هي شعارات كتبت بالخط العريض على الجدران الإسمنتية عند مدخل محطة قطار القصر الكبير، لا تخطئها عين المسافر على القطار ، مؤلمة حقا وفي الصميم ، ترثي حال مدينة تغنى بها الشعراء والفرسان والأولياء ، و أحالتها يد بشر 0خر الزمان إلى مدينة للأزبال والعشوائية و عدم النظافة والاستهتار ، هكذا كتب أحدهم بدون ورع أو خوف من أحد بعد ان فاض به الكيل ( القصر الكبير مدينة الأزبال ) و محملا المسؤولية في ذلك للمجلس البلدي النائم في سبات عميق لربما لن يصحو منه أبدا ( المجلس البلدي ناعس) إلى 0خر الدهر. فلم يعد أمر المدينة الصامدة والعصية على الاغتيال يخفى على أحد لا في جهة طنجةتطوان ولا في قلب عمالة العرائش ولا هناك في الإدارة المركزية ، وأصبح الحديث عن التهميش و الإقصاء من مخططات التنمية و من برامج النهوض الاقتصادي و الاجتماعي و عدم تأهيل البنية التحتية مجرد كلام مكرر لا فائدة ترجى من اجتراره وأسطوانة مشروخة مل البعيد قبل القريب من سماعها في كل مرة نتحدث عن المدينة ما دام السادة المسئولين المعنيون بها أكثر من غيرهم قد حفظوها عن ظهر قلب وعرفوها كما عرفوا أنفسهم وخبروا دواخلها ، ولكن يأبون في كل مرة يطرق هذا الكلام مسامعهم إلا أن يقذفوا به بعيدا كما يتقاذفون الكرة ويرمون بها وراء ظهورهم كأن شيئا لم يكن . الذي كتب الشعارات الناقدة التي تحمل السلطات المحلية و المجلس البلدي المسؤولية عن الوضعية الكارثية لمدينة القصر الكبير كان محقا في طرحه ، بل و أراد أن يجعل من منهجية تأنيب ضمير واستثارة مسؤولية من يتولون مهام تدبير وتسيير مجلس مدينة القصر الكبير وسيلة كي يرجعوا عن تماديهم اللامسؤول وإهمالهم وتقصيرهم في تدهور أوضاع المدينة على جميع المستويات، خاصة عندما يصبح الأمر أضحوكة للعامة والخاصة وموضوعا لسخرية المسافرين القادمين من طنجة أو الذاهبين إليها ، حين نسمع ضحكاتهم في القطار وهم يكررون لفظة (القصر غير عروبية)، ويمسحون في رمشة عين وبكلمة هوجاء تاريخا حضاريا عميقا لأبيدوم نفوم ، ليتحول إلى رماد تذروه السياسات التدبيرية العشوائية لمسؤولينا الكبار في زماننا الأغبر. تهميش مدينة القصر الكبير ليس قدرا غيبيا محتما عليها ينبغي التسليم به والركون إليه كما لو كنا في زمن المجذوب رضي الله عنه ، بل كل ما تعانيه إنما هو صنع يد البشر ، وتراكم الأخطاء في التسيير و التدبير منذ عهد الاشتراكي الطويل مرورا بالدستوري بويحيى إلى الإسلامي خيرون ، فكلهم نهلوا من نفس معين التصورات الغيبية السلبية ، وأصروا في سياساتهم على تنفيذ مقولة العجائز أن هذه المدينة لن ينصلح حالها ، فتركوها على ما هي عليه تأن من وطأة الظلم و العجز والتقصير الإنساني ، و فتور همم الإصلاح و الرغبة في العمل ، و أغمدوا فيها سيوف الحيف و التبذير و التغاضي عن الفساد الإداري و الاقتصادي المستشري في ربوعها . الذين اعتبروا القصر الكبير مجرد بادية لم يخطئوا في وصفهم بل نزيدهم من الفن طرف لنقول لهم أنها أصبحت كائنا هجينا فلا هي بالبادية كما يعرفها الناس ولا هي بالمدينة فيكفي أن يقوم المرء بجولة قصيرة في المدينة ليرى مظاهر البداوة والعشوائية وتداخل الأبنية وتساكن البشر والدواب وأكوام الازبال و غبار الطرق المتآكلة ليعلم معنى مقولة أنها عروبية لا تفرق كثيرا عن الأسواق الأسبوعية المجاورة لها . مدينة القصر الكبير بحاجة ماسة لسواعد تعمل و كفاءات تكد وتجد لكي تتولى المسؤولية في إدارة مجلسها البلدي ، كفاءات لها الغيرة على المدينة ويحز في نفوسها ما وصلت إليه من انحطاط وتدهور، لتعمل أكثر مما تقول ، كما على السكان (قصراوة) أن يكونوا في مستوى التطلعات وان يبذلوا جهدهم في اختيار الأصلح ثم الأصلح إن أرادوا إنقاذ مدينتهم من وهدة السقوط المريع .