قال صديقي ، مذكرا لي بحديث نبوي حول الخلافة على منهاج النبوة، ألا تؤمن بهذا الحديث؟! قلت له: الايمان هنا لا ينفصل عن العلم، وظاهر النقل لا يسعف في الحل، والخلافة نظام مفتوح على الاجتهاد البشري، وهي وإن سميت في الحديث بهذا المصطلح، فليس من الفهم أن يكون الهدف هو استنساخها مصطلحا وتجربة... جادلني صديقي المتأثر بشيخه قائلا: يا صديقي، إن المصطلح واضح، إذ سميت بمنطوق الحديث، خلافة على منهاج النبوة. قلت له: طيب، وماهي آليات اختيار خليفة المسلمين؟ هل نجمع الناس بسقيفة بني ساعدة ونبايع الخليفة، أم نختاره على طريقة عمر ابن الخطاب، أم بطريقة عثمان أوعلي؟ يا صديقي، إن المقصود بمنهاج النبوة، ليس المصطلحات الغليظة، ولا التقليد الأعمى، إن المقصود هو توخي العدل، واستحضار منهج رسول الله في سياسة أمور الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم، لم يشر في حديثه إلى كيفية إقامتها، إذ أن هذا يتطور بتطور حاجيات الناس واجتهاداتهم.. يا صديقي، لا ندري كيف ستكون هذه الخلافة، وما هي الآلية التي سيختار بها الحاكم، إذ أن النظم تطور نفسها باستمرار، والحاجيات تزداد، ولعل البشرية الآن لم تعد تقبل أن يحكمها حاكم مدى الحياة، وهي لن تقبل أيضا أن لا تساهم في اختيار الحاكمين.. يا صديقي، فهذه الخلافة لن تكون مرضية إذا لم ينتخبها الشعب، وخليفة المسلمين قد لا يسمى خليفة أو أميرا، بل قد يسمى رئيسا منتخبا لمدة محدودة.. إن الإيمان بالحديث، لا يعني إعمال تجربة واقعة السقيفة، بل الأخذ بالتجربة الديمقراطية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والاجتهاد في هذا يجب أن يفصل عن العواطف... لا أريد يا صديقي، وأنا أحلم بالخلافة، أن أجد ذلك "الخليفة المنتظر" حاكما بأمر الله مدى الحياة، لهذا أنا أختلف معك..يا صديقي.