ان واقعة اعتقال التلميذ القاصر أ. س الذي يدرس بإحدى ثانويات القصر الكبير بسبب تحريفه للنشيد الوطني على حسب ما صرح به مدير المؤسسة لدى الضابطة القضائية ،وبعدها اطلق سراحه في انتظار تقديمه يوم الاثنين امام النيابة العامة ،و بعد ان امضى ليلته بمخفر الشرطة يجعلني أطرح مجموعة من التساؤلات تراودي عقلي البسيط ما هو الدور المنوط بالمدير طبقا للقوانين و التشريعات ؟وهل حالة التلميذ تستدعي هذا الاجراء المتشدد؟ و هل هناك اجراءات تأديبية و تربوية افضل للتلميذ؟ اذا ما اعتبرنا ان الدور المنوط بالمدير تجاوز الجانب الاداري ليصبح في مجتمعنا الحالي قائدا تربويا بداخل المؤسسة ومسهلا للتواصل بين المجتمع المدرسي (التلميذ و الاستاذ و المؤسسة ) و العالم الخارجي (اولياء امور التلاميذ و جمعيات المجتمع المدني …)ومحفزا للإبداع و الابتكار ومشجعا للتعلم ،و باعتبار المؤسسة التعليمية فضاء للتكوين و التربية و انتاج جيل المعرفة و محاربة كل اشكال الهدر المدرسي، فان المدير وبحسب المرسوم 17يوليوز 2002 كما تم تعديله وتتميمه في 2004المادة 11 بالإضافة الى” الاشراف عل التدبير التربوي و الاداري و المالي للمؤسسة …يعمل على ضمان حسن سير الدراسة و النظام في المؤسسة و توفير شروط الصحة والسلام للأشخاص و الممتلكات … وتمثيل المؤسسة محليا ازاء السلطات العمومية والهيئات المنتخبة “،فحادثة تحريف التلميذ للنشيد الوطني داخل المؤسسة التعليمية و ينتمي اليها وبقدر جسامتها بين نية القصد او المزح او اشياء اخرى مرتبطة بطبيعة دراسة سلوك التلميذ او التلاميذ على شاكلته لا يستدعي معه استدعاء الامن في وجود اجراءات بديلة ، كان يلزم على مدير المؤسسة القيام بها في ظل تطبيق مسؤوليته المناط به بعقد اجتماع مجالس الاقسام بالمؤسسة طبقا للمادة 29 من مرسوم 17يوليوز2002 الفقرة الخامسة و” اقتراح القرارات التأديبية في حق التلميذ بحسب المذكرة 14/867 بتاريخ 17أكتوبر2014 مع مراعاة مجموعة من الامور منها ان يكون التلميذ غير منضبط سلوكا داخل المؤسسة و طبيعة تعامله مع الأساتذة وغيرها من الضوابط الاخرى ، مع ضرورة استحضار جمعية الاباء واولياء التلاميذ ، واستدعاء والي التلميذ ،و حق التلميذ في الدفاع عن نفسه و الاستماع له ومعرفة اسباب اقدامه على هذا السلوك . اننا ونحن في مؤسسة مهمتها الاساسية تربية الجيل على المواطنة الحقة و التعلم و اكتساب المعرفة كان يفترض من السيد المدير ان لا يمارس دور ضبطي و حارس امن بقدر ما كان عليه ان يسمو بقيم التعليم ورسالة المعلم بالتقويم و التهذيب لسلوك القاصر قد يكون تهورا و قد تكون رعونة و قد يكون حب الظهور و قد يكون غياب الوعي بخطورة تحريف النشيد و المس بالمقدسات و استحضار المرحلة العمرية التي يعيشها التلميذ . يجب ان تعلم ايها المدير ان الدور المناط بك و اسرة التعليم هي التكوين و التوعية بقدرما استعملت سلطة العقاب و زجر ،هو ليس مجرما ولم يقم بهذا الفعل في مكان عام كشارع و لم يخل بالنظام العام داخل المؤسسة يستدعي معه وجوب استدعاء الشرطة المدرسية ، انه تلميذ من داخل مؤسسة دورها كان و لازال وسيظل تربويا تشجيعا للتعليم و محاربة للهدر المدرسي و التربية على المواطنة بمفهومها الشامل . كما ان التلميذ القاصر قد يكون بحاجة لمساعد اجتماعي لفهم سلوكه هذا، او تناط المهمة بأحد الاساتذة ذوي الكفاءة للإحاطة بخلفية هذا السلوك و اسبابه و مسبباته، اننا نعيش في مجتمع متغير يفترض على المؤسسة ان تنفتح على محيطها بشكل يخدم التلميذ و يهدب سلوكه ويجد الحلول العلاجية لكل انحراف سلوكي . وهذا فمن بين العقوبات التأديبية البديلة :ان يقوم التلميذ بترديد النشيد الوطني امام زملائه وزميلاته يوميا لمدة اسبوع او اكثر حتى يكون عبرة ،او يقوم بأعمال التنظيف بالمؤسسة يوميا مثلا ،او يتم انذاره بشكل يجعل والديه على علم بخطورة السلوك ،ويمكن تقويمه بعدة اساليب تربوية اخرى أكثر نجاعة و تساهم في تقويمه و تأهيله . ان ما اقدم عليه مدير المؤسسة نشازا في القرن 21 ، ومثل هؤلاء لا يمكن ان يقدموا النجاعة و الجودة الخدماتية للمؤسسة التعليمية . و التربوية . و ختام القول يجب على جمعية اولياء امور التلاميذ بالمؤسسة ان تستفسر عن اقدام هذا المدير باتخاذ هذا الاجراء الانفرادي في غياب انعقاد مجالس الاقسام (التأديب) المناط بها اتخاذ الاجراء الملائم و فق جسامة الواقعة و تحمل المسؤولية المشتركة في قرارات المؤسسة طبقا للقوانين و المراسيم و التشريعات المعمول بها .و لا يسعني الا ان اردد معاكسا للتاريخ و الجغرافية : . قف للمدير و و فيه التحية …كذا المدير ان يكون مخبرا. ضربت للأسف كل معنى رجل التربية سيدي المدير !!!.