بابتسامته الجميلة المضيئة ، يترك في نفسي أثرًا إيجابيًّا ويحرَّك فيها أشياء كثيرة جميلة، كلما التقيته إلا وسارعت بتقبيل هامته ،سي عبد السلام بنمسعود رجل يعيش في كَنفِ أخلاقه النبيلة، قلَّت بيننا اليوم للأسف الشديد،يصر أن يحييها، أن يمنحها بعضًا من دماء الحياة؛ كي لا تندثِر وتختفي ، هو عنوان لكل شيء جميل ،سماحة الوجه تمنحك الطمأنينة ، جارنا لأزيد من أربعين سنة ،وحسن الجوار أروع ما يقدمه الإنسان لأخيه الإنسان ،ما أحوجنا إليها اليوم، سي عبد السلام بنمسعود يصر آن يحافظ على جذوتَها ولا يضيعها. وكأني به يتمثل بيتا شعريا لابن عربي إنَّ المهيمنَ وصَّى الجّار بالجَارِ * * * والكُلُّ جارٌ لرَّبِّ النَّاسِ والدَّارِ ولكن الجار الذي أحدتكم عنه جار استثنائي ،أنيق بمظهره وأنيق بصمته وأنيق بكلامه، أنيق بعتابه وأنيق بحبه.والأناقة لديه أسلوب حياة ، يجر تاريخا وراءه حافلا بالنضال ، ولد سنة 1934 والحركة الوطنية بدأت تظهر ملامح تشكلها ، يدخله والده المرحوم الحاج محمد بنمسعود احد تجار وفلاحي المدينة إلى المسيد بعدها ينتقل إلى المدرسة الأهلية ثم المدرسة القرآنية ونشط ضمن فرقة التمثيل بها ، والمعهد الاسباني ولكنه آثر أن يواصل تعليمه بالمعهد الديني ، نجح في الالتحاق بسلك التدريس وعين معلما سنة 1954 بمنطقة بني حسان لينتقل بعدها إلى مدرسة فاطمة الأندلسية فمدرسة سيدي بوحمد ، استوعب مبكرا مستجدات التربية والتعليم وكان أول من ألقى درسا نموذجيا في إطار توحيد منهجية التدريس بين الشمال والجنوب ويكون بذلك من الأوائل الذين وضعوا خارطة الطريق لمدرسة مغربية وطنية بعد الاستقلال ، وباقتراح من مدير الثانوية المحمدية ينتقل للعمل بالتعليم الثانوي ، تم تسند إليه مهمة الحراسة العامة ، ثم إدارة إعدادية آبي المحاسن وكان له شرف افتتاحها وتسميتها تيمنا بالعالم القصري" أبو المحاسن يوسف الفاسي " ويكون بذلك قد أعاد الاعتبار لهذا الاسم الذي كاد يطويه النسيان ليتقاعد و.ليختم حياته التربوية بهذا الفعل النبيل ، وخلال هذا المسار الدراسي والمهني لسي عبد السلام بنمسعود مسار موازي آخر ، هو عضو مؤسس لفرع الكشفية الحسنية وكاتب للشبيبة الاستقلالية حضر المؤتمر الوطني الأول لحزب الاستقلال وساهم في مناقشة أوراق المؤتمر وتوصياته وانتخب عضوا في لمجلس الوطني لعدة دورات ، اعتذر عن تقلد مهام وطنية بالمركز الرئيسي للحزب واعتذر ، لسي عبد السلام بنمسعود صولات وجولات في مقاومة المستعمر ، الشاب الذي دوخ المستعمر ما أن اشتد عوده وبدأ يعي خطر المستعمر ليعمل بمعية مجموعة من الشباب لتأسيس تنظيم سري بالمدينة سمي ب " تنظيم محاربة الاستعمار " وعمل على تأسيس جمعية "حماة الشعب " كتب في إحدى مسوداته عن هذه الجمعية ( فكانت لجمعية حماة الشعب المبادرة الجريئة بإصدار بيان تدعو فيه القادة إلى الوحدة وتظافر الجهود لتحقيق النصر الموعود في معركة التحرير والانعتاق من ربقة الحماية الغاشمة ) وضمت الجمعية كل من المرحوم العياشي الحمدوني -المرحوم إدريس المراكشي – المرحوم عبد القادر وية – المرحوم محمد العمراني – المرحوم الحاج محمد العلمي الوراكلي – المرحوم عبد الرحمان الروسي المرحوم إدريس الحراق إضافة إلى سي عبد السلام بنمسعود اطال الله عمره ، كان في طليعة المظاهرة المطالبة بالاستقلال وضد مؤامرة عزل الشمال عن الجنوب ، وبجرأة يأخذ الكلمة أمام المراقب المساعد الذي أمر عساكره بإلقاء القبض عليه الا أن السي عبد السلام يتمكن من الانفلات ويهرب الى مدينة طنجة ليلتقي هناك بالزعيم عبد الخالق الطريس ويطلعه على تفاصيل الحدث ، وفي مبادرة جريئة هي الأخرى يعمد التنظيم إلى القيام بحملة بالمدينة لمقاطعة احتفال أقامه الاستعمار لإلهاء الساكنة عن حدث نفي محمد الخامس ، وهي الحملة التي استجابت لها الساكنة ، مما اضطرت السلطات الاستعمارية النزول بجيشها بلباس مدني للتمويه على المقاطعة، بعدما أصبحت جدران المدينة مليئة بالكتابات الداعية لها ، ليلقى القبض على السي عبد السلام بنمسعود والعلمي الوراكلي والمجاهد البقالي وعبد الرزاق الديوري والعياشي الحمدوني ويساقون إلى السجن بعد أن نالوا حصة من الجلد والتعذيب على مرآى الباشا الملالي الرميقي والمراقب الجهوي وحاكم المنطقة العسكري ، وفي تفاعله مع حدث اختطاف طائرة القادة الجزائرين ساهم في تنظيم مظاهرة منددة بهذا الاختطاف ، بداية الاستقلال تمت دعوته كشاب متنور ليسر إحدى مكاتب البلدية ليغادرها بعد سنة مفضلا العمل بحقل لتعليم لتتوالى أنشطته السياسية والجمعوية ، وما سعى وراء امتياز جراء ما قدمه لبلده هو وثلة من الوطنيين المخلصين ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر … هكذا عاش الأستاذ عبد السلام بنمسعود حياة نضالية مشرقة متألقة, شامخا,مدافعا,عن وطنه ,يعطى مثالا ملهما للأجيال في نضالها وحياتها. وقدم مثلا أعلى في الصمود والتضحية. فتحية لرمز الشموخ والصلابة الأستاذ عبد السلام بنمسعود .