حريق مأساوي بسوق «وجدة سيتي»يأتي على الأ خضر واليابس بينما كانت مدينة وجدة تستعد للإحتفال بمناسبة عيد الفطر، وبرمجت أو تبرمج الكثير من العائلات الوجدية لزيارة سوق مليلية المختص في بيع السلع الجزائرية والإسبانية، بغية اقتناء ملابس وأحذية جديدة، لم يكن أحد يعلم ما تخبئه الأقدار من كارثة كبيرة ستضرب المدينة في أكبر سوق بها او كما يسميها البعض «وجدة سيتي»، سوق يمتد على مساحة 1،4 هكتار، ويعيل أكثر من 2500 عائلة مباشرة وأضعافها خارجه (التهريب المعيشي والتهريب المنظم وعدة حرف أخرى كانت تقتات في هامشه...). «وجدة سيتي» بأنه «انتقل من المكان من كونه مقبرة للمسلمين -ولعله انتفض على صمت القبور- ليصبح شريانا اقتصاديا معروفا وطنيا ومغاربيا أيضا، يدب فيه الناس تجارا وزبائن دبيب النمل؛ بفارق أن النمل يهندس المكان تحسبا للكوارث؛ أما تجار السوق فوفقوا في جعل الداخل اليه مفقودا والخارج منه مولودا: سراديب تفضي الى سراديب، حتى ينتهي بك الأمر الى أن تتساءل محتارا: في أية جهة أنا؟ ومن أي وجهة يكون خروجي من هذه المتاهة؛ أما أن تخرج من حيث دخلت فهذا مستبعد، ولا يتأتى إلا للذين خبروا المكان ،كما القطط لا تتيه أبدا». أتت نيران حريق اندلع بهذا السوق، على أكثر من ألف دكان رسمي وأكثر من 400 دكان فوضوي بتراخيص بلدية للملابس والأغطية والأحذية والأجهزة الإلكترونية ومواد التجميل والديكور و...قدرت الخسارة بأكثر من مائة مليار سنتيم،في مأساة كبيرة تستعصى على الوصف، حيث كانت دكاكينه تحتوي على السلع والبضائع التي كانت ستعرض قبل عيد الفطر، لولا ذهابها كالهباء المنثور وسط نيران أتت على كل شيء أمام عجز الوقاية المدنية بسبب علة تجهيزاتها المتواضعة بالنسبة لحاضرة الجهة الشرقية، وسخط التجار الذين أصيبوا بالذهول وهم يتفرجون على النيران تلتهب دكاكينهم «رأس مالهم» قروضهم. وحضرت لإخماد الحريق سيارات إطفاء مع غياب المياه، سيارتان من الجهة الجنوبية وسيارتان من الجهة الشمالية، بينما المعروف أن الجهتين الأكثر طولا «الجهتين الغربيةوالشرقية للسوق» مطوقتين بطريقين ضيقين يصعب تنقل البشر فيهما فكيف بشاحنات الإطفاء. وكان من الصعب التحكم في النيران لأن الكثيرمن المحلات التجارية عبارة عن «براريك»، ولم تحضر هذه الأخيرة المياه الكافية لإطفاء الحريق الذي تزامن مع انقطاع الماء بسبب انفجار للأنبوب الذي يضخ المياه إلى وجدة. بينما أوضح قائد الوقاية المدنية بوجدة «أن فرق التدخل واجهت صعوبات لإخماد الحريق بسبب قلة المنافذ المؤدية للسوق المحاط بسور، ووجود كميات كبيرة من المواد القابلة للاشتعال والعدد الكبير من المحلات التجارية، مبرزا المجهودات التي بذلها رجال المطافئ لمنع وصول النيران إلى المنازل القريبة من السوق». وتجهل لحد الآن الأسباب الحقيقية للحريق الذي يكون قد اندلع بالباب الرئيسي للسوق لينتشر بعد ذلك بسرعة كبيرة سهلت الألبسة وعدة مواد قابلة للاشتعال السريع مهمته، وفي غياب لرجال السلطة المحلية وكذا المنتخبون انتشرت عمليات النهب والسرقة بشكل فظيع وبشع، بحيث أن الدكاكين