انقسامات داخل حزب الاستقلال وصراعات وسط الاتحاد الاشتراكي ونزاعات في العدالة والتنمية في 21 شتنبر 2007، تقدّم محمد بوكير بمذكرة طلب فيها إلغاء انتخاب عباس الفاسي. في 3 ماي 2008، ألقي القبض على محمد بوكير، بعد توجهه إلى مصالح الأمن في طنجة لتجديد البطاقة الوطنية، بدعوى أنه كان مبحوثا عنه في قضية اتجار دولي في المخدرات. في 14 ماي 2008، أصدر المجلس الدستوري قرارا (رقم 08 /695 م. د) «يقضي برفض طلب السيد محمد بوكير، الرامي إلى إلغاء انتخاب السيد عباس الفاسي الفهري». لم تعمل وزارة العدل على فتح تحقيق في اتهامات نائب رئيس المجلس الإقليمي في العرائش للوزير الأول ب»المزور له». ولم تعمل وزارة الداخلية على تنفيذ حكم إبطال عمل المجلس البلدي «المزور». فما الذي حدث؟ غداة ظهور نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2007، طعن مرشح الاتحاد الدستوري، محمد بوكير، في نجاح مرشح حزب الاستقلال، عباس الفاسي. كان بوكير قد حلّ خامسا في تلك الانتخابات، لكنه أصرّ على أن الرتبة التي يستحقها هي المرتبة الرابعة، التي قال إنها «أعطيت زورا» إلى عباس الفاسي. قبلها بأسابيع، كان الأمين العامّ لحزب الاستقلال، الذي سيصبح وزيرا أولَ، قد اجتمع بأعضاء حزبه في العرائش، مخبرا إياهم أنه لا يرضى لنفسه مراتبَ متدنية في هذه الاستحقاقات، ولم يكن يدور في خلَده، حينها، أنه سيحتل المرتبة الرابعة والأخيرة وأنه مع رِضاه بها، سيجد من يطعن في نجاحه! في 21 شتنبر 2007، تقدّم محمد بوكير بمذكرة طلب فيها إلغاء انتخاب عباس الفاسي. في 3 ماي 2008، ألقي القبض على محمد بوكير، بعد توجهه إلى مصالح الأمن في طنجة لتجديد البطاقة الوطنية، بدعوى أنه كان مبحوثا عنه في قضية اتجار دولي في المخدرات. في 14 ماي 2008، أصدر المجلس الدستوري قرارا (رقم 08 /695 م. د) «يقضي برفض طلب السيد محمد بوكير، الرامي إلى إلغاء انتخاب السيد عباس الفاسي الفهري». أما المجلس البلدي للعرائش، فرغم صدور قرار المحكمة الإدارية، ابتدائيا في غشت 2009، والقاضي بإلغاء نتائج الانتخابات الجماعية ليونيو من نفس السنة وبإعادة انتخاب المجلس البلدي من جديد، بناء على الطعن التي تَقدَّم به وكلاء عدد من اللوائح لِما وصفوه ب«التزوير الذي طال عددا من مكاتب التصويت»، ثم قرار محكمة الاستئناف، في أبريل 2010، فما يزال (المجلس) يمارس أشغاله إلى الآن. وإلى الآن، ما يزال يقود المجلسَ البلديَّ تحالفٌ من العدالة والتنمية، حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وكل حزب من هذا التحالف الثلاثي يجرّ خلفه تصدّعات وحكايات أغربَ من أن يسعها مقال صحافي... حزب الاستقلال.. سياسة الأبواب المفتوحة قال عباس الفاسي إنه قرر أن يستريح من كل مهامه السياسية والنيابية، ما لم تحدث مفاجأة. من سيمثل حزب الاستقلال في دائرة العرائش إذن؟ اتفق استقلاليو القصر الكبيروالعرائش، ومعهم مكاتب فروع الجماعات القروية، على ألا يتركوا هذه المرة «غريبا» عن المنطقة يتقدّم باسمهم إلى الانتخابات المقبلة. في أحد اللقاءات الحزبية التي عُقِدت في مقر الحزب في القصر الكبير، انتفض أحد الشباب في وجه نزار البركة، صهر عباس الفاسي والمنسّق الجهوي للحزب في الشمال قائلا: «شْفناك وْلّيتي تْجي عندنا بْزّافْ.. ياكما باغي تْترشح فالعرايشْ؟»