ضرب وجرح وأخطار داهمة.. وحكايات مؤلمة لأشخاص بدون مأوى «الأحداث المغربية» تجولت ليلا في بعض شوارع وأزقة مدينة طنجة، رفقة أعضاء جمعية «القلوب الرحيمة» الذين لا ينتمون إلى أي حزب سياسي، والذين يقومون بحملات تضامنية كل ليلة سبت / أحد، لفائدة المتشردين والمختلين عقليا، يمنحونهم بعض العطف والحنان، يتحدثون معهم بلطف من أجل التخفيف عن معاناتهم، ويقدمون لهم حساء ساخنا وسندويشات وملابس دافئة وأغطية وأدوية، ويقدمون لهم الإسعافات إذا وجدوهم في حالة صحية تتطلب التدخل السريع، قبل أن يطلبوا سيارة إسعاف الوقاية المدينة لنقلهم إلى المستشفى، بمساعدة رجال الأمن الذين يرافقونهم في هذه الحملات. الانطلاقة كانت حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا من حي «عزيب الحاج قدور» قرب باب مسجد أم القرى بطنجة. عندما وصلنا إلى هناك، وجدنا ثلاث سيارات بداخلها مجموعة من الشباب يرتدون صدريات زرقاء مكتوب فيها اسم الجمعية وشعارها، ووجدنا أيضا سيارة صغيرة للشرطة تنتظرنا لكي تضمن لنا الحماية، وعلى متنها ضابط أمن ومساعده، بزيهما الرسمي. حسناء أزواغ، رئيسة جمعية «القلوب الرحيمة» المعروفة بأنشطتها الداعمة لفقراء ومعوزي المدينة، كانت قد جمعت ما يكفي من الأغطية والملابس في سيارة يقودها زوجها وأب طفليها، الفاعل الجمعوي عبد الله باهم، وهو جندي سابق في القوات المسلحة الملكية، شارك مع الجيش المغربي في حرب العراق سنة 1991 وقضى فترة من الزمن في الذود عن الوطن من ميليشيات البوليساريو، وهو الرئيس الشرفي للجمعية، وصاحب فكرة سلسلة الليالي التضامنية قبل ثلاث سنوات، وكذا فكرة سلسلة القوافل الإنسانية لفائدة الدواوير المنكوبة التي تقوم بها الجمعية. فؤاد: تخلى عن التشرد وأصبح عضوا في الجمعية في طريقنا نحو أول منطقة معروفة بالمتشردين، توصلت حسناء بمكالمة هاتفية من امرأة. «هل ابنك معك؟… سننتظرك أمام باب الصيدلية.. لا تتأخري». قالت حسناء قبل أن تطلب من القافلة متابعة السير. بعد دقائق وصلنا أمام صيدلية في منطقة «السواني»، فوجدنا في انتظارنا امرأة في حوالي العقد الرابع من عمرها، ترتدي صدرية الجمعية فوق جلابة حمراء وتغطي رأسها بفولار أسود، رفقة طفل مراهق لا يتجاوز عمره أربع عشرة سنة، يرتدي هو الآخر صدرية الجمعية. أوجد أعضاء الجمعية مكانين لهما داخل إحدى السيارات، وواصلنا السير. «إنها فاطمة، والذي برفقتها هو ابنها فؤاد. كان دائما يهرب من البيت ويقضي الليل في العراء رفقة متشردين، وكانت تخرج معنا من أجل البحث عنه. كُنا نجده في حالة مزرية، فنتحدث معه ونقنعه بالعودة مع أمه. فكان يعود إلى البيت لفترة، ثم يلتحق من جديد برفقائه لقضاء الليالي في الشارع. لكننا أقنعناه بأن يتخلى نهائيا عن عادة الهروب من البيت، بعدما اقترحنا عليه أن يصبح عضوا في جمعيتنا، وأن يدلنا على