التي كانت النيران ما زالت لم تصلها تعرضت للسرقة التي لم تتوقف إلا بعد أن وصلت إمدادات القوات الأمنية وقام تجار السوق الذين هرعوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بإنشاء مجموعات تقوم بحراسة سوقهم الذي أتت عليه النيران بالكامل. وبدت على الكثير منهم أثار الصدمة من هول الكارثة وأصيب بعضهم بحالات إغماء وهم يشاهدون ممتلكاتهم تحترق وتنهب أمام عجزهم عن فعل أي شئ. وأمام بوابة السوق تجمع التجار للاحتجاج بملئ أصواتهم على بطء عمل الوقاية المدنية وقلة معداتها، وعلى الهجوم الكاسح لعصابات اللصوص المدججين بمختلف الأسلحة البيضاء الخفيفة والثقيلة، والتي شرعت في النهب والسلب والاعتداء على التجار الذين كانوا يحاولون إنقاذ رزقهم من ألسنة النار المتأججة، وتوجهت في مسيرة غاضبة صباح يوم الجمعة 26 غشت 2011 لمقر الولاية ليتم تنفيذ وقفة احتجاجية ثانية، انتدبوا خلالها من مثلهم في اجتماع مطول دام أكثر من أربع ساعات عقده معهم والي الجهة الذي طالبوه رفقة رئيس البلدية بالبدء الفوري في تشييد السوق ومتابعة المكتب الوطني للكهرباء لعدم قيامه بواجبه فيما يخص المحول الكهربائي للسوق، وتوفير أجر شهري للمتضررين وتعويضهم عن خسائرهم. رئيس بلدية وجدة قال أن الحريق قضاء وقدر، ناتج عن تماس كهربائي، فمن غير المنطقي وغير المقبول حسبه ترويج فكرة خاطئة من بعض الأطراف التي لم يحددها الذين قالوا «إن الحريق من فعل جهة ما قصد إفراغ السوق من تجاره ونقلهم إلى مكان آخر» حيث اعتبره كلام للاستغلال السياسوي للكارثة.. وفي تطور مفاجئ، قامت مجموعة من الأشخاص قرب البوابة الرئيسية للسوق برشق سيارة للأمن وحافلة للنقل الحضري بالحجارة، مما أدى إلى تكسير زجاج الآليتين وإصابة بعض رجال الأمن بجروح، وانتشار الرعب والفوضى في محيط السوق، إلى حين وصول تعزيزات القوات المساعدة وقوات الأمن للتدخل السريع. ولحد الان لم تعرف الأسباب الحقيقية لهذه الفاجعة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفت خسائر مادية جسيمة ولم تخلف ضحايا في الأرواح، باستثناء إصابات طفيفة في صفوف بعض التجار الذين كانوا يحاولون إبعاد سلعهم من ألسنة النيران، فقط ما تم تداوله من شائعات بين الجماهير الغفيرة التي عاينت الكارثة، من أن أحد التجار يكون قد وضع قنينة بنزين فوق سطح محله، وبطريقة مجهولة إشتعلت النيران والتهمت كل ما وجدته في طريقها، أو يكون تماس كهربائي وراء الحادث المأساوي، دون استبعاد فرضية العمل الإجرامي.. فالتحريات الأمنية هي على قدم وساق والتحقيق يبحث في جميع الفرضيات الممكنة وغير الممكنة. ونفس المصدر أكد أن مهنية العمل الأمني بوجدة مكنت من القضاء على الأعمال الإجرامية الخاصة بسلب ونهب السوق، واعتقال أكثر من 70 متهما بالتورط فيها وتقديمهم السبت الفارط للنيابة العامة التي تابعت وأشرفت على تحقيقات الشرطة القضائية. للتذكير، فلعنة حرائق الأسواق سبق وأصابت كلا من أسواق مدن الجهة الشرقية كالناظور وتاوريرت والسعيدية. وكل المواساة للتجار الذين احترقت مهجهم باحتراق أرزاقهم.