... فهم صهر عباس الفاسي «المقلب» الذي وضعه فيه كتاب الفروع، الذين لا «ربح» لهم في مرشح من الرباط، وقرر دعم عبد الله البقالي، رئيس تحرير جريدة «العلم»، وهو ابن مدينة العرائش وعضو مجلسها البلدي. لكن كتاب الفروع لا يؤيدون ترشيح البقالي في العرائش، بل يفضلون عليه عبد الناصر الحسيسن، رئيس جماعة «ريصانة»، والذي سبق أن كان برلمانيا باسم حزب الاستقلال في انتخابات 1997، قبل أن يشُدّ الرحال نحو التجمع الوطني للأحرار، حيث سيترشح ضد عباس الفاسي إلى برلمان 2002، ثم سرعان ما سيعود إلى الترشح باسم «الاستقلال» في انتخابات تجديد الثلث، ضمن لائحة محمد سعود. «وعندما اتصل عبد الله البقالي بعباس الفاسي، محتجّاً على تزكية عبد الناصر الحسيسن، أجابه عباس الفاسي: «رْجع لْدارو»، يحكي أحد الحاضرين لهذه الواقعة. خلال الانتخابات الماضية، سيغادر الحسيسن «الاستقلال» في اتجاه «الأحرار»، بعدما تأكد من أن عباس الفاسي عازم على الترشح. يحكي أحد الاستقلاليين أن عبد الله البقالي ذكّر عباس الفاسي بأن الرجل الذي قال فيه «رْجع لْدارو» عاد ليخرج منها، فأجاب الفاسي بالفرنسية: «Il est grillé»، أي أن الحسيسن احترق وتفحَّم وانتهى سياسيا. لكن الحسيسن عاد، حاليا، إلى حزب الاستقلال كأقوى مرشح للحزب، بل إن جل كتاب الفروع يعتبرونه المرشَّحَ الأوفرَ حظا والأقرب منهم، وهناك من يؤكد على أن «أساطين» حزب الاستقلال في الجماعات القروية سيدعمون الحسيسن حتى إذا ما ترشح خارج «الاستقلال» ولم تصدُق نبوءة الأمين العام باحتراقه. ثالث مرشح لخلافة عباس الفاسي، إلى جانب البقالي والحسيسن، هو محمد سعود، الكاتب الجهوي للحزب بالشمال، الذي سبق أن أدانته المحكمة الابتدائية في العرائش، في يناير 2007، بسنة حبسا نافذة، من أجل «تقديم أموال وتبرّعات بغرض التأثير في تصويت هيأة من الناخبين أو بعض منهم قصد جلب أصواتهم في انتخابات تجديد الثلث»، فيما اكتفت محكمة الاستئناف بمنعه من الترشح لولايتين. وكان عباس الفاسي قد اتّهم، حينها، وهو وزير للدولة، القضاء بعدم الاستقلالية! الآن، يؤكد محمد سعود، لخصومه قبل أصدقائه، أنه أصبح من حقه الترشح. وقال أحد العارفين بترتيبات الأمور داخل حزب الاستقلال ل»المساء» إن الداعمين لترشيح عبد الناصر الحسيسن متأكدون من عدم قدرة سعود على الترشح، لذلك هم يبدُون وقوفهم إلى جنبه، حتى إذا اصطدم بحقيقة منعه قانونيا، يكونون قد ضمنوا دعمه للحسيسن وليس للبقالي! وقال مصدر «المساء»، الخبير بدواليب حزب عباس الفاسي، إن قوة عبد الناصر الحسيسن تكمن في أنه الأقدرُ على منافسة الأعيان «أصحاب الشكارة» وكذا بارونات المخدرات، في حالة ما إذا سُمِح لممثليهم بالترشح وأن عبد الله البقالي لن تفيده خبرته الصحافية ولا مساندته من طرف الشبيبة والنقابة في مواجهة «قراصنة دائرة الموت»، التي كاد أن يتعثر فيها عباس الفاسي، بل إن هناك من يقولون إنه تعثر لولا أنه استمسك بيد السلطة، التي أنقذته «زورا». كما قال المصدر إن الحسيسن واثق من نجاحه، وبالتالي فإن عدم تزكيته من طرف حزب الاستقلال ستدفعه إلى اختيار لون حزبي آخر، ربما يكون البام. فمن، يا ترى، سيخلف عباس الفاسي في هذه الدائرة، التي تتحدث المصادر أن تجار المخدرات، وفي أحسن الأحوال أموالُهم، مازالتتلعب دورا حاسما في دعم هذا أو ذاك؟!... قبل ثلاث سنوات من الآن، وبالضبط أثناء انعقاد المؤتمر الوطني الثامن للاتحاد الاشتراكي، قام أعضاء محسوبون على نقابة الفدرالية الديمقراطية للشغل في العرائشوالقصر الكبير بمداهمة مكان انعقاد المؤتمر في الصخيرات، محتجّين على ما اعتبروه إقصاء لهم من حضور المؤتمر. لم يكتفِ المحتجون بترديد الشعارات ضد مصطفى القرقري، الكاتب الجهوي للحزب، بل إنهم وزّعوا بيانا يتّهمونه فيه بالارتباط بتجار المخدرات!... في ذلك المؤتمر، استطاع المحتجّون ضمان مقاعدَ لهم كمؤتمِرين، رغم أنهم لم يمروا عبر مسطرة انتداب المؤتمرين محليا وإقليميا. لكنهم لم يستطيعوا أن يضمنوا انتسابا كاملا إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، إذلا يزالون بلا بطائق عضوية، وهو ما يجعلهم تنظيميا خارج الهياكل والقرارات التي يُفرزها الحزب وتصدر عنه. آخر تجلٍّ لهذه الأزمة هو محطة تشكيل الكتابة الإقليمية للحزب في العرائش، والتي يتّهم فيها أنصار الكاتب الجهوي مصطفى القرقري مجموعة «الفدرالية» بالهجوم عليهم بالهراوات، فيما يرُدّ عليهم «الفدراليون» متّهمين إياهم ب»تهريب» المؤتمر من مقر الحزب إلى مكتب محاماة مصطفى القرقري. ازدادت الفجوة بين «الإخوة الأعداء» حدة، بعد تدخل المكتب السياسي، خلال الانتخابات التشريعية السابقة، لفرض مرشح الفدراليين، عبد العزيز الرغيوي، ضدا على الكاتب الجهوي، مصطفى القرقري، الذي كان برلمانيا في الفترة السابقة، والذي قيل إن حظوظه كانت قوية للفوز بالمقعد، للمرة الثانية. لم يتمكن مرشح «الفدراليين»، الاتحادي عبد العزيز الرغيوي، من الفوز، ليعود سيلُ الاتهامات أقوى من ذي قبل: اتهام القرقري بدعم مرشح «جبهة القوى» ضدا على مرشح حزبه عبد العزيز الرغيوي. أما مجموعة القرقري فما تزال، إلى الآن، تعتبر أن «العرائش كانت «محمية» لشخص كان عضوا في المكتب السياسي»، كما يحكي خليل العولة، الكاتب المحلي للاتحاد الاشتراكي في العرائش، مُلمّحاً، دون ذكر اسم الطيب منشد، الذي كان يعتبر لسان «فدراليي» العرائش داخل المكتب السياسي، قبل أن يضيف مشيج القرقري، عضو المجلس الوطني للحزب، أن ترشيحات 2007 كانت خطأ كبيرا وقع فيه المكتب السياسي، جعل الحزبَ يتقهقر من المرتبة الأولى إلى الخامسة، ما أدى، لاحقا، إلى الانقلاب على الكاتب الأول، محمد اليازغي. «كما أن التقرير التركيبي الصادر عن لجنة تقييم انتخابات 2007 أكد أن التزكيات الخاطئة في الشمال أفقدت الحزب 4 برلمانيين». يرد خالد البغدادي على هذا الأمر بالقول إن «القرقري هو الذي دعم اليازغي في ترشيح صهره محمد بن عبد القادر في تطوان، ضدا على الاتحادي التطواني محمد أشبون، الذي ترشح لا منتميا وفاز بالمقعد، كما دعمه في ترشيح ابنه عمر في طنجة.. وهو (أي القرقري) من أفقد الحزب المقاعد الأربعة التي يتحدثون عنها». لكن السؤال الذي يبقى معلقا هو: إذا كان القرقري قد دعم ابن اليازغي وصهرَه للترشح سنة 2007 في الشمال، فلماذا لم يستطع دعم ترشيحه، وقد كان أوفرَ حظا من غيره؟ هل قطع الطرفان شعرة معاوية ووصلا إلى الحد الذي لم يعد ممكنا معه إصلاح ذات البين؟ هذا ما يؤكده مشيج القرقري، الذي يعتبر أن «الوصول إلى مصالحة وإلى حل توافقي يقتضي اعتذار «الفدراليين» عما صدر منهم في حق مناضلي الحزب، من قبيل اتهامهم مططفى القرقري بأنه تاجر مخدرات في البيان الذي وزعوه في المؤتمر الثامن، وفي تصريح الصادق الرغيوي (عضو مجلس المستشارين عن «الفدرالية») في القناة الثانية، الذي كال فيه نفس التهمة لمصطفى القرقري»، قبل أن يضيف مشيج القرقري: «ليس الاختلاف بيننا وبينهم قائما على أفكار أو حول أرضية سياسية، بل بناء على أحقاد تاريخية، ناهيك عن أن أجيالا جديدة من الاتحاديين لا تعرف هؤلاء الأشخاص ولم يسبق لها أن رأتهم داخل الحزب». كان ممكنا التخلص من «الأحقاد التاريخية»، بلغة مشيج القرقري، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي، حسب بعض المطّلعين، لولا تشبث مجموعة «الفدراليين» بالعديد من التّهَم القاسية، التي تقف في طريق أي صلح في المستقبل القريب. يقول خالد البغدادي، ل«المساء» إن مصطفى القرقري، الكاتب الجهوي للحزب في الشمال «له سجل حافل بالممارسات المسيئة إلى الحزب وهويته»، وهي «ممارسات» أقل ما يقال عنها إنها خطيرة، من قبيل أن «القرقري، خلال الانتخابات الجماعية لسنة 1983، ترشّحَ في الدائرة ال6 وكان ينوب عنه في المكتب محمد مكرود، عضو اللجنة المركزية للشبيبة الاتحادية، والذي حمل نتائج التصويت إلينا في الحزب، حيث تأكدنا من رسوب القرقري، قبل أن تعلنه السلطات فائزا». ويضيف البغدادي أن مصطفى القرقري ترشح في 1986 للبرلمان، بعد أن بقي مقعد عباس الفاسي، الذي تم تعيينه سفيرا في تونس، شاغرا، «وقد كان الفائز الحقيقي بهذا المقعد هو الطاجني بوستة عن الحزب الوطني الديمقراطي، لكن السلطات ارتأت أن تعلن فوز مصطفى القرقري». الآن، الانتخابات على الأبواب. والحالة هذه، هل يكرر الاتحاديون ما وقعوا فيه خلال انتخابات 2007، أي أن يتركوا المكتب السياسي يحدد المرشح منهم، حيث تقوم الجهة الأخرى بحملة مضادة له؟ يقول مشيج القرقري، عضو المجلس الوطني للحزب: «نحن نُطبّق المساطر التي بعث إلينا بها المكتب السياسي في المذكرة رقم 11 /17، الخاصة بمسطرة الترشيح لانتخابات 25 نونبر، وهي مسطرة تقتضي أن تتلقى الفروع والكتابة الإقليمية الترشيحات وأن تقرر في المرشح الذي تراه الأحقَّ بتمثيل الحزب، وإلى حد الآن تلقينا 4 ترشيحات». العدالة والتنمية.. السريالية «السيد الرئيس.. عليك أن تعلم أن هذه الاستقالات جاءت احتجاجا على سوء تدبيركم أمورَ المجلس وعلى الفساد المستشري في أقسام الجماعة، وعلى رأسها قسم التعمير الذي ترأسه... السيد الرئيس إذا كنت قد قمت بتحديد وبيع قطعة أرضية في اسم زوجتك كنتَ قد استفدت منها في عهد الرئيس السابق في أرض في ملك الدولة فهذا يعتبر خيانة للأمانة ويعتبر «شْفْرة»، لكنْ، للأسف، أمام