الأماكن التي يتجمع فيها المتشردون، فقبل ذلك، ولاحظنا أن سلوكه بدأ يتغير، وأنه أصبح يُساهم معنا بحيوية في تحسيس رفقائه بأخطار الحياة في الشارع». قالت حسناء موضحة لنا حالة هذا المراهق الذي كان يبدو بشوشا وأنيق المظهر، ولم يكن يتوقف طوال الليلة عن الحركة في كل الاتجاهات، محاولا الكشف عن مخابئ متشردين يعرفهم، أمام أنظار أمه التي أصبحت هي الأخرى متطوعة في صفوف الجمعية، تساعد حسناء وباقي الأعضاء في عملية إلباس المختلين عقليا بملابس ملائمة، وفي عملية إطعامهم من جوع الليالي الحالكة. محمد : هذه تطوان وليست طنجة ! أثناء مرورنا من الشارع الرئيسي الذي يخترق منطقة «فال فلوري» طلب منا عبد الله باهم أن نتوقف عندما شاهد كومة سوداء في مزبلة بجوار شجرة، غير بعيدة عن السجن المدني «سات فيلاج». خرجنا من السيارات وذهبنا لاستطلاع الأمر. أشعل أحد أعضاء الجمعية مصباح هاتفه المحمول ففوجئنا بوجود شخص نائم فوق الأرض وهو ملتف داخل بطانية. أيقظه عبد الله برفق وسأله : «تبغي أالشريف تاكل شي حاجة؟». أطل الرجل من داخل البطانية، فبدا في عقده الخامس، ملفوف الرأس في طاقية، أشيب الشارب واللحية. بدأ يحك عينيه بكفيه المتسختين، وقال :«غدّا غادي نمشي بْحالي. غادي يجيو خّوتي يدّيوني لمارتيل. ما غاديش نبقى هنا». أفهمه عبد الله أنهم لم يأتوا لطرده من المكان، بل هم يريدون فقط أن يقدموا له الطعام ويتعرفوا عليه. بعد شعوره ببعض الاطمئنان، أزاح البطانية من فوق جسده، فبدت قدماه ملفوفتين في خرقتين بيضاوين. سألناه عن حالهما فقال: «رجلي مراضين. ما كنقدرشي نمشي بيهم». سألناه عن حالته العائلية فقال بأنه أعزب وبأن كل أفراد عائلته يسكنون في مارتيل، وأنه يبيت في هذا المكان منذ سنوات، وأن أباه وأمه وإخوته سيأتون غدا لكي يأخذوه إلى البيت. سألناه عن سبب تفضيله المبيت في المزبلة مادامت له عائلة، فأجاب: «غير ما كيقول لي عقلي». سأله عبد الله :«هل أنت متأكد أن أهلك سيأتون غدا من مارتيل إلى هنا في طنجة لأخذك معهم؟». أجابه وعلامات الاستغراب بادية عليه: «غادين يجيو لهنا، لتطوان، ماشي لطنجة». قال له عبد الله :«أنت هنا في طنجة ماشي فتطوان». فأجابه بيقين صارم :«لا. هاذي تطوان ماشي طنجة». سمية : ولدت طفلا في حديقة وتبيت معه في العراء حالة محمد الذي قال بأن اسمه العائلي هو العلوي، كانت عادية بالنسبة إلى أعضاء الجمعية الذين أفهموني بأن في المدينة حالات أسوأ، سبق لهم أن صادفوها في حملاتهم الليلية التضامنية، من بينها حالة امرأة تقضي الليل رفقة وليدها الذي لا يتجاوز عمره سنتين في حديقة «السواني» بساحة 20 غشت، وهي الحالة التي قررنا أن نذهب لمعاينتها. اسمها سمية. وجدنا بجانبها عربة صغيرة لحمل الأطفال. كانت وسط الحديقة تغط في نوم عميق، وهي محتضنة طفلا يمسك بزجاجة حليب، ويحرك شفتيه مُحاولا مصّ ما بداخل الزجاجة وهو مغمض العينين. بعد محاولات عديدة تمكنت حسناء من إيقاظها، فقامت وجلست وبدأت تُحملق فينا. نبهني عبد الله إلى أنها يمكن أن تتصرف بعنف، لأنها ستعتقد أننا جئنا لكي ننتزع منها طفلها، ولا تريد أن يتكرر ما حدث لها سابقا، عندما أُخذ منها ابنان آخران لها، وتم إيداعهما داخل مؤسسة خيرية، وهما الآن مراهقان يعيشان في الشارع، عمرهما 17 و14 سنة. «كانت تنام في البداية في ذاك المرآب الذي تراه في الجهة الأخرى من الشارع. لكنها طُردت من هناك. وهي الآن تطلب أن تحصل على برّاكة في أي مكان في المدينة، لكي تنام فيها هي وابنها». يقول عبد الله الذي سبق له أن زارها في هذا المكان. لاحظت أن عضو الجمعية الذي يحمل الطنجرة التي تحتوي على الحساء الدافئ ظل بعيدا ولم يأت لإطعام هذه المرأة المتشردة. سألت عبد الله عن السبب فقال لي: «هي لا تقبل طعاما ولا شرابا من أي أحد. تخاف أن يكون مسموما. وأول ما تقوم به عندما تجد نفسها أمام شخص ما، أنها تمسك بطفلها وتحتضنه». وعن الحالة العائلية لسمية أوضحت لنا حسناء بأنها «وُلدت وتربت في مدينة طنجة في وسط متواضع. تزوجت من رجل كان حارسا في سوق «السواني» القريب من الحديقة التي تنام فيها الآن. لكن أفراد أسرتها لم يكونوا راضين عن زواجها به، فقطعوا صلتهم بها. تركها زوجها، قبل أن تلد أطفالها الذين لا يتوفرون على وثائق تثبت انتسابهم إلى شخص معين. وقد ولدت طفلها الأخير هذا في الحديقة، وسمته زيد. عندما جاءها المخاض، بدأت تصرخ، فأحاطت بها بعض النسوة وساعدنها على وضع حملها، علما أنها تعاني من عاهة في رجلها». عبد النبي : أُعْمِي من عينيه بسبب برّاكة اسمه عبد النبي بن الطيب، ويناديه أعضاء الجمعية باسم «عمّو». يعيش في كوخ في قلب مدينة طنجة، بالمكان الذي كان يسمى «بوخشخاش»، بجوار ثكنة القوات المساعدة في شارع مولاي اسماعيل. كان هذا المكان قبل سنوات عبارة عن قطعة أرضية شاسعة توجد فيها «براريك»، كان يملك واحدة منها، ويعيش فيها بجوار أخيه ووالده اللذين كانا يملكان هما الآخران «براكتين» فوق هذه الأرض. كل «البراريك» أزيلت وتحولت القطعة الأرضية إلى تجزئة سكنية بأسعار باهظة، وبُنيت فوقها عمارات، ما عدا «براكة» عبد النبي. فهو لازال مصرا على الاعتصام داخلها، بعدما فقد بصره قبل سنتين، في ليلة ممطرة، عندما اقتحم عليه شخص مجهول «البرّاكة» في منتصف الليل وأيقظه من نومه ورشّ في عينيه سائلا من بخاخ. «عندما شعرت بالسائل الحارق يلهب عينيّ بدأت أصرخ. فسمعت صوتا يقول لي: «بغيتي تذبحني. ها أنا غادي نرزيك فعينك باش ما تبقاش تشوفني». وقد عرفت من الصوت أن الذي رش السائل في عينيّ هو واحد من الأشخاص الذين كانوا يتفاوضون معي لإفراغ «البرّاكة» ولقبول الشقة المُشتركة التي مُنحت لنا أنا وأخي وأبي مُقابل «البراكات» الثلاث التي نملكها، وهو