من أعلى المنبر، كان الشيخ جمال الدين الأفغاني يرغد ويزبد في وجه الحشود الغفيرة من المصلين الخاشعين، ويلعن ويسب نظام الشاه الذي حول بلاد فارس إلى حظيرة أغنام، غير عابئ بصفوف الجنود الفرس الذين استباحوا حرمة المكان ودخلوا بأحذيتهم يتخطون صفوف المصلين متوجهين نحو المنبر... اعتقد الشيخ جمال الدين الأفغاني في البداية بأن جموع المصلين سيكبرون حين يضع... الجنود أيديهم عليه ثم ينتفضون. واعتقد الشيخ جمال الدين الأفغاني بعد ذلك بأن جموع المصلين سيخلصونه من قبضات الجنود وهم يسوقونه مجروراً إلى خارج المسجد. ثم اعتقد بأن جموع المصلين الذين وقفوا تجاوبا مع نداء المأموم سيقطعون صلاتهم ويخرجون للوقوف في وجه العربة التي احتجز فيها للحيلولة دون مغادرتها المكان قبل أن يسمع أخيراً صوت أحد المتطوعين من المصلين وهو يؤم بهم الصلاة ويقرأ بعد الفاتحة آية لم يولها من قبل حقها من الوقوف والتأمل: "وإذا قضيت الصلاة، فانتشروا في الأرض