كل مظاهر الفساد، نرى سكوت إخوانك المحيطين بك والذين، للأسف، ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، وكذلك سكوت الأحزاب المشكّلة للمجلس، والأمرّ من هذا سكوتُ سلطة الوصاية، مما يدل على التواطؤ من أجل إذلال المدينة وسكانها»... هذه ليس خطبة يلقيها عضو من معارضة جذرية في وجه رئيس مجلس يصطفّ على النقيض منه، بل هي كلمة ألقاها سعيد بوشيبة، المستشار عن حزب العدالة والتنمية في المجلس البلدي، الذي يرأسه رئيس ينتمي، بدوره، إلى العدالة والتنمية. أليست هذه سريالية وأكثر؟!... الذي جرى هو أن سعيد بوشيبة، الكاتب الإقليمي لشبيبة العدالة والتنمية في العرائش، أصبح خلال دورة يوليوز المنصرم، وبقوة الميثاق الجماعي، عضوا في المجلس البلدي، بعد استقالة 10 أعضاء من حزب العدالة والتنمية. وبما أن هؤلاء الأعضاء استقالوا احتجاجا على الرئيس، الذي لم يُنكروا عليه انتماءه إلى حزبهم بقدر ما استنكروا تورطه في «الفساد وسوء التسيير»، فلم يكن سعيد بوشيبة ليخرج عن هذا الموقف. وعن ذلك يحكي ل«المساء» قائلا: «أنا رجل أؤمن بأن الساكت عن الحق شيطان أخرس وأعرف أن الرئيس، الذي ينتمي إلى نفس الحزب الذي أنتمي إليه، حصل على بقعة أرضية في اسم زوجته، على عهد الرئيس السابق، ونقرأ في وثائق ملكية هذه الأرض أنها محدَّدة ب«شوكة» وبمنزل مصبوغ بالأحمر، مع أننا عندما نذهب إلى عين المكان لا نعثر لا على «شوكة» ولا على منزل أحمر، بل نجد أن الرئيس ترامى على أرض للأملاك المخزنية. فهل يصح أن نتحدث عن فساد الرئيس السابق ونصمت عن الذي يقترفه الرئيس الحالي، لمجرد أنه ينتمي إلى حزبنا؟». كان رد رئيس المجلس البلدي، محمد آيت السي مبارك، قويا عندما خاطب بوشيبة قائلا: «هادْ الملفّ غادي نْديك بيه للحْبس»... لكن قوله لم يتحقق له بعدُ... عرفت ملاسنات مستشاري العدالة والتنمية مع الرئيس، الذي يمثل حزبهم في بلدية العرائش، أوجَها مع الكاتب المحلي للحزب، ففي إحدى المرات، علّق الرئيس على مداخلة لأشرف الطريبق باستهزاء قائلا: «اللهْ يْشافيك»، فما كان من الأخير إلا أن أجابه: «أنا ماشي مْريض أ الرئيس»... هنا، «كتب الرئيس شكاية بأشرف الطريبق إلى الكتابة الإقليمية، التي يرأسها رئيس المجلس البلدي للقصر الكبير، سعيد خيرون، والذي كان على خلاف مع المكتب المحلي، الذي كان يرأسه أشرف الطريبق، ومع نقابة الاتحاد الوطني للشغل ومع قطاعي الشبيبة والمرأة، وكلهم يُشكّلون التيار المناوئ لرئيس بلدية العرائش، حيث تمت إقالة أشرف الطريبق من الحزب «استنادا»، ويا للأسف، إلى تقرير «كيديّ» كتبه نائب الرئيس، سعيد فضولي»، يؤكد سعيد بوشيبة. كان سعيد فضولي هذا يعتبر، إلى ما قبل الانتخابات الجماعية الأخيرة، من المحسوبين على جناح المحتجّين، الذي يتزعمه أشرف الطريبق (الكتابة المحلية وقطاعا الشبيبة والمرأة) والذين كانوا يدافعون عنه ليكون وكيلا للائحة، لكنه، في تجربة المجلس البلدي، ارتأى أن يقف ضد «إخوان الأمس»، إلى جانب الرئيس، «الغريب» عن الحزب. يبرر فضولي ذلك بالقول: «يأتي مشكل الإخوان منذ تشكيل لائحة الانتخابات الجماعية، حين توافقنا على