العرض الذي رفضته، لأن كل من كان يملك «برّاكة» مُنحت له شقة، فما معنى أن يتم منحي أنا وأخي وأبي شقة واحدة مُشتركة مُقابل ثلاث «برّاكات»؟. الشخص الذي ارتكب هذه الجريمة في حقي، سبق لي يوما أن هددته في حالة غضب، وقلت له بأنه إن جاء عندي مرة أخرى سأذبحه. قضيتي الآن لم تعد هي الحصول على شقة. بل أصبحت هي استعادة نور بصري. فقد أصبحت غير قادر على تدبّر أمر حياتي، ولولا المحسنون من أمثال أعضاء هذه الجمعية الذين يزورونني بين الفينة والأخرى، لمتّ جوعا». يقول لنا عبد النبي بأسى بعدما دخلنا إلى «برّاكته» رفقة أعضاء الجمعية لتمكينه من بعض الأكل وبعض الملابس، علما أن الجمعية سبق لها أن عرضت عبد النبي على طبيب اختصاصي في أمراض العيون، فأخبرهم بأنه لم يعد هناك أي أمل في استعادته لبصره، بعدما تخربت شبكته البصرية بالكامل، وهي الحقيقة التي لا يعلمها عبد النبي، حيث لازال يعتقد أن بإمكانه استعادة بصره من جديد. «واحد من أعضاء اللجنة التي تتفاوض معي لكي أفرغ «البرّاكة»، قال لي بأنني إن رحلت من الأرض، سيمنحونني مليون سنتيم تعويضا لي عن فقداني بصري. هل يضحكون علي؟ أنا لا أريد كل ملايين الدنيا. أنا أريد أن أرى الحياة وأبصر وجوهكم العزيزة». يختم عبد النبي حديثه المؤلم معنا. لا مشكل لدينا.. نريد «الحْريكَ» فقط قدموا من قرى ومدن مغربية عديدة. يتجمهرون بجوار حائط أمام «رياض تطوان» المجاور للمحطة الطرقية. يتقافزون ويتغامزون ويتبادلون فيما بينهم شمّ خرق بالية ممزوجة بمادة «السيليسيون» ويتناوبون على استنشاق قطع بلاستيك مسكوب داخلها «الديليون». عندما تريد أن تتحدث معهم ينطّون من مكان إلى آخر بحركات بهلوانية ويقولون لك: «ما خصنا حتى حاجة أ الشريف. باغين غير نحركَو باش نضمنو المستقبل ديالنا». عندما تسألهم: «ولنفترض أنكم نجحتم في العبور إلى الضفة الأخرى تحت حافلة، ماذا يمكنكم أن تشتغلوا هناك؟». يجيبك واحد منهم: «أي حاجة. فالفلاحة، فالقهاوي، فالبْني. المهم ما باغينش نبقاو هنا». تسألهم: «لكن أعمال الفلاحة والبناء والمقاهي موجودة هنا كذلك، لماذا لا تشتغلون فيها هنا؟». يقول لك أكبرهم سنا: «واش الخلاص لّي غادين يخلصونا ثما هو الخلاص لي غادين ناخذوه هنا؟». تسألهم إن كان من بينهم من سبق له أن مارس عملا ما هنا في المغرب، فيتقدم إليك شاب في العقد الثاني من عمره، يبدو أنيق المظهر مقارنة مع الباقين الذين رفضوا أن نلتقط لهم صورا وهم يلتهمون السندويشات التي وزعها عليهم أعضاء الجمعية، ويقول: «اسمي أحمد، أنا خدّام فمطعم، وقاري شي شوية، وصلت للسادسة ثانوي أدبي». تتفاجأ وتسأله: «هل تشتغل في مطعم وتأتي إلى هنا لكي «تتشمكر» مع هؤلاء الذين لا شغل لهم؟». فيجيب: «خدام فالمطعم ديال واحد القهوة (يذكر اسمها وهي مقهى شهيرة في الكورنيش). كنعدّل البيتزا، وجميع الأنواع ديال