الفرع الاول: مسؤولية الجماعات المحلية على أساس الخطأ: إن المشرع المغربي إذا كان قد أرسى قواعد مسؤولية الجماعات المحلية على فكرة الخطأ،فإنه لم ينظر الى فكرة الخطأ من خلال قواعد القانون المدني ، وإنما جاء بفكرة الخطأ المصلحي والخطأ الشخصي كأساس لفكرة الخطأ في القانون الإداري. وفي هذا الجانب ينبغي التمييز بين الخطأ المصلحي والخطأ الشخصي. فالخطأ المصلحي هو الخطأ الذي ينسب الى المرفق العام ذاته، اي إلى المجلس الجماعي بمختلف مرافقه ومصالحه ، وفي هذه الحالة تقع المسؤولية على عاتق الجماعة قروية أو حضرية فهي التي تكون مسؤولة عن دفع التعويض عن الضرر الحاصل من ميزانيتها. أما الخطأ الشخصي ، فهو الخطأ الذي ينسب الى الموظف إما بسبب ارتكابه الخطأ الجسيم أثناء ممارسته لعمله داخل الجماعة أو نتيجة أعمال تدليسية ، أو أخطاء تسبب فيها أحد أعوان الجماعة في حياته الخاصة اولا : الخطأ الشخصي: من الأمور المسلم بها هو أن القضاء والفقه لم يتوصلا الى وضع معيار محدد يميز الخطأ الشخصي عن الخطأ المصلحي . وفي إطار الاجتهادات الفقهية ، تم تقديم عدة نظريات لتعريف الخطأ الشخصي وتمييزه عن الخطأ المصلحي ، ومن بين هذه النظريات نذكر على سبيل المثال فقط لا الحصر معيار (لافريبر) الذي يعتبر أن الخطأ يكون شخصيا اذا كان العمل الضار مطبوعا بطابع شخصي ، يكشف عن الإنسان بضعفه وشهواته وعدم تبصره ، أما إذا كان العمل الضار غير مطبوع بطابع شخصي ، وينبني عن موظف عرضة للخطأ والصواب ، فالخطأ يكون في هذه الحالة خطأ مصلحيا. ولقد تعرض المشرع المغربي لحالة الخطأ الشخصي في الفصل 80 من ظهير الالتزامات والعقود حيث نص في هذا الصدد بأن مستخدموا الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الاضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الاخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم. إن النتائج التي تترتب عن اعتبار الخطأ شخصيا، تتمثل في كون الموظف المرتكب لهذا الخطأ يسأل شخصيا، بحيث يجب أن ترفع دعوى التعويض ضد الموظف وليس ضد الجماعة، وأن التعويض يؤدى من ماله الخاص وليس من ميزانية الجماعة ، ما عدا في حالة واحدة نص عليها الفصل 80 من ظهير الالتزامات والعقود : ( ولا يجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها) وفي هذه الحالة الاخيرة يمكن للجماعة اذا ما تحملت عبء التعويض بسبب إعسار الموظف أن ترجع عليه ذلك باقتطاع مبلغ التعويض من راتبه على مراحل. كما أن الخطأ الشخصي للموظف يخضع لقواعد القانون المدني ، ولا يطبق عليه القانون الاداري ،والمحاكم القضائية العادية هي المختصة للبث في هذا النزاع. في الحلقة المقبلة : ثانيا : الخطأ المصلحي