منذ أن وطئت قدامي هذا البلد الأفريقي النامي و الموغل في أفريقيا قبل عشرة أشهر، و أنا أحاول عبثا أن أجد نقط تشابه بينه و بين مدينتي الشمالية القريبة من الضفة الجنوبية للقارة العجوز ، لعلني أتوصل لفك "شفرة" جزء من الأزمات التي تتخبط فيها مدينتي. لكن الحظ ما يلبث أن يعاكسني، فأجد أن بعض السلوكات المستهجنة هي معيبة و جد منتقدة في هذا البلد الأفريقي، وبالمقابل فهي أكثر من عادية في مدينتي. و حيث أنه كان يفترض في أن يلعب كل البعد التاريخي و الجغرافي دورا إيجابيا في القصر الكبير، بحيث يجعلنا نتأثر بأنماط سلوكية متحضرة آتية من الضفة الشمالية، لكن العكس هو الحاصل. من المشاهد العادية التي تصادفنا في حياة اليومية داخل أزقة المدينة المأسوف عليها، ما يسمى حشاكم ب" مراحيض الهواء الطلق". ففي كل زقاق أو حومة أو شارع تصادفك رائحة نتنة تزكم الأنفاس، و تنبعث من ركن صغير خصصه بعض أنواع من البشر قليل الحياء للتبول أو لل.....أعزكم الله. فمن منا ما لم يشاهد شخصا يفعل ذلك في شارع عمومي أو وراء سور مدرسة أو حتى خربة، في تلقائية فريدة و بدون اكتراث أو أي حياء يذكر، و كأنه داخل مرحاض بيته. بل الأغرب من ذلك أن البعض يفعل ذلك السلوك المتخلف أمام اليافطة الشهيرة التي يكتب عليها عادة تلك الجملة " ممنوع البول ..و شكرا" ، و كأنه قرأ فقط كلمة شكرا لا غير، و في الأخير تراه داخل مقهى ممدود القدمين ينتقد الدولة كفيلسوف زمانه لعدم إيلائها ما كان ما يلزم للتنظيف المدينة. في الواقع و أنا أحاول كتابة هذا المقال استحضرني حادث طريف شاهدته في العاصمة ملابو ، و يتعلق الأمر بشاب كان يتبول قرب سور منزل، فما كاد ينتهي من ذلك حتى تعرض للوابل من السب من أكاله إياه بعض سكان الحي بعد ضبطه "متلبسا"، مما اضطره إلى عدم "إتمام كل ما في جعبته" و اللوذ بالفرار بعيدا حتى تبلل جزء كبير من سرواله. هذا في الحقيقة لا يحدث عندنا على الإطلاق، فنحن أحرار أن نفعل ما نشاء بدون حسيب و لا رقيب. بل الأدهى من ذلك أنه إذا ما شاهد أحدنا شخصا يتكرم علينا "بسائله الفواح" ، و قرر ثنيه عن فعل ذلك فربما سيقول له شخص ثالث" اديها فراسك".. أو "ما شي سوقك"... فالتضامن الاجتماعي و الدفاع عن مصلحة الجماعة مغيب عندنا بشكل غريب حتى في مثل هذه المواقف، و يعكس في الحقيقة عطبا خطيرا يهدد النسيج الاجتماعي الذي كان من المفروض أن يكون أكثر "مثانة" من ما هو عليه الآن... عجبي.... ! *ملابو، غينيا الاستوائية شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com