بعد تفكير وتأمل وتدبر، اتخذت قراري النهائي الذي لا رجعة فيه، قررت أن أفجر مواهبي وأنافس الكبار، من هؤلاء الشعراء والكتاب والنقاد الذين يطلون علينا في القنوات الفضائية المختلفة؟ هل هم أفضل مني؟ هل قريحتهم تبدع شعرا أكثر من قريحتي؟ هل لديهم رؤية نقدية أفضل من رؤيتي؟؟ من يكونون إذن ؟؟؟ القرار الذي اتخذته اليوم لا مجال فيه للمهادنة، إنها ثورة نقدية شعرية روائية قصصية، سأكتب الشعر وأنتقد الأعمال الفنية وأكتب الرواية والقصة والقصة القصيرة والأقصوصة والقصة القصيرة جدا، سأنشر أعمالي في كل الجرائد والمجلات، حتى تلك التي لا يقتنيها أحد، أو تلك التي تصل إلينا مغلفة بروائح النفط، والتي تؤدي بالدولار عن كل شيء مهما كان تافها، سأتخذ لنفسي كل الألقاب، شاعرا، ناقدا، قاصا، روائيا، كاتبا، وكل صفة سأراها ملائمة لطاقاتي التي تصارعني من أجل الانفجار. هي الثورة إذن لا محالة، إذا كان محمود درويش شاعرا، فأنا أيضا شاعر، ألا يسمى الشعر حرا ؟؟ سأجعل حريتي الشعرية تضع الكلمات إلى جانب بعضها كيفما اتفق، ولا حق لكم في انتقادي أعمالي أو السخرية منها، فانا وحدي أفهمها، المهم أنني أكتب الشعر، سأشاهد كل الأعمال الفنية، وأفسرها كما أراها أنا بعيدا عن تلك الهرطقات المسماة أدبيات النقد، سأطل عليكم من جميع القنوات التي توجد في مخيلتي، وسأكون نجما رغما عن أنف الجميع، سأكتب عن كوب الشاي الذي ينقلب فجأة ويقوم صاحبه غاضبا، وأفرض عليكم تصنيف هذه الحادثة ضمن الإبداع القصصي القصير جدا، سوف أحاور نفسي وأبعث هذا الحوار لينشره أي صحفي مفلس متثائب لا يجد ما يفعله، سينشره باسمه، وأصبح أنا النجم المشهور الذي يسعى الجميع لإجراء لقاء معه، سأخلق الحدث من اللاحدث، سوف أجعلكم تتهافتون على شراء مؤلفاتي، وسوف أضع إعلانات وملصقات في جميع الأرجاء، حتى لا تقع الكوارث والاصدامات جراء التنافس لاقتناء مؤلفاتي العظيمة، سوف تأتي الدراسات التي تمحص في مضمون مؤلفاتي، وسأصوغ هذه الدراسات بنفسي وأمنح لأصدقائي شرف نشرها باسمهم، سأكون كريما جدا معكم وأطلعكم على أخباري أولا بأول، فأنا نجمكم المفضل الذي لن تغمض أجفانكم إذا لم تعرفوا ماذا كتبت وأين حللت وارتحلت، لا يهمنى من سيتهمني بالسرقة الأدبية أو سرقة قراءات في الأعمال الفنية أو غير ذلك ...، فكل ما هو مكتوب لدي حق فيه، المهم أن أصبح مشهورا، وأن تأتيني طلبات اللقاءات التي لا تنتهي، سوف أترفع عن بعض النقاشات التي أرى أنها ستحرجني أو تفضحني، وسوف أعتبر كل من سيساعدني في بلورة قراري الجريء صديقا لي، سوف أصادق كل الصحفيين وأصدقاء الصحفيين، سوف أثمن كل الأعمال التافهة لكي يبادلونني التثمين، وأبدو محاطا بمعجبين كثر، فأرجوكم لا ترهقوني بإعجابكم، ولا تمنحوا رقم هاتفي الشخصي لأي كان، فهواتفي لا تكف عن الرنين، لقاء هنا وحوار صحفي هناك وطلب توقيع أعمالي في الضفاف الأخرى من الكوكب، أرجوكم لا تجعلوني أتراجع عن قراري لأصبح كل شيء، وأخبروا كل العظماء ان زمنهم قد ولى، وأن قراري سيجعلني نجم زماني.