لم تعد أزمة العلاقات المغربية الجزائرية تحتاج الى عنوان، فمنذ استقلال البلدان وهما في أزمة تتغير تلاوينها و تتبدل عناوينها , لكنها تبقى قائمة و ازدادت حدتها في السبعينيان من القرن الماضي عندما طفا إلى السطح مشكل الصحراء التي يقولون أنها غربية ونحن نقول مغربية و عنها تفرعت مجموعة من المشاكل بين البلدين. و إن كانت كرة القدم قد جمعت فعلا بين الشعوب، ودفنت الكرة أيضا أحقادا بين الإخوة والجيران و الخلافات السياسية بين بلدان العالم , فإنها و بالرغم من الاختلاف السياسي الحاصل بين من يوجد في هرم السلطة في المغرب و الجزائر لم تفرق الشعبين بل زادت أواصر الصداقة قوة و صلابة. فالعودة إلى ذاكرة كرة القدم نلمس “الحساسيات” المفرطة في مباريات منتخبات شمال إفريقيا ,إلا أن مباريات الجارين المغرب و الجزائر تكون بطابع مختلف , فمهما بلغت أهمية الموعد الكروي بين البلدين إلا أن الأمور لا تجانب الصواب و غالبا ما تمر المباراة في جو من الروح الرياضية دون إنفلاتات أمنية أو أعمال شغب بين الأشقاء , و تتضح هذه الروح الرياضية أكثر عندما يكون احد المنتخبين في مباراة مصيرية , فيصطف الخضر تشجيعا للمنتخب المغربي و لنا مثلا أن نتذكر الدعم القوي الذي لاقاه منتخب أسود الأطلس في مونديال 1998 بفرنسا من طرف بالجالية الجزائرية هناك ، و العكس كذلك وارد, فليس ببعيد كان المنتخب الجزائري يخوض مباريات كأس العالم بجنوب إفريقيا فكان المغاربة من المشجعين الأوائل لمنتخب الجزائر , فقد كانت جنبات المقاهي تمتلئ عن آخرها في مباريات المنتخب الجزائري فيفرح المغربي لكل هدف للخضر و تتوتر أعصابه مع كل فرصة ضائعة, و المونديال القادم قد يكون خير دليل على ما أقول , فقد تدوب فيه مرة أخرى الخلافات السياسية في الرياضة. هذه العلاقة الحميمة تبقى سمة مميزة للشعبين المغربي و الجزائري فقط , فلا نجدها في العديد من المباريات الأخرى بين منتخبات شمال إفريقيا , و لعل المباراة التي جمعت الجزائر و مصر في إطار تصفيات كأس العالم 2010 و ما تبعها من شتائم و اتهامات أدت الى أزمة دبلوماسية بين البلدين , لأبرز مثال على أن المودة المجودة بين الشعبين المغربي و الجزائري تبقى استثنائية . المودة الشعبية يترجمها الموقف الشجاع للملكة المغربية الداعي لفتح قنوات الحوار مع البلد الشقيق للوصول لحل للأزمة , إلا أن صناع القرار في بلاد" الأمير عبد القادر " لازالوا يفكرون بطريقة أكل عليها الدهر و شرب و لازالت قوات العسكر تحتكر القرار ضدا في إرادة الشعب الجزائري , و الانتخابات الأخيرة خير دليل , حيث ثم التلاعب بإرادة الشعب ليبقى بوتفليقة رئيسا للجزائر لولاية أخرى ولو من فوق كرسي رئاسة متحرك .فستضطر يا صديقي “حفيظ دراجي” و معك الشعب الجزائري على أن تُسبح بحمد “بوتفليقة” لأربع سنوات أخرى إذا لم يفتكره”عزرائيل”، و ستذهب كلمات رسالتك التي وجهتها إلى الجزائريين سُدى و ستصير مجرد ذكرى قد تحرمك من دخول الجزائر، إلا أن التاريخ سينصفك لأنك عبرت عن موقف سياسي في زمن كثر فيه المُتملقون, في إنتضار انتصار صوت الشعب . أخيرا , يجب نؤكد أن كرة القدم و ما تخلفه وراءها من أحقاد و ضغائن بين الشعوب و الأمم تبقى المثال الأول على أن أواصر الصداقة و المودة بين الشعبين قوية و لن يقوى أي صراع سياسي على كسرها.