الماكلة. الباطرون كيعطيني 2500 درهم فالشهر. كنعطيهم للوالدة. الوالد مات والوالدة مريضة وعندي خوتي صغار كيقراو، وساكنين كلنا فواحد الدار صغيرة ديال الكرا فبير الشيفا. منين كنسالي الخدمة فالستة ديال العشية كنجي لهنا على الله نلقى شي كاميون أولا شي كار نتخبع فيه ونمشي فيه لإسبانيا». تسأله: «وهل ستعرف كيف تتدبر أمورك هناك في إسبانيا؟». يجيب: «سبق لي حْركْت تحت واحد الكار من حدا إيبيريا، ووصلت لمالاكَا، ومن ثمة مشيت لخيخون، وبقيت فيها أربع سنين، من 2007 حتى ل 2011، مجْلْوْق من خدمة لخدمة. وفواحد الليلة شدوني البوليس ودوزت شوية ديال الحبس وسيفطوني للمغرب». بعد أحمد توجه السؤال لواحد آخر من بين المجموعة اسمه محمد، تسأله إن سبق له أن تعرض للاعتقال من قبل الشرطة فيجيبك: «دائما كيشدوني. كيخليوني 48 ساعة فالكوميسارية، وكيعملو لي محضر، وكيقدموني لوكيل الملك، ومنين ما كيلقى عندي حتى مونتيف كيطلقني». تطلب من أحمد ومحمد أن يسمحا لك بالتقاط صورة لهما، فلا يريان مانعا بعدما يطمئنان إلى أن نواياك غير سيئة، فيتقدم متشرد آخر، يبدو من مظهره أنه أصغر واحد في المجموعة، ويبدأ في التشويش عليك حتى لا تلتقط الصورة، ويقول لك ضاحكا: «واش باغي تدخّلهم عندك فالفيسبوك؟». تنهره وتطلب منه الابتعاد وأنت تضحك وتتساءل مع نفسك كيف أن جنيا صغيرا مثل هذا يقضي حياته كلها في الشارع، يعرف شيئا في هذه الدنيا اسمه الفيسبوك. سعيدة وحسن: نزحا إلى طنجة بعد تعرضهما إلى صدمة كانت نائمة بجوار حائط قرب المحافظة العقارية، عندما أيقظها أعضاء الجمعية، لكي يعطوها بعض الأكل وبعض الملابس الدافئة. لم تكن وحدها نائمة هناك. كان على بعد أمتار قليلة منها أشخاص آخرون مستسلمون للنوم، يفترشون قطعا من الكرتون ويتغطون ببطانيات متسخة. تبدو في العقد الخامس من عمرها، لكن عندما سألتها عن سنها أجابتني وهي تحاول أن تزيل آثار النوم من عينيها الذابلتين: «عندي شي خمسة وعشرين عام دابا». لم نقو أنا ومن معي على حبس الضحكة. ضحكت سعيدة هي الأخرى وقالت لي :«كْبْرْنا أخاي». سألتها عن عائلتها فأجابتني :«أمي وبّا ميتين». قلت لها :«هل سبق لك أن تزوجت؟». أجابتني: «لا. باقيا عازبة». ابتسمت حسناء وسألتها :«أين كان والداك يسكنان؟». أجابتها :«فالرباط». سألتها حسناء مرة أخرى : «منذ متى وأنت هنا في طنجة؟». أجابتها : «سنين هاذي». سألها عبد الله هذه المرة : «هل تنامين دائما في الشارع؟». أجابته بصوتها الرخيم جدا الذي يشبه صوت شخصيات أفلام الكرتون : «مشيت واحد المرة للخيرية، وما عجبتنيش، وخرجت منها وبقيت كنسكن فالزنقة. ومرة مرة كنمشي للرباط ونعاود نرجع». سألتها : «عندما تسقط الأمطار بغزارة وتهب الرياح القوية، هل تبقين في هذا المكان؟». أجابتني :«هنا كنبقى». سألتها مرة أخرى :«ألا تتعرضين لأي أذى عندما تكونين