أخبرتني صديقة أن صورتي معلّقة على عربة مول الببّوش (الحلزون) هي صورة مع مول الببّوش في نشاط ثقافي .. لم يزعجني الأمر لأن في زمن ما كنّا ممنوعات في المدينة المحافظة من أكل الحلزون بالشارع ومن أشياء أخرى كثيرة .. ها أنا ذا يا أبي أجوب المدينة على عربة حلزون.. كنت أعرف أن الثورات التي اقترنت بالفل والياسمين ستفشل .. وحدها ثورة الحلزون استطاعت الصمود وهذا في حدّ ذاته يفتح أفقا جديدا في السياسة والأدب .. في طفولتنا، كان يوم الحلزون تاريخيا .. تأتي فيه هاته الصدفيات الغريبة للمنزل وتعيش معنا ليوم وليلة ترعى في الآنية نخّالة توضع خصيصا لهذا الغرض بغية تخليص الكائنات اللزجة من كل الأدران الداخلية .. تبدأ النساء في استعراض ثقافتهن الواسعة في الشأن الحلزوني .. تقول أمي لصديقتها : الحلزو ن الصغير ألذ من الكبير وأنقى منه لتبرّر إجهازها على صغار الحلزون ..هكذا كانت الأمور تمشي آنذاك كل ما هو صغير ينتمي إلى فصيلة البلدي وبالتالي فمذاقه أفضل .. أتذكر الفتاوى التي صدرت في حق الحلزون في منتصف الثمانينات حتى وصلت إلى حدّ تحريمه بدعوى أنه لا يُنحركأضحية العيد .. لكن سرعان ما تم الحسم في مسألة تحريم الحلزون قياسا على السمك .. كانت تبهرني قدرة النساء على الإجتهاد في الأمور الدينية المتعلقة بمطابخهن فغالبا ما يتم الإنتصار لثقافة الأم .. في نهاية المطاف يصعب التخلي عن أكلة موسمية نادرة توضع فيها كل التوابل وكل الأعشاب المفيدة في سعادة الأسر .. كان لدينا نشيدا خاص بالحلزون يأخذ كل منا حلزونة أو أكثر ونبدأ بالإنشاد : خرّج ڭريناتك أولا نقتل ليك وليداتك .. تفهم الحلزونة المفجوعة في أمومتها ما نقول فتُخرج قرنيها طواعية .. يستمر الكورال للحظات إلى أن نضجر فنعيد الحلزونات إلى الآنية و يختار الساديين منا سحقها بين أيديهم أو بأحذيتهم .... أفرح كثيرا حين تخترق كائنات ناعمة كالحلزون عوالم الأدب ..لا خير في أدب لاتتذوق فيه مرق الحلزون