نزولا عند رغبة العديد من المهتمين الراغبين في التعرف على تفاصيل الرحلة الجبلية مشيا على الأقدام، من قبيلة أهل سريف إلى ضريح مولاي عبد السلام، ارتأيت نيابة عن المجموعة أن أقدم هذه المعلومات المتواضعة عن المسار الذي قطعته الرحلة، معززا بخرائط توضيحية وأعمال كرافيكية تقدم معطيات إحصائية مهمة، يمكن من خلالها التحضير بشكل جيد للرحلة وتلافي كل منغص لها، وسنحاول بشكل موجر التوطئة بنبذة تاريخية عن خطى الأجداد نحو مقام الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش. ارتبطت قبائل غمارة – وبالأخص منطقة جبالة – روحيا وعبر التاريخ بمقام الولي الصالح دفين جبل العلم بقبيلة بني عروس مولاي عبد السلام بن مشيش، وارتبطت أهم أحداث هذه القبائل به، فكان المقصد لعقد اتفاقيات الصلح بين القبائل المتصارعة، ومكانا لتجمع جيوش المتطوعة من أبناء المنطقة للجهاد ضد الغزاة الأجانب، وفيه توثق العقود … ونظرا للأهمية الروحية لمولاي عبد السلام بالنسبة لهذه القبائل، فقد كانت كل واحدة منها تنظم ركبا للراغبين في زيارته، وكانت الرحلة إلى المقام تتم مشيا على الأقدام والبغال عبر مسالك جبلية وعرة قد تمتد لأيام حسب البعد الجغرافي لتلك القبيلة عن جبل العلم حيث ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، غير أن التطور الذي عرفته وسائل النقل وما صاحبه من تشييد للطرق المعبدة وغيرالمعبدة جعلت ساكنة المنطقة تفضل وسائل النقل الحديثة وتتخلى عن المسالك الوعرة التي كانت تسلكها مشيا على الأقدام أو بالبغال، وهو ما أدى إلى اندثار أغلبها بسبب ما اعتملته فيها ظاهرة التعرية. وتعد قبيلة أهل سريف – التي تمتد بشكل طولي من بني جرفط إلى قبيلة أهل صرصر- وبني يسف وسوماتة وبني جرفط وبني يدر وبني ليث من بين أكثر القبائل ترددا على زيارة مولاي عبد السلام نظرا لمجاورتها أو قربها من قبيلة بني عروس، وغالبا ما كانت المسالك التي تتبعها هذه القبائل تمر على مقامات روحية أخرى كسيدي أحمد العسري، وسيدي مزوار وسيدي يوسف التليدي سيدي سليم… أو مقرات زوايا صوفية كانت تتخذ كمحطات استراحة للزائرين كالزاوية الريسونية التي لا تبعد عن ضريح مولاي عبد السلام بأقل من 11 كلم. واستحضارا للماضي ارتأى مجموعة من الأساتذة ( محمد الحجيري – يوسف المساتي – منير الطاهري – محمد الشخيشخ – عبد الباري المريني ) تنظيم رحلة دراسية يقتفون فيها خطى أجدادهم سيرا على الأقدام من مركز جماعة تطفت المنتمية لقبيلة أهل سريف إلى ضريح مولاي عبد السلام بقبيلة بني عروس، ابتدأ اليوم الأول من الرحلة يوم الاثنين 13 نونبر 2017 من تطفت على الساعة 9.14 إلى 2.41، قطعت فيها المجموعة 17.47 كلم، وبلغ ارتفاعات هذه المرحلة عن مستوى سطح البحر بين: 104 متر و 685 متر. وعبرت المجموعة عددا من المداشر أو مرت بالقرب منها وكلها تنتمي لجماعة بوجديان قبيلة أهل سريف، وهي على التوالي: مدشر أمجادي أهل سريف، مدشر أهل الماء، مدشر واجا، وعلى مقربة من هذا الأخير يقع ضريح الولي الصالح سيدي أحمد العسري، توجهت المجموعة بعد ذلك نحو مدشر حميمون لتنتهي مسيرة اليوم الأول عند السيد عبد السلام الزباير. اليوم الثاني من الرحلة كان يوم 14 نونبر 2017، بدءا من الساعة: 7.20 إلى 5.52. وبلغت مسافتها 35.09 كلم، وتراوحت ارتفاعاتها عن سطح البحر بين 230 متر و 760 متر عبرت المجموعة عددا من المداشر وهي على التوالي: دار الراطي التابعة إداريا إلى جماعة زعرورة وقبليا إلى قبيلة سوماتة وفي عالية هذا المدشر يتواجد ضريح الولي الصالح سيدي مزوار، ثم مدشر الحجر(سوماتة) ومدشر تمزلان المنتمي قبليا لبني يسف ومدشر الحرشة (سوماتة) ومدشر عنصار بني عبد الله (بني يسف) وتقع هذه المداشر في المناطق الفاصلة بين قبيلتي بني يسف وسوماتة، وتستمر رحلة المجموعة بالوصول إلى مدشر بني يحيى الذي يعتبر أكبر مداشر قبيلة بني يسف، وهو الحد الفاصل بين قبيلة بني يسف وقبيلة بني عروس. ويستمر مسار الرحلة نحو مدشر بومنديل حيث تتواجد زاوية سيدي هندر ثم مدشر بوسرواس ثم مدشر تزروت حيث سيتوقف مسار اليوم الثاني بالمبيت في الزاوية الريسونية المعروفة بأدوارها الجهادية والعلمية منذ القرن 16 عشر الميلادي. وتجب الإشارة إلى أن هذه المرحلة كانت شاقة بدنيا لذا يستحسن أن تقسم إلى مرحلتين على أن يكون المبيت إما في مدشر عنصار بني عبد الله أو أحد مداشر بني يحيى. اليوم الثالث: يوم 15 نونبر 2017، امتدت الرحلة زمنيا من 8.05 إلى 2.05 على مسافة 14.21 كلم. ابتدأ المسار من الزاوية الريسونية بتزوت إلى ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، وتراوحت الاتفاعات عن سطح البحر ما بين 758 متر إلى 1373 متر، يخترق مسار الرحلة غابة بوهاشم المنتمية إلى المحمية الطبيعية بوهاشم المصنفة منتزها جهويا، يضم هذا الأخيرأصنافا مهمة من الطيور والثدييات وتشكيلات مختلفة من الغطاء النباتي، ويمتد على حساب ثلاثة أقاليم هي: العرائش، تطوان وشفشاون، ويستمر المسار بالتوجه نحو مدشر الحصن، وفي مدخله أطلال القصر الذي لم يكتمل بناؤه من قبل السلطان العلوي المولى اليزيد الذي لم يستمر حكمه للمغرب سوى سنتين. ويضم هذا المدشر أيضا المنزل الذي ازداد فيه مولاي عبد السلام، كما يمكن لزائريه الاستمتاع بالراحة وأكلات المنطقة عند مأوى كرمون. وتستمر الرحلة نحو محطتها الأخيرة مرورا بعين ماء الإمام الشادلي، وهي منبع الماء الذي توقف عنده الإمام أبي الحسن الشادلي عند زيارته لمولاي عبد السلام بن مشيش. ويستمر المسار عبر المسلك الجبلي الصعب المرصف بالحجارة نحو عالية جبل العلم حيث ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش.