كلام في الحجر الصحي سلسلة في حلقات يعدها الأستاذ محمد أكرم الغرباوي لاستقراء آراء فاعلين جمعيويين ، مثقفين ، رياضيين ، شراح مختلفة …ترصد تجربة الحجر . الحلقة 43 تستضيف الاستاذ اشرف الغزاوي ، باحث في الفلسفة ______ سنة لم تكن في الحسبان لم تكن تخطر في بال أحد يوما أنه يمكن أن يمر الإنسان بسنة بمثل هذا الشكل ، فهو لم يعتد الجلوس في المنزل وعدم مغادرته ، ولم يعتد أن يفارق أصدقائه و أحبته و مجالستهم في الأماكن المحبوبة لديهم . ولم يعتد أن يُحرم من عمله بهذه الطريقة ، بل والأكثر من ذلك حرمانه من مجموعة من الطقوس الدينية ، فقد وجد الإنسان نفسه محروما من أجواء رمضان المبارك و من صلاته ، و من صلاة العيد و ممارسة طقوسه ، الطقوس التي كانت تملأ قلب الصغير قبل الكبير فرحاً لم تعد ممكنة بفعل ما حدث هذه السنة ، و هو أمر غير عادي بالنسبة له ولن يتقبله بسهولة ، فهو ليس أمرا سهلا ولا موضوعا يستهان به، إذ أنه إجراء استثنائي وغير مسبوق في حياته يقيد حريته و يحرمه من ممارسة أنشطته اليومية . كل هذا بسبب ماذا ؟ بسبب مرض انتشر انتشار الهشيم في النار و غير مجرى التاريخ و لعب في أحداته و قلب موازينه ، وشكّلت الإجراءات المتعلقة به ضغوطاً كبيرة ، اقتصادية واجتماعية ونفسية على العالم بأسره ، لهذا يقال على أن المرض سيد التحديات ، و أن الواقع لا يتوقف عن إنتاج الضرورات و المعيقات التي تشعر الإنسان بحدود قدرته من حين لآخر ، و هذا ما جعله يواجه هذا التحدي بكل ما أوتي من قوة ، أي مواجهة فيروس كورنا . لكل مشكلة حل ، و أفضل حل وجده الإنسان للحد من انتشار فيروس كورنا المستجد هو بقاء الناس في منازلهم و عدم مغادرتها ” الحجر المنزلي ” مما دفع العديد من الدول إلى فرضه بشكل رسمي و سن العقوبات لإلزام الأفراد بالتقيد به ، و من بينها الدول العربية التي حُرم أفرادها من ممارسة أنشطتهم اليومية و شعورهم بالقلق لعدم تعودهم على الحياة بهذه الطريقة ، فجعل البعض يتعامل مع المرض بجدية و التزامه بالحجر و عدم مغادرته مقر سكنه إلا للضرورة ، والبعض الاخر من يجهل ثقافة الفيروس و التعامل معه باستهتار ولامبالاة ، مما يؤدي إلى انتشار الفيروس و تزايد الحالات ، و بالتالي يكون سببا في جعل الدولة تقوم بتمديد الحجر و سببا في حرمان الفئة الأولى من العودة إلى حياتها الطبيعية و ممارسة أنشطتها اليومية .