في أول نشاط لها، استضافت جمعية ابن رشد للبحث والتواصل الكاتب المغربي عبد الحميد البجوقي لعرض روايته "عيون المنفى" (المورو خايمي) وذلك مساء يوم الجمعة 02 يناير 2015 بقاعة النادي المغربي بالقصر الكبير. افتتح الحفل من طرف رئيس الجمعية السيد حسن عتو الذي رحب بالكاتب الضيف وبكل الحاضرين، ثم تناول الكلمة الشاعر الأستاذ محمد اليوسفي الذي تحدث عن تجربة أدب المنفى من خلال معايشتها من طرف مجموعة من الأدباء والمفكرين، مثل الفلسطينيين سميح القاسم وإدوارد سعيد، إضافة إلى الكاتب الألماني طوماس مان، مؤكدا على أن أدب المنفى ظهر كمفهوم إبان مرحلة الحكم النازي وما رافقها من اغتيال لحرية الكلمة والفكر ، اضطر معها الكتاب طوعا حينا وكرها أحيانا أخرى إلى عبور الحدود الألمانية صوب الولاياتالمتحدة وإنجلترا، سعيا منهم للحفاظ على شعلة الفكر والأدب. بعدها تناول الكلمة الكاتب عبد الحميد البجوقي وفي مداخلته قدم صورة حية للحضور حول عوالم الرواية "عيون المنفى" وبطلها سعيد في علاقته مع حبيبته إيزابيلا ، راسما بذلك مجالا خصبا لتقاطع الخيال بالواقع ، حيث تجد الذات نفسها في مواجهة الآخر، سعيد في مواجهة الإسبان ، هذا الآخر هو في نفس الوقت صورة للذات كما تشكلت في الماضي الموريسكي، وبما أن سعيد من أصل موريسكي فإنه يعي جيدا أن إسبانيا ككيان هي جزء من ذاته، ونفس المفارقة يعيشها الإسباني في علاقته بالمغربي أو المورو، فهو جزء من ذاته وماضيه، يحبه ويكرهه في نفس الوقت ، هذا القلق كما وصف الكاتب بالحرف يؤسس لبنية وجدانية تتحكم في مصائر الذوات العربية والإسبانية، واضعة إياها في سياقات تاريخية واجتماعية زاخرة بالإشكالات الوجودية، خاصة في غياب أي تصالح للتاريخ (الماضي مع الحاضر) وهو ما سيؤدي إلى افتراق حياة سعيد عن حباة إيزابيلا في الفصل الأخير المعنون ب "يفترقان". وبعد فتح مجال النقاش للحضور، طرحت عدة إشكالات ترتبط بعلاقة الرواية بالتاريخ، وبمفهوم السرد في هذين الحقلين، وبمفهوم الهوية وحدودها التكوينية، وانتهى اللقاء على الساعةالتاسعة مساء بعد أن سجل في ذاكرة المدينة فصل جديد من فصول الإبداع والمعرفة الخلاقة.