تماما، كما توقعنا ذلك في «المساء»، حصل محمد بودريقة رئيس الرجاء البيضاوي لكرة القدم على ولاية جديدة، وبعدما كانت ما تزال أمامه سنة من ولايته كرئيس للفريق «الأخضر»، فإن «النصب» و»الاحتيال» و»بيع الوهم»، و»المسرحيات المحبوكة»، قادت بودريقة ليتربع على كرسي رئاسة الرجاء لأربع سنوات أخرى، مع العلم أن بودريقة سبق له أن أعلن أن استقالته نهائية ولا رجعة فيها. عندما كشفنا في «المساء» أن استقالة بودريقة من رئاسة الرجاء، ليست إلا سيناريو محبوك يريد من خلاله رئيس الفريق «الأخضر» أن يمدد مقامه على كرسي الرئاسة لأربع سنوات أخرى، خرج بودريقة وفي بلاغ رسمي نشر على الموقع الرسمي للفريق ليؤكد أن الأمر لا يتعلق بسيناريو ليربح أربع سنوات أخرى في رئاسة الرجاء، وأن استقالته حقيقية، وأن ما قيل مجرد إشاعة. اليوم يمكن للجميع أن يعرفوا من كان على صواب، ومن كان يكذب على المتتبعين وجمهور الرجاء، فما كشفناه في حينه تأكد أنه حقيقة، وليس إشاعة كما يحلو لبودريقة أن يقول. وإذا كان بودريقة حافظ على كرسي رئاسة الرجاء، إلا أن ما بدا لافتا للانتباه في جمع عام الفريق، هو ذلك الغياب المثير لبرلمان الرجاء، فباستثناء أصوات قليلة، تحدثت بواقعية ودقت ناقوس الخطر وعرت واقع الحال وكشفت اختلالات المكتب المسير، فإن البقية ابتلعوا ألسنتهم، بينما تحول آخرون إلى «نكافات» يشيدون بالعمل الجليل الذي قام به بودريقة، كما لو أن الرجاء أنهى الموسم فائزا بكل الألقاب، وبفائض مالي كبير، وليس بإفلاس تقني ومالي، بينما لعب منخرطون آخرون دور «الفيدورات» و»الحياحة»، أما بعض منخرطي «الفايسبوك» الجدد فقد سقطوا في أول اختبار، فبدل أن يدلوا بدلوهم بخصوص ما يجري في الرجاء، والأخطاء التي ارتكبت ومالية الفريق التي أصبحت على حافة الهاوية، فإن أحدهم لم يتردد في شطب كل ما تحقق قبل بودريقة، وبدأ في توزيع الإشادات على رئيس الرجاء، لأن الفريق «الأخضر» حسب قوله أصبح سباقا لانتداب اللاعبين في الثلاث مواسم الأخيرة، أما لماذا أصبح الفريق غارقا في المديونية، ولماذا خرج خاوي الوفاض من كل شيء، فليس مهما، مادام أن الأساسي بالنسبة لصاحبنا هو الحصول على عضوية في المكتب المسير المقبل. لقد ظل برلمان الرجاء يشكل النموذج، كجهاز رقابي وكقوة اقتراحية وقوة ضغط إيجابي على المكتب المسير، بيد أن هذا البرلمان تحول إلى صدفة فارغة، خصوصا في الموسمين الأخيرين لبودريقة، فقد خفتت الأصوات التي كانت تزلزل قاعة الجمع العام، واختار آخرون الابتعاد حتى لا يتهموا ب»التشويش»، بينما لزم البعض الصمت لأن لديه أصدقاؤه وخلانه في لائحة المكتب المسير. لقد كان صادما أن يصوت جميع المنخرطين بالإيجاب على التقرير المالي باستثناء منخرط واحد، مع العلم أن هذا التقرير سجل صرف الفريق لما يقارب 10 ملايير سنتيم في موسم أبيض، ووجود عجز مالي كبير. وكان صادما كذلك أن تصوت كل تلك الأعداد بالرغم من الملاحظات الخطيرة التي أدلى بها مدقق الحسابات، الذي أشار إلى أنه لا يوجد دليل يفيد بأن أعضاء المكتب المسير ضخوا مليار سنتيم في حساب الفريق. لقد حول بودريقة برلمان الرجاء إلى محمية تابعة له، خصوصا أن الأصوات الحقيقية غابت ليحل بدلا منهم المهرجون، والأصدقاء والأصهار، وأشقاء وأقارب أعضاء المكتب المسير، لذلك فإن المسرحية «الحامضة» التي تابعنا في الجمع العام لم تكن مفاجئة، خصوصا أن مقدماتها كانت بادية للجميع، أما المطلوب اليوم فهو أن يعود المنخرطون الحقيقيون بقوة إلى «برلمان الرجاء»، ليقوموا بدورهم الحقيقي في التتبع ودق ناقوس الخطر وطرح البدائل، بدل أن يخلو الساحة لأشباه المنخرطين، ممن يلطخون سمعة الرجاء. إن أحد الأخطاء الفادحة التي ارتكبها عبد الإله أكرم لما كان رئيسا للوداد هو تغييب برلمان الفريق الذي تحول إلى لاشيء، مما جعله في نهاية الأمر يصطدم بالجمهور، حيث وجد نفسه مطالبا بالرحيل، اليوم هذا السيناريو يتكرر في رجاء بودريقة، ذلك أن الأخير في الطريق إلى الاصطدام بالحائط، خصوصا أن الفريق يعيش أزمة مالية خانقة، وليس هناك أي أفق لحلها، باستثناء أقراص الأسبرين التي يمنحها الرئيس لمحبي وعشاق الفريق على شكل أكاذيب كبيرة جدا. رحم الله برلمان الرجاء