منذ عقود،والمكتب اللاشريف للفوسفاط كان وما يزال هَمه الوحيد هو استغلال الفوسفاط بإقليمخريبكة،والزيادة في الإنتاج والمبيعات،واكتساح الأراضي السلالية دون أن يعير أي اهتمام للإقليم ولأبنائه.وطَوال هذه العقود لم يجرؤ أحد من الساسة على مساءلة المكتب اللاشريف أو النصح له،وكيف يجرؤون عليه وهو دولة داخل دولة؟ والدولة هي الأخرى ساهمت في تهميش الإقليم،ولم تتدخل لإنعاشه وإيقاف نزيفه. اهتمام الدولتين (الدولة والمكتب اللاشريف) بما هو إنتاجي اقتصادي،وتناسي ماهو بشري اجتماعي تنموي خلف عدة مشاكل اجتماعية بالإقليم كالفقر،العطالة والهجرة. فخلال عقود التهميش وإلى يومنا هذا ازداد عدد سكان الإقليم،وشهدت مُدُنه وفود أهل البادية فرارا من شبح الجفاف.فارتفعت نسبة البطالة والفقر،وفي غياب فرص الشغل وانعدامها بإقليمخريبكة اضطر الشباب إلى الهجرتين:الهجرة الداخلية إلى المدن المغربية الكبرى (النافعة)، والهجرة الخارجية إلى ما وراء البحر إلى الفردوس المفقود إلى الأندلس وماجاورها. فالهجرة الداخلية لم تُبدِّل حال شباب الإقليم فركّزوا جل اهتمامهم على الهجرة الخارجية التي ارتبطت بقوارب الموت وبذكرياتها المؤلمة المرة. فكلنا نتذكرأن شبابنا غادر البلد طلبا للرزق في بلاد العجم،فمنهم من مات غرقا في البحر،ومنهم من وصل إلى بر الأمان. فأما الموتى فأسأل الله الرحمان الرحيم أن يشملهم برحمته الواسعة،وأما الناجون ففي المهجر يكافحون،والغربة يعانون،وآباؤهم وعائلاتهم عن العين بعيدون. والحديث عن المدن النافعة والمدن غير النافعة يتطلب منا الصراحة والحياد،فالمدن المسماة بالنافعة هي المدن الكبرى بالمغرب،وهل كبر المدينة معيارلنفعها؟ وبما تنفع البلد؟ تنفعه بالسياحة الجنسية،بكثرة الفسق والإجرام والتلوث. هناك مدن ليست بالكبيرة جدا،لكنها نافعة ومنسية كمدينة خريبكة التي تنفع اقتصاد المغرب وتنعشه بمبيعات ذهبها الأبيض الفوسفاط -فهي عاصمة الفوسفاط في العالم،وأراضيها تكتنز إحتياطي هام منه- وبالتحويلات المالية لجاليتها المقيمة بالخارج وبجلبهم للعملة الصعبة . لله دَرُّك يا خريبكة تنفعين المغرب بفوسفاطك وبجاليتك ولا تنتفعين منه،تعطين ولا تأخذين. لله دَرُّكِ ولا دَرَّ درُّ من أدار لكِ ظهره أو نَسِيك. آن الأوان ليُبَين لنا المكتب الشريف للفوسفاط أنه شريف بالفعل،ويساهم في تنمية إقليمخريبكة،ويعتني بأبنائه.وعلى الدولة رعاية ذلك والمشاركة فيه لكي لا تتكرر أحداث السنة الماضية،ويُرفع الظلم الإجتماعي عن الإقليم. فالإقليم اليوم في ديوان المظالم ينتظر الإنصاف والمصالحة.