ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة على قراءة مقال الأستاذ عبد العالي مجدوب
نشر في هسبريس يوم 11 - 09 - 2012


مدخل
انهمر على الساحة الفكرية داخل جماعة العدل والإحسان وَابِلٌ من الكتابات والانتقادات، يبغي بها أصحابها توضيحا أو تقويما أو نقدا لفكر المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله. وما النقد أو التقويم بالأمر المدان داخل كل فكر بل غناء له وثراء غير أننا لازلنا نفتقد أقلاما وازنة ومتمكنة حيث نرى من يكتب عن الثابت والمتغير من غير أن يحدد آليات التفكيك وإعادة التركيب حتى يَعْلمَ فَيَمْتَلِكَ المعنيون بالأمر أداة الفصل بين الثابت والمتغير. و من يتحدث عن الصحبة في جماعة والجماعة في الصحبة لكنه لم يُوفَّق في الجمع بين الأمرين و من تنصل جملة وتفصيلا عن تصور المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله. و لعمري إنه لعمل محمود يدل على حيوية مطلوبة من أجل تصحيح المسار إن كان ثمة اعوجاج،.فلا حاجة للفكر بإمعة كَلٍّ على حامليه.
ونريد أن نساهم بكتاباتنا عَلَّنَا نكون سببا في توضيح ما أُشكل من الفهم. لا نزعم أننا أكتر فهما لكن تعثر أصحاب هذه الأقلام وانزلاقهم - في تقديرنا- يقتضي منا المساهمة.
تساؤلات
* هل يمثل حديث الخلافة على منهاج النبوة العمود الفقري للمنهاج النبوي ؟
* هل يمثل حديث الخلافة على منهاج النبوة العمود الفقري للخط السياسي ؟
ردا على موضوع السيد الفاضل عبد العلي مجدوب المعنون "السياسة بين تطبيقات الدين وظنيات الإجتهاد" أراني مجبرا أن أوضح مفهوم المنهاج النبوي ومفهوم الخط السياسي نظرا لكون السيد الفاضل ركز في مقاله على عبارة المنهاج السياسي ويقصد بها الخط السياسي.
وخَلْطُ المنهاج السياسي بالخَطِّ السياسي قد يلبس الفهم على القارئ فيفهم من المنهاجِ السياسي المنهاجَ النبوي. وبما أن السيد الفاضل جعل المنهاج السياسي يرتكز على حديث الخلافة وخلص من خلال بحثه إلى أن نتيجة اجتهاد المرشد حفظه الله لاغية، فيصبح المنهاج السياسي الذي هو المنهاج النبوي برمته لاغيا.
خَلْطٌ فلبسٌ لا ينبغي أن نقع في أوحالهما سِيَمَا والأمر جلل : هدم للبنيان من أسه. ولسنا ضدا لمن يبصرنا بعيوبنا ونقصنا، بل إنه من دواعي سرورنا أن نجد من يقومنا - رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا-
وسوف اختم موضوعي بإلقاء الضوء على سياق حديث الخلافة والدروس المستنبطة منه وعلاقته بخطنا السياسي. غير أني لن أتناول الموضوع من مدخل أُصوليٍّ مُرتَكِز على آلية "الظن و القطع"، فمنهجيا لا أرى لهذا المدخل جدوىً و إلا فالأولى أن يُنظَر فيه عن طريق آلية الدلالة للنص من حيث الإشارة و العبارة و الاقتضاء .....
