لحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الأُذُن: العضو الحسي الذي يُمكّننا من السمع، والذي هو أحد أهم الحواس وللأذن وظيفة أخرى بالإضافة للسمع وهي حفظ التوازن، فهي تحتوي على أعضاء خاصة تستجيب لحركات الرأس فتعطي الدماغ معلومات عن أي تغيير في وضع الرأس، فيقوم الدماغ ببعث رسائل إلى مختلف العضلات التي تحفظ الرأس والجسم ثابتين،كما في حال الوقوف، أو الجلوس، أو السير، أو أي حركة أخرى. ولكثير من المخلوقات آذان مشابهة لآذان الإنسان، ويملك بعضها حاسة سمع قوية جدًا، والسمع مهم أيضًا لأمان وبقاء العديد من الحيوانات، فالأصوات تحذرها من اقتراب الأعداء أو أي خطر آخر، كما يقوم بعضها بالغناء أو الهسهسة أو الدندنة أو إصدار أصوات أخرى للتفاهم فيما بينها. كل شيء يتحرك يحدث صوتًا، والصوت يتكون من اهتزازات لجزيئات الهواء التي تنتقل في موجات، ثم تدخل هذه الموجات إلى الأذن، حيث تتحول إلى إشارات عصبية تُرسل إلى الدماغ الذي يقوم بدوره بترجمة هذه الموجات إلى أصوات. ولقد فرّق كتاب الله تعالى بين السماع والاستماع والإصغاء والإنصات بطريقة بليغة ودقيقة ومناسبة للموقف: فالسمع يكون بقصد ومن دون قصد، ومثاله في كتاب الله العزيز قوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) [القصص: 55 والاستماع يكون بقصد من أجل الاستفادة، قال الله تعالى ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) [الأحقاف: 29 والإصغاء: حيث التركيز وتفاعل القلب والمشاعر، قال تعالى( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) [التحريم: 4 والإنصات هو ترك الأشغال والسكوت والتفرغ للاستماع، (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204 وعن أبي موسى الأشعري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنما جُعِل الإمام ليؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا". أخرجه مسلم في صحيحه ورواه أهل السنن. وذكر كتاب الله تعالى أن السمع في الآخرة هو من وسائل التنعيم والتكريم للمؤمنين وأن الحرمان منه من أنواع العذاب المعدة للكافرين. فلما كان المؤمن هو المستفيد بسمعه في الدنيا وهبه الله أفضل السماع بالآخرة فقال تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً * إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً) [الواقعة: 25-26 ] ولما عطّل الكافرُ سَمَعَه بالدنيا حرمه الله السمع في الآخرة، قال تعالى (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ) [الأنبياء: 100] ويعد السمع أهم وسيلة من وسائل التعلم والإدراك، قال الله تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78 ومن العجيب في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى قال فيها: لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً. وقد برهنت الاكتشافات الطبية أن السمع أهم من البصر فقد يحتاج البصر إلى النور فنحن لا نستطيع أن نرى في الظلام. بينما الأذن تمكننا من السمع بشكل لا شعوري ،أي أننا نسمع في الليل والنهار وفي النوم واليقظة، لأن الأذن لا تنام. وحقيقة السماع توضحه هذه الآية الكريمة فقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) الآية وتدل على أن ما يستولي على القلب ويتفقهه هو في علم الله تعالى علما حقا قال الامام القشيري : سألت الأستاذ أبا علي الدقاق غير مرة طلب رخصة في السماع فكان يجيبني بما يمنع عنه ثم بعد طول المعاودة قال لي ان المشايخ قالوا ما جمع قلبك الى الله سبحانه وتعالى فلا بأس به فالسماع الحقيقي ما لا ينقطع وقد يكون السماع بالطبع كاستلذاذ الصوت الطيب أو سماع بالحال بتأمل ما يرد على العبد كذكر اشتياق أو فرح وصال أو خوف فراق والسماع بالحق هو سمع يصفو بالعلم والتوحيد وهو سماع حقيقي لا ينقطع وتلزمه مجاهدة ، فسماع الحق أن يصغى قلبك ويستلذ للذكر وتسبيحات مخلوقاته في ملكوته قال أبو عثمان المغربي من ادعى السماع بصدق ولم يستمع الى صرير الباب وصوت الطيور وتصفيق الرياح وصوت الرعود فهو مفتر مدع وذلك لأن الباعث للسماع عند الصادقين شهودهم أن كل شيء ورد عليهم انما ورد عليهم من حضرة الله تعالى فهم مع صاحب الحضرة .الله الله الله