في عدد أمس تحدثت عن برلمان الرجاء، وكيف أنه أصبح أشبه بصدفة فارغة، خصوصا أن الغالبية العظمى من منخرطي الفريق إما «حياحة»، وقد تابعنا أحدهم وهو يطالب بودريقة بالاستمرار رئيسا للرجاء لثلاثين سنة وليس لأربع سنوات فقط، أو انتهازيين يبحثون عن مقعد بالمكتب المسير، أو حظوة لدى رئيس الفريق، كما هو حال منخرطي «الفايسبوك» الجدد، أو من يلعبون على الحبال برجل هنا ورجل أخرى هناك، لكن وسط هذه «القبيلة» كانت هناك قلة قليلة كسرت رتابة الجمع العام وأدلت بملاحظات مثيرة للانتباه، دقت من خلالها ناقوس الخطر. بين هؤلاء، برز صوت المنخرط جواد الأمين، الذي قدم ما يشبه التشريح لوضعية الرجاء المالية، بل وأدلى بملاحظات قيمة، لا يمكن لمن له غيرة على الفريق «الأخضر» إلا أن تستوقفه، وتدفعه إلى القول، «إلى أين يمضي بودريقة بالرجاء»؟ وألا يهدد بطريقة تسييره مالية الفريق بالشلل وبالسكتة القلبية؟ لقد سجل الأمين أن التقرير المالي يعترف بأن مديونية الرجاء كبيرة جدا، إذ هناك مبلغ 2 مليار و400 مليون، فضلا عن 900 مليون أخرى توجد بذمة الفريق لدى البنك الذي يتعامل معه، إذ تدخل في إطار التسهيلات التي يمنحها لزبنائه. لقد ألمح الأمين إلى أن مديونية الرجاء تصل حاليا وباعتراف بودريقة نفسه إلى 3 ملايير و300 مليون سنتيم، وهو رقم كبير جدا. الأمين لم يكتف بذلك فقط، بل إنه أشار إلى أن الفريق عليه أن يسدد منحة الشطر الثاني للاعبين، هذا دون الحديث، -والكلام هنا لي- عن الالتزامات المالية التي تنتظر الفريق، ومن بينها التعاقدات الجديدة والأجور والمنح التي ستكلف مالية الفريق 4 ملايير ونصف المليار، ثم وجه سؤالا مباشرا لبودريقة وخاطبه قائلا:» كيف ستوفر بمعية مكتبك المسير السيولة المادية للتغلب على هذا العجز». لقد تحدث الأمين أيضا عن الميزانية المرتقبة التي يفرض مرسوم 95 والفصل 10 من القانون الأساسي للنادي الكشف عنها، كما تحدث أيضا عن مركز تكوين الرجاء الذي أغلقه بودريقة، وعن تخبط الفريق في مشاكل التعاقدات مع اللاعبين، ثم فسخها بعد ذلك، الأمر الذي ينهك مالية الفريق، كما تحدث عن ضرورة إحداث شركة لتسيير النادي، خصوصا وأن القانون يسمح بذلك. وبما أن ما يهمنا هنا بالدرجة الأولى هو مالية الرجاء، فقد كان لابد أن نستمع لرد بودريقة، لنلمس الفرق الشاسع بين منخرط يتحدث بأدوات علمية، ورئيس يحرص على «تعمار الشوارج» و»الاحتيال»، فبدل أن يتحدث بودريقة عن حلول عملية ومهنية لتجاوز المطب المالي الخطير للرجاء، فإن الرجل تحدث بعقلية «مول الحانوت»، مع احترامنا الشديد ل»مالين الحوانت»، ممن يكدون ويجتهدون كل يوم. لقد قال بودريقة، بخصوص مديونية المليارين و400 مليون، إن ضمنها مليار منحها أعضاء المكتب المسير للفريق، وبالتالي فبحسب بودريقة، لا داعي لاحتسابها ضمن خانة العجز، هذا مع العلم أن هذا المليار لا يوجد أي دليل على أن هؤلاء الأعضاء ضخوه في مالية الفريق، بحسب ما أعلن عن ذلك مدقق الحسابات في الجمع العام. أما بخصوص 900 مليون التي يدين بها البنك، فإن بودريقة اختار مرة أخرى أن يمر عليها مرور الكرام، بل واعتبرها كما لو أنها غير موجودة، أو أنه هو الذين يدين بها للبنك وليس العكس. لقد اخترت هذا المشهد من جمع عام الرجاء حتى تتضح صورة التدبير العشوائي لمالية الفريق، وكيف أن بودريقة يقود الفريق إلى الهاوية، أما لو نحن شرحنا التقرير المالي بالتدقيق، فإننا حتما سنصطدم بأمور تثير الريبة، كما هو الحال مع مصاريف الأدوية التي ارتفعت بشكل مذهل، كما لو أن الفريق في حالة حرب، أو خانة العمولات الأخرى التي ارتفعت بنسبة تفوق الخمسين بالمائة. إنها وضعية مالية كارثية تلك التي يعيشها فريق الرجاء اليوم، وهذا ما يجب أن يعرفه عشاق وأنصار الفريق الحقيقيون.