كلام في الحجر الصحي يوميات يعدها الاستاذ محمد أكرم الغرباوي لاستقراء آراء فاعلين جمعيويين ، مثقفين ، رياضيين ، شراح مختلفة …ترصد تجربة الحجر . الحلقة 37 تستضيف الأستاذ الباحث محمد احمد أنقار : ______ يعيش العالم بأسره وضعا استثنائيا، دول وحكومات وجماعات وأفراد، كل يحاول قدر مستطاعه درء هذا الوباء، ما يسمى “كوفيد 19″، الذي حل علينا جميعا ضيفا ثقيلا. فيروس متناه في صغره أنزل الإنسان من عرش جبروته وسطوته، أجبره أن يغير من نمط حياته، وأن يستكين في ركن بيته منزو، يحسب وقع خطواته ويعدُّها. كشف الوباء أقنعة مجتمعات كانت بالأمس القريب تتباهى بقوتها العسكرية والاقتصادية والمعرفية، كما تتباهى بعدد أبطالها الخارقين الذين ضجت بهم شاشاتهم السينمائية فلم ينفعوهم أو يصدوا عنهم ضرر هذا الوباء، فتسلل إلى كل الأمكنة بما فيها الأكثر مناعة أو التي تتمتع بمستوى عال من الحماية. كشف الوباء أوبئة أخرى لكنها من صنع الإنسان، من صنع نفسه الأمارة بالسوء. وباء المتاجرة في مآسي الناس، وانتهاز الفرص للاغتناء دون بذل أي جهد، سوى الاحتكار والمضاربة والغش والنصب والاحتيال وبيع الوهم للناس…إنه الوجه البشع للرأسمالية المتوحشة التي تؤمن بالربح السريع ولو كان على حساب الإنسان نفسه. سقطت أقنعة كثيرة، كنا نظنها وجوها حقيقية، فتبين لنا أنها وهم وخداع، وجوه كانت حاضرة في إعلامنا وفي شاشاتنا لها الصدارة والدرجة الرفيعة، وجوه من عالم الفن، والفن منها براء، من عالم السياسة والرياضة والإعلام، فانتظرنا منهم أن يهتدوا إلى حل أو أن يخففوا عن الناس وطأة الوباء، فاكتشفنا أنهم هم الوباء نفسه ولكن لم نكن نعقل ولا نبصر ولا نسمع. تنبهنا في وقت متأخر إلى أن الإنسان لكي يضمن بقاءه ويستمر في عمارة الأرض هو في حاجة إلى تعليم جيد قادر على تكوين أفراد وجماعات يبدعون ويفكرون ويخترعون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، تعليم قائم على الإنصاف والتكافؤ، لأننا سنجني ثماره في كل المجالات دون استثناء…وقبل كل ذلك، نحن في حاجة ماسة إلى نقاء السريرة وإلى صفاء القلوب…دمتم بخير.