احترقت السوق واحترقت كلابها .. ولم تحترق كلاب الحارس.. ياللعجب ! أبوسعد الرميلي قبل أسابيع خلت ،احترق سوق الكلب واحترق كلابه وبعض الحمر..ولم تحترق كلاب الحارس.. لأن الحارس الليلي المداوم ربما كان فطنا إلى حدود الإدراك أن حريقا قد يندلع في تلك الليلة الظلماء من ذلك اليوم. التهمت النيران ألسنتها، بغير بطن وفم ،كل ما كان في تلك السوق التي أبى أصحابها إلا أن يسموها ب"سوق الصالحين" والصالحون لايعلمهم إلا الله سبحان وتعالى وهم الذين آمنوا وكانوا يتقون.. فهل كان حارس السوق فعلا فطنا أو أنه كان على علم بمن كان وراء ذلك الحريق الإجرامي التي أتى على أكثر من مائتي دكان صفيحي تحفظ أطنان الملابس المستعملة والخضر والفواكه والتوابل؟ الحارس الليلي ، عند مباشرة التحريات من لدن الضابطة القضائية، وقف عند ويل للمصلين عندما اكتفى برد أسباب الحريق إلى » تماس خيوط كهربائية.. !! " فهلا اهتدى الباحثون الأمنيون إلى الإمساك بخيوط القضية انطلاقا من تصريحات الحارس الذي اتهم التماس الكهربائي لأسلاك الإنارة؟ وهل غاب عن الضابطة القضائية التي كانت آخر من حضر إلى عين مكان الرزيئة، بحكم طبيعة عملها الذي يفرض عليها التدخل بعد وقوع الجريمة، أن تسأل أنه كيف عرف الحارس أن الحريق نجم عن احتكاك كهربائي؟ فهل يملك دراية في الكهرباء؟ وكيف اكتشف أن التماس الكهربائي كان هو السبب في اندلاع الحريق الذي أتى على كل شئ فجعله كالرميم. ولماذ لم يسارع الحارس في إبانه بإخبار الجهات ذات الاختصاص حتى تسارع بدورها إلى تدارك الأمر في بدايته. فلا شك أن الحارس كان يعلم بالأسباب التي كانت وراء ذلك الحريق الإجرامي الذي حول أشياء ذات قيمة إلى رماد وحول أصحابها إلى فقراء يستجدون النوال من يومهم الذي رزؤوا فيما كانت عندهم من متاع. لكن الحارس كان نبيها إلى حد ما وأول ما قام به هو الإسراع في إبعاد كلابه وماشيته عندما رآى الشرارة الأولى تنطلق من بداية صف الدكاكين من الجهة الجنوبية للسوق. لقد كان آخر من حضر هي السلطات المحلية في الوقت الذي حضرت فيه الضابطة القضائية لإجراء التحريات اللازمة والقيام بالمتعين فيما يخص القيام بإجراء المعاينات الضرورية وفتح تحقيق في الموضوع لتحديد المسؤولية الجنائية واستطلاع معالم الجريمة. فالأمر لايعدو أن يكون مقصودا للتخلص من فئة اجتماعية مزعجة بممارسة تجارة خارجة عن النظم فوق أرض تحتلها عشوائيا ولاتجني الدولة من ورائها أية فائدة. وعلى كل حال يبقى كل بناء صفيحي معرضا للآفات ومهددا بالنيران التي تأكله.. وسيأتي الدور على الباقي لامحالة مسقبلا إن لم تسمح السلطات الإدارية لأصحاب الدكاكين القصديرية المحترقة ومثيلاتها المهددة بالاحتراق ببناء دكاكين بالطوب والإسمنت المسلح على شاكلة دكاكين قيسارية" القايد العثماني والمقدم حسن زغلول"، غير بعيد عن السوق المحروقة. هذا قدر أسواق سلا وأحياؤها الصفيحية في كل مكان من ترابها..