نائمة في الليل؟». أجابتني وهي ترتشف الحساء الدافئ الذي قدمه لها أحد أعضاء الجمعية : «الله هو لي كيحضيني». حالة سعيدة تبدو أن لها ارتباطا بصدمة نفسية عاشتها في حياتها لا تريد أن تفصح عنها. يحكي حارس السيارات الذي يقضي هو الآخر الليل فوق كرسي في الطوار الذي تنام فوقه سعيدة بأن هذه الأخيرة هادئة جدا وتظهر على شفتيها بين الفينة والأخرى ابتسامة غامضة عندما تتطلع في وجوه المارة، وأحيانا تكلم نفسها بصوت خافت وغير مفهوم، لكن لا أحد يعرف ما تفكر فيه بالضبط ولا أحد يعرف ماضيها. غير بعيد منها يرقد شخص ملتف داخل إزار ولا يظهر منه شيء، اسمه نعمان. حذرنا حارس السيارات من إيقاظه وقال لنا بأنه شخص عنيف، يحقن نفسه بالمخدرات، ويسطو على كل ما لدى المتشردين الذين ينامون بقربه. في الطوار المقابل للمكان الذي تنام فيه سعيدة رأينا شخصا آخر نائما فوق الأرض، أخبرنا حارس السيارات بأن اسمه حسن، وهو جد هادئ، مثل سعيدة، ولا خوف منه. يقول حارس السيارات بأن حسن يعيش في هذا المكان منذ أكثر من أربع سنوات. عندما يُسأل عن أصله، يقول تارة بأنه من مدينة تطوان، وتارة أخرى من قرية بني أحمد. أعطته حسناء »مونطو» من الصوف بعدما لاحظت أن ما يرتديه من لباس لا يمكن أن يقيه من برد الليل القارس، فقال لها الحارس بأن »المونطو» الذي أعطته له سيأخذه منه نعمان، المتشرد الآخر الذي ينام في الجهة المُقابلة، لكي يبيعه ويشتري المخدرات التي يحقن بها نفسه. عبد الله باهم الرئيس الشرفي للجمعية الذي كثيرا ما جاء رفقة زوجته حسناء للاطمئنان على حالة حسن، يقول بأن بعض الأشخاص تمكنوا من التعرف على هذا الأخير بعدما نشرت الجمعية صورته في موقع إلكتروني، وتوصل منهم بمعلومات تفيد بأنه كان أستاذا يشتغل في إحدى المؤسسات التعليمية بالرباط، وبأنه كان متزوجا، فتعرض لصدمة نفسية قوية جعلته يفقد توازنه النفسي، ونزح إلى مدينة طنجة. ويضيف عبد الله أن مثل هذه الحالات من الممكن أن تجد الدولة لها حلولا من خلال إنشاء مركز لإيواء المتشردين والمختلين عقليا والمرضى النفسيين في طنجة، خصوصا وأن المؤسسات الخيرية التي توجد في المدينة هي في ملك الخواص، ولا يمكن إيجاد مكان فيها لمثل هؤلاء المتشردين الذين ليس لهم من يتوسط لهم لدى مالكي هذه المؤسسات الخيرية الخاصة. تشرّد وضرب وجرح في «السوق ديال برّا» كُنا مضطرين لمغادرة الشارع الذي ينام فيه حسن وسعيدة، بعدما ثار في وجهنا متشرد آخر اسمه المختار ينام قربهما، غضب من عبد الله عندما أيقظه لكي يعطيه بعض الأكل. وقد كان المختار هذا، وأصله من منطقة الريف، يشتغل في هولندا، لكنه عاد إلى طنجة في حالة مزرية، وأصبح يشتغل ماسحا للأحذية، وكان يسكن رفقة أخيه في بيت في منطقة «العوامة»، لكن عندما توفي أخوه في حادثة سير، ورث ابن الأخ البيت، ولم يعد للمختار مكان فيه. توجهنا مباشرة