أهم ما جاء به مقال السيد الفاضل عبد العلي مجدوب
موضوع السيد الفاضل عبد العلي مجدوب يتمحور في نقطتين أساسيتين :
* المنهاج السياسي لجماعة العدل والإحسان أسه حديث الخلافة
* حديث الخلافة لا يمكن اعتماده لكونه ظني. واللغة لا تسعف لفهم مفهومي العض والجبر
والخلاصة ضرب التصور في كليته، والهدف القبول بالملكية، والغاية المشاركة السياسية."إذا ربطنا هذا المقال بمقاله السابق – الربيع العربي-"
المنهاج النبوي
حينما عرض المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله تصوره للعمل الإسلامي في العدد الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر من مجلة الجماعة قدم له بالإشكالية الكبرى التي يروم معالجتها حيث قال : "...... وبين أيدي المؤمنين وفي صدورهم آيات الله يتلونها ثم لا تترجم أعمالا، بين أيديهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبونها ويقرءونها ويعجبون ويحنون لكن لا يسلكون كما سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه مسلك الجهاد الذي:
* سما بهم إلى ذرى الإيمان والإحسان تربية
* ورفعهم إلى الخلافة في الأرض تنظيما ودولة"
الإشكالية استنهاض للهمم وإحياء للأمة من أجل الظفر بالسير على مستويين :
* المستوى الأول: مطلب سماوي يسمو بالأمة إلى ذرى الإيمان والإحسان تربية : الإحسان
* المستوى الثاني: مطلب أرضي في خدمة المطلب السماوي يرفع الأمة إلى الخلافة في الأرض تنظيما ودولة : العدل
الإشكالية بحث عن السبيل، عن الطريق، عن الكيف، عن الآلة، عن المنهاج الذي به يكون المؤمن على المستويين سائرا. إن رجعنا إلى "كتاب الإسلام غدا" وهو- في نظري- العمود الفقري لفكر الأستاذ المرشد من الوجهة النظرية، إن كان كتاب "المنهاج النبوي" هو العماد من حيث الجانب العملي التطبيقي، فنجد أن المرشد حفظه الله تحدث في الفصل الأول تحت عنوان : -المنهاج النبوي وحركيته- عن مفهوم المنهاج النبوي و لم يتطرق لحديث الخلافة بل جعل المنهاج النبوي هو اقتحام العقبة حيث قال : "عرض المنهاج على القارئ المسلم دعوة الى العمل الإسلامي ابتداء من التفكير في رسالة الأنبياء لنا. وبما يحمله المنهاج من أسباب الكشف عن واقع الفهم وسوء التطبيق للرسالة المنزلة. سوء الفهم للإسلام يطلب أن يكون المنهاج أداة للمعرفة. وسوء تطبيق الرسالة المنزلة يبغي أن يكون المنهاج وسيلة لبعث وعي إسلامي ينفتح على ميادين العمل لتغيير ما بنا.... إذا سألنا لماذا المنهاج وفيم؟ أجابنا الوقت وضالتنا فيه أن لا معنى للمنهاج إلا إذا كان التغيير هدفه ومقصده وغايته .... معرفة الإنسان والكون ووعي المسلم لإسلامه ولمغزى وجوده في الأرض ليتصرف وفق نظرته لنفسه وللعام الخارجي ذلك ما جعله المنهاج النبوي في متناولنا ............ نأخذ من الآيات الكريمة – سورة البلد- الصيغة الواحدة المركزة للمنهاج النبوي، هذه الصيغة هي اقتحام العقبة"
المنهاج النبوي إذن:
* أداة للمعرفة: معرفة الإنسان والكون ووعي المسلم لإسلامه ولمغزى وجوده في الأرض ليتصرف وفق نظرته لنفسه وللعام الخارجي
* وسيلة لبعث وعي إسلامي
* التغيير هدفه ومقصده وغايته
وهو اقتحام العقبة.بما فيها من حَثٍّ، عدلا و إحسانا، على:
* فك الرقاب إحسانا بالتربية والسلوك إلى الله وإن شئت فقل فك رقاب الناس من قيد الشيطان
* فك الرقاب عدلا بالتمكين في الأرض تنظيما ودولة وان شئت فقل فك رقاب الناس من قيد السلطان
* إطعام المساكين إحسانا بزاد التقوى "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى"
* إطعام المساكين عدلا بالسعي لتحقيق العدل في قسمة الأرزاق
* كينونة مع المؤمنين إحسانا بصبر النفس مع الذين يدعون ربهم يريدون وجهه
* كينونة مع المؤمنين عدلا لقلب وإزاحة الأنظمة الظالمة وإحقاق حاكمية الله.
فالمنهاج النبوي هو الذي يؤطر هذا العمل و يفصله و يُسَيِّجُه بجهازه المفهومي و بما امتاز به من مرونة و شمولية و بما احتواه من مئات الأحاديث يشد بعضها بعضا و يكمل بعضها بعضا. و لا يمكن لهذا العمل الضخم أن يحصره حديث الخلافة على منهاج النبوة. و ما الخط السياسي في الفكر المنهاجي إلا لبنة في بناء عظيم. فما الخط السياسي إذن؟
الخط السياسي
يقول الحبيب المرشد رضي الله عنه في المنهاج النبوي "فأول سؤال يطرح على المؤمن المتحري في تصرفاته هو: هل يجوز القيام على حكام الجبر؟
قال الله تعالى:" يا أيها اللذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " نقف عند كلمة منكم أمنا دمى الالحاد في افغانستان ؟ أمنا من سفك دماء المؤمين في مصر ومن يسفكها في كل بلاد المسلمين......
