ما إن انتهت الحلقة الجديدة من مسلسل "حُبٌّ في زمنِ الرياح" حتى هَرْوَلَت إلى المِرْآة، أخْرَجَت عُدَّةَ الزينة التي وجدَتْهَا صُدْفَة في قمَامَة جَارتها، قضَت ساعَةً كاملة وهي تُلَطخ وجهها استعدادا لنُزهة قصيرة في السوق البلدي، وقبل أن تَضَعَ الدرهَمَ الوحيدَ في محفظتها، نظرت إلى المرآة لآخر مرة وتضرعت إلى الله أن تجد في طريقها زوجا جديدا. تَرَاءَت لَهُ عَرَبَة الحلوى فأجْهَشَ باكيا، ذَكَّرَتْهُ بأنهَا اشتَرَطَت عليْه أن يَبْقى صَامتا، بَيْدَ أنَّهُ لم يهتم لكلامها، فهو يعرف أنها لا تفي بوعودها أبدا واستمر في بُكَاءٍ هستيري، فَمَا كَانَ مِنْهَا إلَّا أنْ عَادَت إلى العربة وأخرجَتْ مِنْ مِحْفَظَتِها الكبيرة الدِّرْهَمَ الوَحيدَ وهيَ تَلْعَنُ اليومَ الذي ولَدَت فيهِ صَبِيا عَنِيداً. أمام المَسْجدِ الكبير صَادف - وَهوَ يقضِمُ الحلوى- رجلا بئيسا، فالمدينة تعج بالمتشردين والمعتوهين، غير أن هذا الرجل أثار انتباهَهُ لأول مرة ، وفي غفلة من أمه التي انشغلت بالبحث في عيون الرجال عن بَعْلٍ جديد توقف أمامه ونظر إلى عينيه الغائرتين وإلى الشيب الذي غطى فُودَيْهِ، وضع الحلوى التي بكى من أجلها في يده المُتسخة، ابتسم الرجُل ودنا من الصغير واضعا قُبْلة على جبينه وهو يبتلع الحلوى دون أن يتجشم عناء المضغ، التفتت الأم يَمْنَة وَيَسْرَة باحثة عن الطفل الصغير، أصابها الذعر، وقالت بصوت غيَّرَ تقاسيم وجهها وكشف عن جرائم الزمن فيه: حمدون..حمدون..أين أنت؟؟ ركضت كالمجنونة في كل الاتجاهات وقد انفلتت منها الأنوثة التي راهنت عليها لتنقد نفسها من أفق مجهول، وأمام باب المسجد لمَحَت صغيرَهَا بجانب مُتَشَرد بَئيس ...اقتربت منهُمَا، حملقت في الرجل، فَغَطَّت وجهَهَا بأناملها وهي ترتعش، الرجلُ الجالسُ على الأرض برائحته النتنة لم يكن سوى زوجها الذي قضت سنة كاملة وهي تبحث عنه في المصحات العقلية... حسين أزاوو - أيت إعزة 3/10/2016