شخص ليكون وكيلَ لائحتنا، لكنه بعدما أصبح رئيسا للمجلس، تذكروا أنه لم تكن له علاقة بالحزب: أيت السي امبارك لم يطلب يوما أن يكون رئيسا.. نحن من توافقنا عليه حينما اختلفنا، فكان على رأس لائحة توافقية وُضعت بطريقة استثنائية من طرف الأمانة العامة للحزب، لذلك سيبقى حلها وعقدها بيد الأمانة العامة». ثم يضيف الفضولي أن «السياسة ليست هي «حْصّلني نْحصّلك»، بل أن تكمل مرحلتك بأقل الخسائر، دون أن نُذكّر بأنه على مستوى التدبير، فإن الأمور عادية والمقررات تُتّخَذ بالإجماع». وقال أحد المطّلعين على شؤون ال«بي جي دي» والمجلس البلدي في العرائش إن ما يعتبره الغاضبون تنازلات للرئيس لفائدة السلطة هو أقل ما يمكن أن يقوم به إنسان يتعرض ظهره يوميا لضربات السلطة عقابا على انتسابه للعدالة والتنمية، وقد كان ممكنا أن يقع له ما وقع نظيره، محمد السفياني، رئيس المجلس البلدي للشاون، والذي اضطر إلى ترك العدالة والتنمية نحو الأصالة والمعاصرة. فهل تعرّض رئيس المجلس البلدي للعرائش لضغوط مماثلة؟ «نعم، لقد مورِست على الرئيس ضغوط لكي يستقيل من منصبه، كما مورِست عليه ضغوط لترك الحزب والالتحاق بحزب الهمة»، يؤكد المصدر المطّلع. لكن هل يعني هذا أن نظرة المحتجين إلى أداء رئيسهم تتّسم بالسطحية وانعدام بعد النظر عندما لا يلتقطون تربصات المتحرشين بتجربتهم؟ «وهل تعني السطحية أن نغُضّ الطرف حتى عندما يستهزئ عبد الإله الحسيسن، رئيس المجلس السابق، والذي يُقرّ الجميع بفساد تجربته (يستهزئ) بالرئيس الحالي، المحسوب على حزبنا، حين يقول له: «لم يتعد تقرير المجلس الجهوي للحسابات الذي يرصد الاختلالات في تجربتي، التي امتدت ل12 سنة، 14 صفحة، بينما جاء تقرير اختلالات تجربتك، التي لم تتعد السنتين، في 16 صفحة».. يجيب أشرف الطريبق، الكاتب المحلي، الذي أقالتْه الكتابة الإقليمية للحزب وارتأت الأمانة العامة تخفيض العقوبة في حقه إلى تجميد العضوية لسنة... فما الذي تقوله الأمانة العامة للعدالة والتنمية في قضية العرائش؟ آخر كلام قاله الأمين العام، عبد الإله بنكيران، في الموضوع كان حين بدأت «كولسة» ترشيحات الانتخابات القادمة، فعندما اتصل به أحد الإخوان ليُخبره بالاجتماعات السرية التي يعقدها سعيد خيرون، رئيس المجلس البلدي للقصر الكبير والكاتب الإقليمي للحزب في العرائش، قال بنكيران: خيرون ليس له حق القيام بهذا.. ونحن فشلنا في حل مشكل العرائش». التجربة الألمانية في الأزبال ربط أحد العرائشيين ممن التقتهم «المساء» في مقهى فالنسيا، وسط العرائش، ما سماه «الحريرة السياسية» للمدينة بمشكل النظافة، حين قال إن المدينة التي لم تستطع أن تقرر في مصير أزبالها، يصعب عليها أن تقرر في شأنها السياسي... جمع النفايات من البيوت والشوارع موضوع يطغى على أحاديث أبناء المدينة. العرائشي «العادي» يقول إن ما يشغله في الانتخابات المقبلة هو الأزبال، التي ستحدثها أوراق المرشحين، والتي ستثقل كاهل المدينة، التي تُصرّ وزارة الداخلية على أن تخصها، دون غيرها من المدن، بشركة ألمانية تجمع أزبالها! ما الحكاية؟... في يونيو 2006، أصدر المجلس الجماعي للعرائش