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الامام احمد وابن ماجة والطبرني ، وهو حديث صحيح ، عن ابن مسعود (سيلي اموركم رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدعة ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها) فقلت _يا رسول الله ان ادركتهم كيف افعل ) قال : تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل اا لا طاعة لمن عصى الله)
من اخر الصلاة عن وقتها عامدا كفر، ومن أخرها فقد تركها، ومن تركها اصبح منهم لا منا، ومن كان منهم لا منا فلا طاعة له علينا (وتسألني يابن أم عبد ما تفعل)"
ثم يتابع قائلا "يحرم علينا السكون والرضى وطاعة من يعصون الله....روى ابونعيم في دلائل النبوة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الا ان رحى الاسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار ألا إن كتاب الله والسلطان سيختلفان، فلا تفارقوا الكتاب، ألا انه سيكون عليكم امراء يرضون لانفسهم ما لا يرضون لكم، ان اطعتموهم اضلوكم وان عصيتموهم قتلوكم- قالوا وما نفعل يا رسول الله ؟ قال كما. فعل اصحاب موسى حملوا على الخشب ونشروا بالمناشير فوالذي نفس محمد بيده لموت في طاعة خير من حياة في معصية "
خطنا السياسي الواضح هوأننا لا نعارض حكام الجبر معارضة الاحزاب على مستوى تدبير المعاش والاقتصاد بل نعصيهم لأنهم خرجوا على دائرة الإسلام ......نعصيهم ونعارضهم لانهم خربوا الدين واتخذوا من أمريكا ووروسيا اولياء من دون المؤمنين.
الامر أعمق واخطر واشد صرامة من مجرد المعارضة السياسية -."
ان كان لخطنا السياسي حديث / عمدة كما يسميه الأستاذ عبد العلي مجدوب فهو حديث العصيان، في حين يشكل حديث الخلافة تأطيرا عاما لفهم تاريخ المسلمين. لكن الموقف واضحة أسبابه من خلال الحديث - كتاب الله والسلطان سيختلفان = فدوروا مع الكتاب حيث دار- وليس الأمر انبهارا بمصطلح ،في حديث، اسمه العض أو الجبر. الأمر أعمق وأكبر ، وإلا فكيف نفهم "ثورة" سيدنا الحسين رضي الله عنه ؟ غير تقديره أن الكتاب والسلطان قد اختلفا. فتقدير المرء لوجود شرخ بين كتاب الله والسلطان هو الذي يحدد موقفه.
خطنا السياسي عن رؤية مؤصلة لمفهوم الخلافة والملك قد بني. و ثمة تمايز واضح و شاسع بين بنية السلطة في الخلافة و بنية السلطة في الملك. هاته بنيت على التوريث الذي بمقتضاه يصبح الملك ملكا. و تلك مبنية على التشاور من منظور الوحي و السنة، الشيء الذي لا يحدده حديث الخلافة و لا يفصل معناه و لا يؤطره إلا من حيث الإشارة فقط لنوعين من الحكم "الملك و الخلافة"، و لقد حسمَ البيانَ حديثُ " الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ...".
و من هنا أرى التركيز على مفهومي العض و الجبر لنقد الفكر المنهاجي مجانبة للصواب، ذلك أن كلمة "ملك" لوحدها من غير إضافة لعض أو جبر كافية لإخراج هذا النمط من دائرة الخلافة.
ففيم حديث الخلافة إذن ؟
حديث الخلافة :
"نجد كلمة منهاج مقترنة في موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشارته لنا بكلمة نبوة، فهو منهاجِ نبوة :( تكون فيكم النبوة ما شاء الله أن تكون.....)"
كيف فهم الحبيب المرشد حفظه الله هذا الحديث وأين وظفه وما علاقته بخطنا السياسي؟
يفهم من خلال حديث الخلافة أنه تبشير بخلافة ثانية وهو تحصيل حاصل إذا ما قورن بعشرات الأحاديث في الباب، وبموعود الله "ليستخلفنهم في الأرض" لكن هذا الحديثَ البشارةَ لا يجيب عن لب السؤال، عن شرط الاستخلاف في الآية السالفة الذكر، فبالتالي لا يمكنه أن يكون عمادَ تصورنا كما يفهم البعض. غير أن الأستاذ المرشد اتخذه مكان الضوء الكاشف لأبعاد أخرى نذكر منها :
1- بشرى يستبشر بها المؤمنون. وهي بشرى قد تفضي إلى عقلية انتظارية، سلبية، مثبطة في غياب آليات للفهم و التحليل، في غياب جهاز مفهومي و نسق متكامل ونظرة متبصرة، و ذلك ما يضعه المنهاج في متناولنا.
