حلقت أمس الأربعاء في فضاء مسرح محمد الخامس بالرباط روح الفقيد محمد رويشة في حفل تكريمي أقيم وفاء وعرفانا لأسطورة الأغنية الأمازيغية٬ الذي أسدى للثرات الفني المغربي أجزل العطاءات الخالدة. وجاء الحفل عربون حضور دائم في الذاكرة الوطنية لفنان قدم أرقى الأغاني الخالدة في توليفة جمالية متفردة جمعت بين الإيقاع المنساب والشفيف الموشى بروح إبداعية قلقة٬ وبين المضمون الإنساني العميق. وخلال أزيد من ثلاثة ساعات٬ نقلت مجموعات موسيقية وفنية أمازيغية وشعراء ومنشدين٬ الجمهور الحاشد٬ إلى سماوات النغم الأصيل وإيقاعات الأعالي ٬ مستحضرة روح الفقيد من خلال أداء بعض روائعه الخالدة من قبيل أغنية "إيناس إيناس" ٬ التي أسكرت الجموع بإيقاعيتها الكثيفة وانزياحاتها نحو النغمة الموسيقية القصيرة والنبرة الجوانية الحزينة ٬ وانسياباتها النبرية التي تجمع بين طبقات صوتية خفيضة وتوليفات نغمية متواشجة ومتآلفة لآلات الوتر والبندير. وتناوب على نسج جماليات هذه الأمسية الرائعة عدد من خلصائه الأوفياء في الفن والطريق٬ حيث حضر الحفل محمد مغني القريب من قلبه وعالمه الفني وميمون أروحو الذي استعاد بصوت شجي وإيقاعية رقراقة بعض أغانيه المتفردة٬ و"الشريفة"٬ تلك الحنجرة الذهبية ذات النفس الأسطوري الممزوج بأصوات الطبيعة٬ التي ألهبت الحضور من خلال نماذج من أعمالها الفنية المتميزة. كما ساهم في جمالية الحفل الذي حضرته أسرة الراحل محمد رويشة ٬ الفنان مصطفى الشهبوني الذي أدى أغنية/مرثية في حق الراحل "هذا الزمان " حيث "تبكي خنيفرة وواد أم الربيع رحيل الفنان الأنيق الشجي النغمات" ٬ ومجموعة شعراء كروان٬ وأحيدوس بوقشمير ولماس٬ بالإضافة إلى الكوميدي باسو٬ وضيف الشرف الفنان٬ حجيب الرباطي. تم أيضا بالمناسبة تقديم لوحات من فن أحيدوس لمجموعات أمازيغية ٬ تكريما ل"المايسترو" موحى والحسين أشيبان ٬ امتنانا لهذه الأسطورة الحية وعرفانا بما قدمته لفن أحيدوس على امتداد أكثر من ثمانية عقود٬ من أجل ترسيخ هذا الفن التراثي الأصيل إضافة مشاركات في فن "تماوايت" أدته فرق فنية من قبائل آيت سرغوشن إقليم بولمان . وكانت أقوى لحظات الحفل البهيج ٬ الذي أشرفت على تنظيمه مجموعة من الفعاليات الإعلامية والثقافية والفنية بشراكة مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون ٬ تسلم ابن الراحل حمد الله "درع" تكريم والده٬ الوثر الذي كان يعزف عليه الراحل٬ في تعبيرية جميلة ورائعة موحية تشي بالإصرار على استمرار الحلم وألق روح الفقيد مجسدة في بكره الطموح ٬ الذي بشر ٬ من خلال تقديمه لنماذج من ريبرتوار الوالد٬ على قدوم موهبة ستقول كلمتها في القادم من الأيام. وكان المنظمون قد توصلوا بأزيد من 30 طلبا للمشاركة في حفل تكريم هذين الرمزين الفنيين٬ من مجموعات أمازيغية وشعبية وشعراء٬ عبروا عن رغبتهم في إحياء حفل التكريم مجانا غير أن الالتزام بالبرنامج المسطر للسهرة٬ والتعاقد مع المؤسسات الداعمة للحفل٬ حال دون الاستجابة لجميع الطلبات.