وأخيرا استفاق “ضمير” القائمين على منظومة التربية والتكوين ببلادنا، واكتشفوا فجأة أن هناك تلاميذ وأن مصلحتهم تهدر بسبب إضراب الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد. وقبل الحديث عن هذا الضمير الغائب منذ فجر الاستقلال الشكلي لبلادنا نسوق بعض الأرقام والمعطيات المتعلقة بواقع منظومتنا التعليمية: – نسبة الهدر المدرسي هي من النسب الأعلى مغاربيا وعربيا ودوليا، حيث سجل المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير أن ما يقارب ربع مليون تلميذ غادرت مقاعد الدراسة خلال السنة الماضية. – 566 إعدادية بالعالم القروي لا تتوفر على داخليات، ونصف الداخليات الموجودة تصل طاقتها الاستيعابية للضعف. – عدم توفر أماكن مخصصة للمطاعم المدرسية ب7 آلاف و23 مؤسسة تعليمية، ويتم توزيع الوجبات داخلها “في الهواء الطلق أو داخل الحجرات الدراسية لفائدة 457 ألف تلميذ، إلى جانب عدم صرف المساعدات المالية المخصصة للعائلات المعوزة المستفيدة من برنامج “تيسير” منذ بداية الموسم الدراسي 2014/2015. – المرتبة الأخيرة في مؤشر جودة التعليم حسب تقرير سنة 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالم ومنظمة اليونيسكو. – تقرير لمنظمة التعاون والاقتصاد والتنمية يضع المدارس المغربية هي الأسوأ في تصنيف المدارس العربية، ومن بين الأسوأ على المستوى العالمي، وحل المغرب في الرتبة 73 من ضمن 76 دولة شملها التصنيف. نكتفي بهذه الفضائح التي تدل دلالة قطعية على حرص المسؤولين المغاربة على مصلحة التلاميذ ونجاح مخططاتهم الاستراتيجة في إصلاح المنظومة. ونعود إلى الضمير… 40 مليار درهم حجم الاختلاسات المالية التي طالت المخطط الاستعجالي، دون أن نسمع بأن مسؤول واحد دخل السجن في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة ! أين الضمير من هذه الفضيحة الأخلاقية قبل الحديث عن الجريمة المالية ؟ أين الضمير من جيوش المعطلين خريجي الجامعات المغربية ؟ أين الضمير وعصا القمع تنهال على رؤوس الأساتذة مربي أجيال الغد ؟ ما هو الانطباع الذي سيعلق بذاكرة أطفالنا وهم يرون أساتذتهم غارقون في برك من الدماء ؟ أين الضمير والحس الوطني في ذهاب أبناء المسؤولين للدراسة في الخارج أو البعثات الأجنبية بالداخل ؟ أين الضمير في قطع طفلة لكيلمترات مشيا في ظلام الصباح من أجل الالتحاق بمقاعد الدراسة ؟؟؟؟