غير زعمائنا هم الذين أدوا واجبهم بتفان وإخلاص، وتنحوا عن طيب خاطر وسلموا القيادة للجيل الجديد لاستكمال المسيرة. أما عندنا فإن الزعامة تؤدي إلى الثراء الفاحش ومن تم الكاريزمية التي بالطبع تجعل الزعماء متسلطين، ينظر إليهم بالانبهار والقوة ويصبح كلامهم غير قابل للنقاش لأته منزه عن العبث والخطأ، وعوض أن يكونوا في خدمة الشعب يصبح الشعب هو الذي في خدمتهم، وبالأخص لما يصلوا إلى الحكم بفضل ما اغتصبوه من أصوات بسبب الوعود الكاذبة، و...، مستغلين ضعف وسذاجة وفقر وأمية من لازالوا يطمعون في " سحور اللبن". إن أكثرية من أعطوهم أصواتهم يجهلون برامجهم وأرضيتهم السياسية، وقانونهم الداخلي، ولا يوجد لهم مكاتب ولا قواعد، ولا أثر في أكبر المدن، وبالأحرى في القرى والمد اشر. وجرائدهم التي لايقرؤها حتى أزلامهم، وهذا الوضع الشاذ خلق ثلاثة أنواع من ذوي العاهات العقلية. Eمفاوضون، لأنهم أخذوا الفتات، وحصلوا على أقل ما كانوا ينتظرون مقابل ما قاموا به من تزوير للحقائق وتدجيل، لترتيب البيت الداخلي، وتزكية الزعماء الذين أعطوهم وعودا طال انتظارها.وربما أصبحت في خبر كان.وهؤلاء يشبهون طير النورس الذي ينظف أسنان التمساح ويتغذى على ماعلق بها ويترك فمه مفتوحا ولا يؤديه لان بقايا الأكل تسبب له الألم. ناقدون، وهم الذين لم يأخذوا حقهم من الكعكة ولازالوا طامعين، فتارة يثورون وأخرى يتملقون لجس النبض في انتظار ساعة الصفر. رافضون، لأن الزعماء وحاشيتهم لم تعد تربطهم بهم أية مصلحة عائلية أو اثنيه أو قبلية، وحتى يتقوون فإنهم يلجئون إلى التحالفات مع أحزاب نافذة رغم الاختلاف في الايدولوجيا والمنهج ، و...، ولكي يصبحوا في مأمن من الهزات العنيفة، ويكسبوا الشرعية، يدعون إلى مؤتمر بعد أن يتمكنوا من التحكم في مساره وطبخ برامج ذات فلسفة استهلاكية، فاقدة لعنصر التغيير ومسايرة العصر، وحيث أن الأمية و عدم الوعي هما صمام الأمان، فإن المؤتمرين ينظرون ويسمعون دون فهم لما يقال، ويلقنون أن الحالة المزرية التي جعلت معظم سكان الأماكن التي قدموا منها، والذين يعيشون تحت عتبة الفقر، هي أسباب تلقائية حسب زعم الزعماء موجودة في كل بلدان العالم، وهذا ذر للرماد في العيون، لأن فقير الغرب تنقصه الكماليات أما فقيرنا فينقصه كل شيء، حتى الهواء أصبح ملوثا نتيجة بنية تحتية متهالكة إن وجدت، و مستشفيات دون لوازم طبية، و تعليم بدون برامج حقيقية، وإدارة متعفنة يغلب عليها طابع الزبونية والمحسوبية و..... بعد الفوز بالجولة الأخيرة في المهزلة المسماة المؤتمر الوطني يرجع الوضع إلى المربع الأول، مربع السيطرة والشخصانية، ويركن الزعماء وأزلامهم إلى راحة المحارب المنتصر،وتصبح سياسة التسويف هي السلعة الرائجة و كأن الإنسان المغربي يعيش في عصر سيدنا نوح حيث كان عمر الإنسان يتجاوز ألف سنة.أو أنه فاقد للذاكرة وسينسى أو يتناسى ويبدأ من جديد. والسؤال المطروح هو: إلى متى يستمر هذا الوضع الشاذ؟ ومن يتحمل المسؤولية عما آلت إليه الحالة المزرية التي دفعت بالشباب إلى التطرف و الأصولية و العنف؟ سؤال تجيب عنه الأحزاب إن طبقت الديمقراطية على نفسها، و قامت بتأطير المواطن، حتى تصبح محبة الوطن والمقدسات جزءا لا يتجزأ من شخصيته، وعدم إعطاء وعود خيالية يستحيل تطبيقها وتبني خطابات مخادعة، وإعطاء التزكيات لعصابات همها إضافة أرصدة جديدة إلي ما ادخروه من ثروات عن طريق النصب والاحتيال والسرقة، وأن لا يكون الحزب موسميا ينشط في الانتخابات ثم يركن إلى الراحة البيولوجية.لهؤلاء الزعماء نقول كفى إن تجارتكم بارت. كلشي عاق بكم.