منذ أن بدأ يقض مضجعنا ويرفس قمامات حينا و يحرمنا من الإحساس بأمان لطالما تغنينا به في منطقتنا الهادئة الجميلة و الحالمة و التي كنا نجول و نصول فيها حتى ساعات جد متأخرة من الليل بدون خوف أو هواجس إلى أن جاء هادم الملذات أخطر المجرمين ههههههه، و الأنكى من هذا و ذاك هو ما يفرضه علينا من تنظيف لمخلفاته الكريهة و النتنة، حتى أصبح هاجسي هو مراقبته و الرغبة الأكيدة في جعله يقترب أكثر من باب منزلنا؛ و الذي يزوره تقريبا كل يوم منقبا عن بقايا طعام القطط الذي بات يعرف مكانه، و بت أعرف بصمته من رائحته الكريهة و بقايا التراب عند مدخل المنزل و الذي يكون عالقا بفمه و هو يلعق الإناء المخصص للقطط، فقط لتصويره من باب الفضول للتعرف عن قرب على مخلوق يثير في الناظر إليه مشاعر غريبة و متناقضة . اقترب أكثر فأكثر بفضل خبز القمح الكامل الذي استطعمه و على ما يبدو أعجب به ، و الذي كانت بناتي يرمين به إليه (لاستدراجه إلى مدخل المنزل حيث الضوء قويا )، و هو يلتهمه مصدرا صوتا مزعجا يشبه الشخير حتى أصبحنا نناديه "بشْخيخيرْ"عوض" الحلُّوف ". لن أتحدث كالبقية عن القرف الذي يثيره فيهم بمجرد رؤيته ، سأتحدث عن القرف الذي تخلفه سلوكاته العفنة و المكروهة .. هذا المجرم فرض علي هذا الصباح جمع قمامة أكثر من أربعة أيام ، بعد أن كانت موضوعة في الجردل المخصص لها ( السطل )، و الذي و بمجهود فكري من زوجي قام بابتكار فكرة إبعاده عن الأرض مسافة معينة بحيت وضع على قالب حديدي حتى يصعب على الخنزير البري قلبه بفكه القوي العجيب ، و رغم ذالك تمكن هذا الحشري من تعويج هذا القالب المصنوع بإتقان و قلب القمامة و تحويلها إلى أشلاء مبعثرة هنا و هناك ، حتى اضطررت إلى دخول حديقة جارتنا لمسح آثار جريمته مع الساعة السادسة و النصف صباحا ، و اخترت ذالك التوقيت عن قصد تفاديا لرؤية أحدهم لي و أنا أقوم بذالك العمل المقرف بكل ما تحمله الكلمة من معنى في وضح النهار... لكني لن أنسى أنه و في كل مرة كنت أحس بالغبن و أنا اقوم بعملية المسح تلك رغما عني إلا و كنت أردد بيني و بين نفسي : " الله يسمحلنا من عامل النظافة و أؤكد على هذه الكلمة "... فأنا و في مناسبة عقيقة ابنتي رواء منذ سبع سنوات مضت؛ استعنت بسيدة للقيام بالأعمال المنزلية، و عندما طلبت منها جمع الأزبال أولا قبل الشروع في عمل آخر قائلة :" الله يخليك أول حاجة جمع لي الزبل بعدا باش إلى جا الزبال يحيدو علي هو الأول "... فما كان من " الشعيبية "؛ التي ربما لم تتابع دراستها و لم تحصل على أية شهادة تذكر؛ أجابتني بكل ثقة و رغبة في تثقيفي: " هذاك آمدام ماشي الزبال هداك راه عامل النظافة"... لم اجد ردا مناسبا حينها الا من قول :"عندك الصح.....ايوا الله يسمح لينا راه حنايا هما الزبالة نسيت "... صراحة بدأت أضيق ذرعا بهذا المخلوق العجيب الذي و رغم أني اعترف أنه لم يجد في حديقة منزلنا مزروعات فلاحية ليعيث فيها فسادا، إلا من بعض عروش الطماطم التي عبث بها و لم يأكلها حتى؛ و لكنه رفش تربتها مؤذيا العشب و المزروعات و البيئة بأكملها حتى باتت كئيبة في منظرها .. حاليا أحلم بعملية تطهير لمنطقتنا من هذا المؤذي و المخرب و العفن حتى ترجع إلى زمنها الذي عهدناه .... وبالمناسبة انكببت على مشاهدة عمليات الصيد الخاصة بالخنزير البري في وطننا و في كثير من البلدان الأجنبية . حقا انه حلم يراود الجميع، لكني و بين كل الأصوات المؤيدة لتصفيته، أتمنى أن تتم هاته الأخيرة في ظروف رحيمة و إنسانية. فبالرغم ما يسببه لنا من إزعاج و مقت و قذارة، لكن الرحمة تبقى هي سر هذا الكون، لأن بعض الطرق في التخلص من هذا المزعج للإنسان و البيئة وجدتها في الحقيقة أكثر قرفا مما يقوم به " الحلوف " الله يعفو علينا منو ..