرابلي الجعفري المنتمية إلى هذه الأسرة القصرية المحافظة . حفظ المرحوم القران الكريم و هو ابن الثالثة عشرة من عمره على يد شيخه الفقيه الغافقي الجزار و بالموازاة مع ذلك تابع دراسته الابتدائية و التوجيهية بالقصر الكبير ثم سافر إلى فاس لإتمام دراسته الثانوية حيث حصل على شهادة البكالوريا من ثانوية القرويين و اشتغل عقب ذلك بالتدريس. أثناء تواجده بفاس انفتح على فن المديح و السماع من خلال التقائه بأحد ابرز رموزه على المستوى الوطني المنشد و المقرئ الفقيه الحياني الجابري الذي نهل منه و تعلم على يده أبجديات هذا الفن . كما التقى الراحل بأبرز مسمعي مدينة القصر الكبير و نهل منهم . منذ سنة 1974 و الراحل ينتمي للنخبة الوطنية التي تحضر المناسبات بالقصر الملكي عاصر المرحوم أبرز نجوم السماع على المستوى الوطني و شارك معهم في مختلف المناسبات و شهدوا له بالبراعة و حسن الخلق كما ساهم من خلال جمعيةعلي ابن ابي غالب التي كان يترأسها و كذا من خلال الزوايا من تأطير جيل كبير من المسمعين بالقصر الكبير. حظي الراحل قيد حياته بتكريم من مؤسسة القصر الكبير للتنمية عرفانا له على المجهودات التي يبدلها في تعليم و نشر فن السماع بالمدينة و حظي كذلك بعد وفاته بتكريم من جمعية أبي المحاسن للمديح و السماع إذ أطلقت على مهرجانها الدولي اسم الفقيدالحاج البشير الكشوري و تم تكريمه وسط حفل من كبار المنشدين على المستوى الوطني و الدولي. توفي الفقيد سنة 2010 تاركا وراءه مسيرة سماعية وإنشادية حافلة و كما هائلا من برامج الأمداح التي صاغها بحرفيةًعالية و تسجيلات متلفزة سواء على مستوى الطرب الأندلسي مع جوف الإذاعة أو على المستوى السماعي بالتلفزة المغربية القناة الأولى و بالقناة الثانية و بقناة اقرأ و تاركا أيضا بصمة حب و احترام في نفوس مكونات المشهد الثقافي القصري عامة و نفوس كل من عشق فن المديح و السماع بالقصر الكبير و خارجه . وفي مرثية للشاعر الطيب المحمدي: يا بشير الاسم زرهون الندا *يارفيقا في "مسير" او " مسيد " مجلس الامداح الاكم عفا * عن عداكم شح ما اضحى مجيد لامس الحزن قلوبنا فانتهت * مرتعا في نبضها غم شديد في عيون الاهل دمع جامد * مذرف ، هيهات رحم الله الحاج البشير الكشوري الزرهوني و أسكنه فسيح جنانه