أولا: تأكيد موقع المقاومة الفلسطينية في قضية تحرير فلسطين. مرة أخرى تؤكد المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس أنها الرمح الحقيقي لحركة تحرير القدس، الذي يعني تحرير فلسطين. ففي ظروف صعبة جدا ومعقدة إلى أبعد الحدود استطاعت المقاومة أم تصنع مفاجآت أربكت جميع الحسابات، خاصة حسابات الأعداء والخصوم. 1- طورت بشكل هائل الخطاب السياسي، على الرغم من ظروف ما سمي بالربيع العربي، حيث في ظرف وجيز أصبحت لها الكفاءة العالية في مخاطبة الواقع الدولي والإقليمي من منطلق شروطها واستراتيجيتها المتمثلة في عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني والإقرار بحتمية زواله. 2- طورت بشكل مذهل قدراتها وخبراتها وبنياتها العسكرية حيث صنعت أرضية صلبة للمقاومة وقدرة صاروخية مكنت من توازن الرعب فضلا عن الحرب النفسية من خلال الإدراك الجيد لمواطن الضعف لدى الكيان الصهيوني. 3 - الانسجام التام بين الوظيفة العسكرية والوظيفة السياسية لدى المقاومة، مما ترتب عليه بناء استراتيجية تقويض الكيان الصهيوني في أفق تحريك كل الوجود الفلسطيني في سياق ثوري شامل لإنهاء الاحتلال بالرهان على الذات ومادونها مكملات. ثانيا: تداعيات ما سمي بالربيع العربي على استراتيجية المقاومة. لاشك أن الكثير كان يعتقد أن ماسمي بالربيع العربي حينما أسقط أوهدد أنظمة متخاذلة أو عميلة سيكون فاتحة خير على القضية الفلسطينية، لكن كل ما تبع هبة الربيع العربي عدم اكتمال مسيرة بناء دولة الثورة أدى إلى بناء محيط غير محتضن رسميا للمقاومة بل معاد لها، بل متآمر تماما، إذ من يتابع تصريحات بعض الأنظمة العربية يتبين له أن ما بعد تثبيت أركان الانقلاب في مصر ستكون حماس هي الثانية، لذلك كانت هذه الأخيرة أكثر وعيا بالواقع فغيرت استراتجيتها في المقاومة من خلال العمل على توسيعها على كل أرض فلسطين، والعمل على بناء القوة السياسية والمجتمعية محليا من خلال حزمة التنازلات لأجل المصالحة السياسية والمجتمعية. لقد اصطدمت رغبة الكيان الصهيوني في استغلال واقع الانقسام والاضطراب في المنطقة لتوجيه ضربة مؤلمة للمقاومة، خاصة حماس، مع قدرة هذه الأخيرة على استيعاب اللحظة في كل أبعادها وتحريك المقاومة في مستويات متعددة، مما جعلها غير متأثرة بشكل كبير بإرادة بعض الأنظمة العربية في القضاء على دور حماس في القضية الفلسطينية(مصر+السعودية) كما لم تتأثر بالتصدع الذي حصل في جسم خط المقاومة عموما، خاصة العلاقة مع إيران وسوريا وحزب الله . ثالثا: أفق المعركة. نعم هناك آلم وجراح بسبب جرائم الكيان الصهيوني في حق الأطفال والنساء والشيوخ ومنازلهم مضاف كل هذا إلى حصار مطبق جوع الناس وأنهك قطاع غزة. لكن منذ أكثر من شهرين صرحت كتائب القسام أنها لن تبق مكتوفتي الأيدي أمام هذا التجويع، مما يعني أنها أمام مهمة إنسانية كبيرة تتجلى في حتمية رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، ولذلك استعدت جيدا لكل لحظة يقوم فيها الكيان الصهيوني بعمل عسكري ليكون ثمن هذا العدوان ليس فقط ثمنا عسكريا بل يجب أن يرفع الحصار على الشعب الفلسطيني، لذلك كانت شروط التهدئة التي رفعت حماس بعد بدأ العدوان على غزة هو فك الحصار عن الشعب الفلسطيني وإطلاق سراح الأسرى المحررين في عملية شاليط، لأن قضية السجناء تأخذ مكان الأولوية في الصراع اليومي مع الكيان الصهيوني، ولذلك تحرص المقاومة على أسر جنود في كل معركة ومناسبة. وبهذا يمكن القوم إن أفق معركة غزة يتحلى في تغيير معادلة الصراع بشكل هائل لصالح استراتيجية التحرير وإعادة تموقع جديد للمجتمع الفلسطيني ضمن خط الثوة الشاملة سواء في الداخل الفلسطيني أو الضفة أو القطاع، إضافة إلى تحريك جذري لعملية بناء المؤسسات الفلسطينية وتجديد أدوارها ضمن هذه الاستراتيجية.