شارك المئات من المواطنين، بعد ظهر أمس الأربعاء، في تشييع جنازة الفنان الأمازيغي الراحل محمد رويشة. وخيم الحزن على سماء مدينة خنيفرة التي ارتبط جزء كبير من مجدها باسم هذا الفنان الذي أنقذ آلة الوتر من الضياع، وأضاف إليها الوتر الرابع، وجدد الإيقاعات، وطور الأغنية الأمازيغية، وأعطاها شحنات من الالتزام، وهو يغني لجميع القضايا وجميع الفئات الاجتماعية. مراسيم التشييع شهدت حضور وزير الثقافة الجديد ووفد عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وعدد كبير من الفعاليات الثقافية والحقوقية والسياسية والنقابية بالمدينة. وكانت صلاة الجنازة قد أقيمت في المسجد الكبير بالمدينة، ودفن جثمان الراحل في مقبرة سيدي بوتزكاغت بالقرب من قبر والدته التي ارتبط الفنان بها طيلة حياته أشد الارتباط. وحج إلى المدينة لحضور مراسيم الدفن، وتقديم التعازي إلى عائلة هذا الفنان، عدد من الفنانين الأمازيغيين من مختلف مناطق المغرب. ويحظى الفنان الراحل رويشة باحترام كبير في الأوساط الفنية بالمغرب. ولم يسبق له أن دخل في معارك صغيرة مع أي فنان، كما لم يسبق له أن اشتكى ضيق ذات اليد لأي جهة. وكان بيت محمد الهواري الملقب بمحمد رويشة، بوسط المدينة ملاذا للفنانين، وفيه ظل يستقبل جل زوار المدينة من عشاقه ومن إعلاميين. وظلت الصورة، التي تجمعه بالأم التي تتحدر من مدينة تنغير، وهي ترتدي زيها التقليدي الخاص بالمنطقة، تستقبل على الدوام زواره في صالة الضيوف ببيته المفتوح. وكان ارتباطه بالأم وثيقا جدا، وهو نفسه الارتباط الوثيق الذي ينسجه مع الثقافة الأمازيغية. ازداد رويشة ببلدة مريرت، بضواحي مدينة خنيفرة من أسرة تتكون من أربعة إخوة. وهاجر إلى وسط المدينة. واقتصرت دراسته في الابتدائي على أربع سنوات، لكن هذا الفنان ظل يفتخر بأنه خريج المدرسة الاجتماعية. أنشأ مدرسة للفن، دون أن يشعر، ومنها تخرج العشرات من الفنانين الذين سيحاولون أن يساهموا في ملء الفراغ، ومنهم الفنانة شريفة التي تهز مواويلها وجدان عشاقها، وتردد أصداء شبيهة بالأصداء التي تتردد بين الجبال في قمم الأطلس الشاهقة.