مقررا يقضي بتفويض تدبير قطاع النظافة لفائدة مجموعة الجماعات المحلية «بيئة»، وهي المجموعة التي كانت قد أحدثت في شتنبر 2005 للاضطلاع بحماية وتأهيل المجال البيئي وإعداد التراب في إقليمالعرائش. سنتان بعد ذلك، سيعقد عبد الإله الحسيسن، رئيس المجلس حينها، اتفاقية شراكة مع مجموعة الجماعات المحلية «بيئة» لإعداد التراب وحماية المجال البيئي والغابة، والتي كان يرأسها أخوه، عبد الناصر الحسيسن. وقد نصت الاتفاقية على أن يتم تحويل 400 مليون سنتيم، تحولت لاحقا إلى 600 مليون سنتيم، يدفعها المجلس البلدي للعرائش لمجموعة «بيئة». في 2008، ستتعاقد مجموعة «بيئة» مع شركة «هنكول»، الألمانية، لكي تقوم بجمع نفايات المدينة، تتكفل بموجبها الشركة الألمانية بجمع ونقل وتنظيم المطرح العمومي لمدينة العرائش. وقد فازت «هنكول» الألمانية بهذه الصفقة على أساس أن لها «تجربة رائدة» في جمع النفايات بالفرز، مقابل 444 درهما للطن الواحد، دون إدخال كناسة شوارع والساحات العمومية. لكن جمع النفايات بفرز المواد الصلبة عن الأطعمة لم ينجح منذ اليوم الأول، فاشتغلت الشركة الألمانية بالطريقة التقليدية، التي لم تُتقنها مثلما «أتقنت» إثقال كاهل المجلس البلدي بالديون... يتمثل المشكل الذي لم يجد العرائشيون فكاكا منه، والذي «ورثه» المجلس الحالي عن سابقه، في أنه، «طيلة الفترة الممتدة من نهاية المشروع النموذجي والمصادقة على الصفقة، كانت الشركة الألمانية تقوم بجمع النفايات المنزلية على حساب الجماعة كديون بدون مراقبة أو تتبع للكميات، مما راكم ديونا غير مبرَّرة على المشروع»، يؤكد أحد نواب الرئيس الحالي. في السنة الماضية، قرر المجلس البلدي للعرائش فسخ العقدة مع الشركة الألمانية «هنكول». وقد توج هذا القرار بمقرر اتُّخِذ بالإجماع، يقضي ب«إلغاء مقرَّرَي التفويت واتفاقية الشراكة وإعداد كناش تحملات جديد مع إدخال الكناسة». لكن المجلس ظل يلقى معارضة قوية من طرف عامل الإقليم، الذي يرى أن فسخ اتفاقية الشراكة مع المجموعة الألمانية سيُضر بالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المغربية -الألمانية، ومن شأن ذلك أن يُغضب المستثمرين الألمان في الإقليم. هكذا ظل العامل يقول للمستشارين. المجلس البلدي، وتحت ضغط سكان المدينة، الذين أصبحوا «غارقين» في الأزبال بسبب عبث الشركة الألمانية، سيتخذ، في غشت من السنة الماضية، ثلاثة مقررات تقضي بفسخ الاتفاقية وإلغاء التفويت والمصادقة على كناش تحملات جديد. لكنه سيفاجأ، هذه المرة، بإبطال كل المقررات المتّخَذة من طرف وزير الداخلية. ما الذي تريده الداخلية بإصرارها على استمرار «التجربة الألمانية» في العرائش؟ سؤال تشهد «المساء» أنه أصبح يهُمّ ساكنة المدينة أكثر من أمر الانتخابات والأحزاب السياسية... السيمو.. الرجل الذي لا يتورع في القول إن عباس الفاسي « نجح مزور» محمد السيمو، قائد معارضة المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير، نائب رئيس المجلس الإقليمي للعرائش، رجل كان بلحية مسدلة، بدأ يشذبها، كلما «أوغل» في عالم السياسة والسياسيين. جال عددا من الأحزاب، التي كانت توصف ب«الإدارية»، قبل أن يحط الرحال ب»حزب صديق الملك». خلال الانتخابات الجماعية الماضية، قرر الحزب أن يُزكي بدلا منه لائحة يقودها شخص آخر، فبادر السيمو إلى تأليف لائحة مستقلة استطاع أن يحصل بها على ستة مقاعد في المجلس البلدي، في حين لم تحصل لائحة «البام» على أي عضو. ومع ذلك، نقل السيمو أعضاءه الوديعين إلى «البام» ... ابتدأ السيمو، الذي وفد على مدينة القصر الكبير من قبيلة «الأخماس» وما تزال لكنته الجبلية شاهدة على ذلك، بائعا للخيط في حي«العطارين». ويقول العارفون بتاريخه إن الرجل كان بارعا في الرقص ضمن أحد أجواق «الغياطين» في قبيلته «الأخماس». شيئا، فشيئا، فاضت خيرات هذا الجبلي وضاق به عالم التجارة، فاتّسع له ميدان السياسة. بدأ السيمو داعما لبعض المرشحين في الانتخابات البرلمانية، بحكم معرفته بالمناطق الجبلية وبحكم ارتباطاته الفنية والتجارية بأعيانها، لكنه سرعان ما أدرك أن «اللعبة» الانتخابية غاية في السهولة وأنه أولى بها من غيره من المرشحين ممن ظل يدعمهم. عندما حضر أول مؤتمر ل«البام»، أطلقت عليه الصحافة الوطنية لقب «إسلامي الأصالة والمعاصرة»، وقد راقَه اللقب، مثلما راق قياديي حزبه، الذين استغلوا هيأته «الإسلامية» في مواجهة إسلاميي العدالة والتنمية في مدينة محافظة مثل القصر الكبير. كان السيمو يمشي مزهوا وسط مؤيِّديه ومعارضيه، منحشرا وسط «فوقية» يرتدي فوقها سترة، مصحوبا بأعضاء من «الشبيبة»، كما ببعض الصحافيين المحليين، الذين يسجلون «فتوحاته» السياسية و«غزواته» الانتخابية. في نونبر 2009، سيتسبب السيمو في توقيف باشا القصر الكبير، عبد الرزاق بلمير، بعد أن «اشتكى به» إلى فؤاد عالي الهمة خلال لقاء حزبي ل«البام»في طنجة، حيث قال إن الباشا حرّف شعار المملكة خلال دورة أكتوبر من نفس السنة، حين قال إن شعاره هو «الله والوطن والمصلحة العامة».. بدل «الله، الوطن، الملك». يومين بعد ذلك، سيتم توقيف الباشا، الذي لم يكن يفصله عن التقاعد أكثرُ من سنتين.. وقد اعترف السيمو، لاحقا، بأن السبب الذي دفعه إلى الإبلاغ عن «هفوة» الباشا كان هو اقتراب هذا الأخير من العدالة والتنمية، ضدا على المعارضة. سيصرح السيمو، حينها، للصحافة قائلا: «حين كنا ندخل دورة المجلس، كنا نجد رئيسين ينتميان إلى العدالة والتنمية وليس رئيسا ورجلَ سلطة.. ولكنْ لمّا وصلاتْ القضية للقداسة ديالْ سيدنا ما صبرناش»... بعد مضي أقل من سنة على «الضربة القاضية» التي وجهها السيمو لباشا القصر الكبير، سينزل السيمو ضربا وتعنيفا في صحافي محلي مسنّ ظل يرافقه ويكتب عنه. ففي مارس 2010، وأثناء اجتماع في عمالة العرائش، قام السيمو وحطم آلة تصوير الصحافي مصطفى منيغ وأشبعه ضربا وشتما على مرأى ومسمع من عامل الإقليم وعدد من البرلمانيين والأعضاء، دون أن يطاله حساب ولا عقاب... كما أن السيمو لم يتورع، في حوار مع جريدة محلية، عن اتهام الوزير الأول عباس الفاسي بكونه «نجح بالتزوير في الانتخابات التشريعية الأخيرة»، ومع ذلك، «هضمها» عباس الفاسي ومناضلو حزبه، فما الذي «سيتحف» به السيمو جمهوره في هذا التربص الإعدادي لانتخابات 25 نونبر؟!...