المشهد الأول ترجل رئيس وأعضاء المجلس البلدي من سياراتهم الخاصة بعدما أركنوها بنظام في ساحة مقابلة للمطعم الإيطالي الشهير الواقع في شاطئ البلدة السياحية الإسبانية الذائع صيتها عالميا... لقد انتهوا للتو من الإجتماع الماراطوني السنوي المخصص للمصادقة على الحساب الإداري للبلدية و الذي يناهز ثمانين مليون أورو ، و قرروا تناول عشاء جماعي في ذلك الوقت المتأخر من الليل . حجزوا مائدة طويلة في ركن المطعم بعدما اعتذروا بلباقة لمديره عن هذا الحضور المتأخر ووعدوا بعشاء سريع يحترم موعد إغلاق المطعم . تقدم الناذل المغربي لتسجيل طلباتهم ، لكنه فوجئ بها معدة سلفا من طرف أصغر عضوات المجلس التي قامت بالمهمة بشكل سريع و احترافي بغرض التذكير المرح لزملائها الأعضاء بسنوات ( السربيس ) بالمطاعم الشاطئية خلال العطلة الصيفية و التي كانت مداخيلها تغطي مصاريف دراساتها الإقتصادية بأعلى المعاهد . و ضعت الأطباق فوق المائدة فإذا بها أرخص أنواع ( البيزا ) الإيطالية مع بعض المرطبات .. طلب أحد الأعضاء فاتورة الحساب من الناذل المغربي الذي توقع أن يخرج ( السيد الرئيس ) بونا سمينا من مالية الجماعة ، فإذا به يلقي نظرة سريعة على فاتورة الحساب و أخرج من جيبه بضع أوروات ثمن وجبته البسيطة و وضعها فوق صحن فارغ و ناول الفاتورة لبقية الأعضاء الذين ( ضرب ) كل واحد منهم يده إلى جيبه و بحث في ثناياه ليسدد مبلغ ما ( سرطه ) خلال العشاء .. ثم ودعوا عاملي المطعم بابتسامات عريضة . المشهد الثاني توقفت سيارتان بمحطة البنزين الواقعة على مشارف مدينة القصر الكبير و ترجل منهما ستة أعضاء من المجلس البلدي دلفوا مباشرة لمقهى المحطة و تركوا أحدهم يظهر أنه المكلف بمالية المجموعة قرب السيارتين منتظرا أن يملئ العامل خزانيهما بالوقود . انتهى العامل من مهمته فناوله ( الأمين ) بونين باسم الجماعة الحضرية مدون عليهما كمية ( المازوط ) ثم التحق ببقية الأعضاء قصد تدارس برنامج الرحلة التي كلفهم بها رئيس المجلس البلدي بمهمة شراء ( البراوط ) لفائدة مصلحة الأشغال بالبلدية من أحد المتاجر الكبرى بمدينة طنجة . صاح أحد الأعضاء بفرح طفولي معبرا عن غبطته في مشاركته في هذه الرحلة التي ألفها زملاءه كلما سنحت إحدى الصفقات بذلك .. هي ( حجة و زيارة ) كما يقولون لكي يبرروا مرورهم الروتيني بأحد ( الحفر ) الشهيرة بعاصمة البوغاز ، حيث تتوفر الأجواء المثالية لمناقشة الصفقات و سبل إخراجها إلى حيز الجيوب عفوا الوجود ، كما توفر حالات الإنشراح الذهني هناك فضاء حرا للتعبير عن الدعم الكامل للإخوان في الرباط في تناوبهم التاريخي المشهود .. هب ( الأمين ) مرة أخرى بكل عزم نحو الصندوق و رمى بورقة مالية زرقاء إلى القابض دون اكثرات ، و التحق بزملاءه الواقفين في انتظاره قرب باب المقهى .. و غادروا المكان بقهقهات عالية ..