أعلن رئيس المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير مؤخرا، عن إطلاق مجموعة من الأسماء على عدة مرافق عمومية بالمدينة، خصوصا المرافق الثقافية والرياضية والساحات العمومية التي تم إحداثها مؤخرا، مثل دار الثقافة والقاعة المغطاة وبعض الساحات ودور الشباب، وهي مرافق كلها تم إحداثها في عهد المجلس البلدي السابق. إن تسمية المرافق الجديدة أمر محمود، خصوصا وأن مدينة القصر الكبير تحفل بالأسماء التي أبدعت في كل المجالات، كما أن لها عمقا تاريخيا مهما يصنفها في قائمة الحواضر المميزة في التاريخ المغربي. وهذه الاعتبارات، هي التي جعلت المجلس البلدي السابق يتريث كثيرا قبل الحسم في إطلاق أسماء الأعلام أو الأحداث المميزة على هذه المرافق، طالما أن للتسميات شرف لا يجب تمييعه. لقد أورد رئيس المجلس البلدي في تصريحات له، مجموعة من الأسماء المزمع إطلاقها على المرافق المذكورة، وإن كانت تلك أسماء أعلام لها مكانتها الخاصة في تاريخ المدينة، إلا أنه كان من الأجدر ألا ينفرد المجلس البلدي بهذه العملية. فالمدينة تتوفر على مجتمع مدني متنوع المشارب، وكان من الأجدر تشكيل لجنة موسعة تضم فعاليات المجتمع المدني والهيئة المنتخبة وممثلي الإدارات العمومية، للتوافق على أسماء يتم اختيارها وفق معايير تحددها اللجنة. خصوصا، وأن هناك بعض الاقتراحات التي من شأنها طمس الهوية التاريخية للمدينة. حيث برزت شخصيات في مجالات مختلفة، وعرفت أحداثا كان لها صدى دوليا في حقب تاريخية مختلفة، وهذا لا يعني قطعا التنقيص من شأن أي اسم من الأسماء المقترحة، لكن تسمية المرافق العمومية تخضع لتصنيفات معينة، حسب درجة أهميتها وحركيتها والدور الذي تلعبه. إن لأسماء المرافق العمومية دلالات عميقة، فهي تضمن تنقل الاسم بين مختلف الأجيال، وتحيل زوار المدينة على جزء من تاريخها وعطاءات أبنائها المميزين، وعلى هذا الاساس يجب أن توضع معايير دقيقة تضمن اختيار الاسم المناسب، وإن كان من معيار يجب التشدد في احترامه، فهو معيار الهوية التاريخية لهذه المدينة ذات العمق التاريخي العلمي والصوفي والثقافي، وبعد ذلك تأتي باقي المعايير. إن عملية التسميات المزمع تنفيذها تحتاج وجوبا إلى تشكيل لجنة موسعة، يعهد إليها بتقديم مقترحات الأسماء والأحداث مرفوقة بمنجزاتها وما قدمته للمدينة، كما يجب أن يحترم العمق التاريخي، من خلال اختيار أسماء وأحداث تنتمي إلى فترات تاريخية مختلفة، فالمدينة لم تشيد خلال مطلع القرن العشرين حتى يتم الاقتصار على الأسماء والأحداث المرتبطة بهذه الفترة، بل هي مدينة عريقة يجب أن يعاد الاعتبار إلى من صنعوا تاريخها المشرق منذ الفترة الرومانية وإلى اليوم، حتى تعلم الأجيال الحالية والقادمة وزوار المدينة، أنها مدينة تعود لقرون طويلة، وليست مدينة بنيت في القرن العشرين.