صدر مؤخرا مؤلف للدكتور عزيز الحساني تحت عنوان " الحماية الاسبانية، من خلال الكتابات التاريخية بشمال المغرب. 1912-1956 " ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. إن موضوع هذا العمل في الاصل أطروحة حضرها الباحث لنيل الدكتوراه في التاريخ المعاصر من كلية الاداب والعلوم الانسانية بتطوان سنة 2015، وقد سعى المؤلف إلى البحث عن الصورة التي أنتجها مؤرخو شمال المغرب –من حيث كونهم نخبة ثقافية وسياسية- حول الحماية الاسبانية بالمنطقة الخليفية. إن موضوع المؤلف يندرج ضمن الإسطوغرافيا، أي التاريخيات، كحقل علمي جديد له مقوماته وقضاياه ومناهجه الخاصة، حيث أصبح هذا الحقل التاريخي في السنين الأخيرة يشق طريقه بتبات داخل ميدان البحث التاريخي بالجامعة المغربية. يتأسس عمل الدكتور عزيز الحساني هذا على نصوص الكتابات والمدونات التاريخية التي عاصر مؤلفوها مرحلة الحماية الاسبانية، وكتبوا عن المرحلة انطلاقا من مشاهداتهم المباشرة واحتكاكهم اليومي مع أحداث تلك الفترة، فمؤرخي شمال المغرب كأحمد الرهوني ومحمد داود والتهامي الوزاني والعربي اللوه وغيرهم، ساهموا في صنع أحداث فترة الحماية، ويعدون مسؤولين فيها، الأمر الذي يعطي لكتاباتهم وشهاداتهم عن الفترة المذكورة قيمة علمية أكبر. ولعل من أبرز الجوانب والقضايا المتصلة بالحماية الإسبانية، التي تناولها مؤرخو شمال المغرب في كتاباتهم وإنتاجاتهم المختلفة، نجد تناول أحداث ووقائع المقاومة المسلحة التي واجهت الإحتلال العسكري الإسباني، سواء بالمناطق الغربية أو الريفية. ثم الحديث عن نشأة وتطور الحركة الوطنية بالمنطقة الخليفية، وبالأخص ابتداء من سنة 1930 ومساهمة تلك الحركة في إنهاء الوجود الاسباني بالمنطقة وحصولها على الاستقلال سنة 1956، سواء أثناء مطالبتها بإدخال الإصلاحات المختلفة إلى المنطقة أو خلال مرحلة المطالبة بالاستقلال. وفي تقديمه للمؤلف يقول المندوب السامي الدكتور مصطفى الكثيري " ويعتبر هذا البحث الأكاديمي الرصين والقيم للباحث عزيز الحساني إضافة نوعية إلى رصيد الكتابات التاريخية في هذا الموضوع، الذي يتناول حضور الحماية الإسبانية في كتابات مؤرخي المنطقة الشمالية. الأمر الذي من شأنه إماطة اللثام عن جوانب عديدة ظلت مغمورة لفترات طويلة. وخصوصا ما يرتبط بأعمال المقاومة المسلحة، ونشاط الوطنيين ضد السلطات الاستعمارية الفرنسية والإسبانية على حد سواء. وقد استأثر اهتمام المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بهذا الموضوع الذي يثري رصيد الذاكرة التاريخية الوطنية، ويزيل الغبار عن جوانب مهمة من تاريخ المنطقة الشمالية خلال فترة الاستعمار الإسباني، الأمر الذي من شأنه أن يسد الخصاص المعرفي في الدراسات التاريخية، التي تعاني منه منطقة مشهود لها بنضالاتها الرائدة وتضحياتها الجسام في سبيل التحرر من النفوذ الأجنبي.