2- قراءة في تاريخ المسلمين : ونقصد بتاريخ المسلمين مسيرة الأمة الإسلامية في عمومها وليس في تفاصيل أو جزئيات بعض الأزمنة أو الأمكنة، فلا يحق لنا أن نسأل عن طبيعة حكم سيدنا عمر بن عبد العزيز مثلا هل هو خلافة أم ملك؟ نظرا لكونه استثناءا في مسير الأمة التاريخية والاستثناء في علم المنطق يثبت القاعدة ، إذ القاعدة ملك وتجبر حينها.
تأمل المرشد حفظه الله حقبة ما بعد الخلافة فاستخلص ما يلي :
* ذهاب وحدة المسلمين إذ وحدة المسلمين تعني استشارتهم. ذهاب الشورى يعني ذهاب رأي الآخر وهو ما يعني اختلال نظام الحكم .
* بقاء كتاب الله حكما بين المسلمين رغم ما في الحكام من خوارم وهو ما يمكن أن نصطلح عليه ب: بقاء قانون الحكم وهو كتاب الله
يقول المرشد حفظه الله : "كانت بيعة يزيد النموذج الأول لتحريف نظام الحكم في الإسلام وتحويله إلى كسروية ........ هكذا تمت أول بيعة نقلت الحكم من خلافة إلى ملك ، ومن الشورى والاختيار إلى القسر والإرغام"
خصائص هاته المرحلة إذا :
* فساد نظام الحكم -الشورى-، وبقاء قانون الحكم –القرآن-
* انفكاك وحدة المسلمين وبقاء وحدة دار المسلمين
بقاء كتاب الله حكما بين المسلمين وبقاء وحدة دار المسلمين شكّلا ما أسماه الفقهاء بيضة الإسلام ففضلوا طاعة الملوك وأفتى ديدان قراء سلاطينهم بتسميتهم خلفاء.
ثم جاء بعد ذلك زمن تجبر فيه الحكام على الله قبل الخلق وحطموا ما بقي من صرح الإسلام قائما ألا وهو كتاب الله، فحكموا بغير ما انزل الله ثم عمدوا إلى دار المسلمين ففتتوا وقسموا وجزءوا فما عاد للإسلام وأهله وحدة دار.
ذهب قانون الحكم، وذهبت وحدة دار المسلمين فما بقي للمسلمين ما يتمسكون به أو يقدمون الطاعة من أجله. وهنا نريد ان نفتح النقاش مع من يعارضنا.وهنا وجب للمعترض أن يقدم نقدا أو بديلا.
تحدث الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في حديث الخلافة على نوعين من الحكم يفصلان حقبتي الخلافة وعرفت الأمة نوعين من أنماط الحكم، فلا مشاحة في الألفاظ فمن لم يسعه وصف الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم للحكمين بالعض والجبر فليسميه ما يشاء، الأصل أنهما نوعين من الحكم.
حديثان مختلفان، حديث الطاعة وحديث العصيان ، فرقا الأمة بين شيعة وسنة، هذه أطاعت خوفا من مخالفة قول الحبيب المصطفى وتوجيهاته وتلك عصت خوفا من مخالفة قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام وتوجيهاته .
يأتي الاجتهاد الأعظم للحبيب المرشد رضي الله عنه في كونه أوجد العلاقة بين الحديثين والحكمين ، فلئن حُقَ للناس ان يطيعوا حكامهم، على ظلمهم، لِمَا يرونه من كتاب الله بينهم لا يزال قائما ولِمَا يرونه من وحدة لدار المسلمين و"فتوحات" تدعوا الناس الى الله، فحري لمن فقد ما من شأنه سَلَفُه أطاع أن يعصيَ أولي الأمر.
حديث الخلافة قد يفيدنا في فهم تاريخ المسلمين لاستنباط الدروس وفهم المواقف المختلفة والمتضاربة لسلفنا الصالح، بغية توحيد الأمة لكنه غير كاف ان يقدم لنا منهاجا به نكون على ما كان عليه حبيبنا المصطفى وصحبه. ومعظم الأحاديث التي أتى بها الاستاذ الفاضل عبد العلي مجدوب تؤكد الملك بين الخلافتين وليس العكس ولا يهم في شيء نسبة كلمة "رحمة" للملك إلا لمن يجاهد و يكابد في تثبيت الملك ليُضفيَ الشرعية الدينية من أجل قبول الممارسة السياسية تحت ظل الملكيات.
و الله أعلى وأعلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.