بعد ذلك إلى ساحة 9 أبريل التي يسميها الطنجيون «السوق ديال برّا»، تحت مراقبة سيارة الأمن التي كان رجلا الشرطة اللذان يمتطيانها يخرجان منها أحيانا لحمايتنا من رد فعل سيء محتمل لبعض المتشردين الخطيرين الذين كنا نتواصل معهم. وجدنا في الساحة، بجوار حائط مُقابل لسينما «الريف» مجموعة من المتشردين المراهقين الذين يعرفهم جيدا فؤاد الذي سبق له أن تسكع معهم في الشوارع قبل أن يصبح عضوا في الجمعية. من بين المتشردين الذين وجدناهم في الساحة مراهق كانت ساقه مليئة بالجروح المتقيحة، قامت حسناء بتنظيفها بواسطة «بيطادين» ووضعت فوقها مُضادا حيويا في شكل مسحوق أبيض وضمدتها، ومراهق آخر حالته كانت صعبة، حيث كان قد تعرض لضربة بواسطة سكين في أذنه، وكان من الضروري أن نطلب من الشرطيين اللذين كانا برفقتنا أن يناديا على سيارة الإسعاف لنقله إلى المستشفى، بعدما ضمدت حسناء جرحه ، فأجابنا الضابط بأن سيارة الإسعاف في طريقها إلى الساحة، لأن هناك شخصا تعرض على التو لطعنة بسكين من قبل بعض المنحرفين. قبل وصول سيارة الإسعاف أثارت انتباهي فتاة جالسة فوق كرسي إسمنتي في الساحة. كانت تغطي وجهها بقطعة ثوب وتحرك جسدها بطريقة غريبة وكأنها تعاني من الصرع. طلبتُ من عبد الله أن نذهب لمعرفة حالتها. لكن، ما أن وجه لها الكلام بلطف محاولا معرفة إن كانت جائعة وتريد بعض الأكل حتى بدأت تصرخ وتسب وتشتم بكلام ناب، وبطريقة هستيرية مخيفة، قبل أن تنسحب في اتجاه الزقاق الذي يؤدي إلى الكورنيش عبر «عقبة سيرفانطيس». غيّرنا وجهتنا بسرعة نحو الحائط الذي يتجمهر بجواره المراهقون، حيث وجدنا رجلا وامرأة . الرجل اسمه محمد الهيري، كان منزويا في ركن فوق قطعة كرتون، حافي القدمين، مغمض العينين داخل بطانيته غير عابئ بشوشرة المراهقين الذين ما أن رمقوا أعضاء الجمعية بصدرياتهم الزرقاء حتى تحلقوا حولهم لكي يأخذوا منهم نصيبهم من «الشوربة» و«سندويتشات» البيض والخضر و«الكاشير». محمد الهيري أصله من منطقة الحياينة بضواحي فاس. قدم إلى طنجة قبل ثلاثين سنة، وتزوج خمس مرات. كان يكتري بيتا في حي القصبة ويزاول التجارة. له أبناء وبنات من زوجاته الخمس، حسب تصريحه لنا، بعضهم توفي وبعضهم لازال على قيد الحياة، ومنهم من يعيش في أوروبا، لكن علاقته بهم غير جيدة. «لّي ما عندو فلوس حتى الخيرية ما تقبلوش»، يقول محمد الهيري وهو يمد قدميه لحسناء لكي تُلبسه جوربين يقيانه من برد الليل، قبل أن يضيف: «الخيرية أقبح من الحبس. دخلت ليها ثلاثة ديال المرات، وكنت فكل مرة كنهرب منها. كنت كنعطي الفلوس باش يطلقوني ويخليوني نخرج منها. كانوا كيدخلونا لواحد القاعة تحت الأرض وكيكدّسونا بحال الحْوالآ». المرأة التي كانت بجوار محمد الهيري اسمها نعيمة، أصلها من مدينة شفشاون، كانت ترتدي جلابة جد متسخة. أوقدت نارا في قطعتي فحم فوق حجرة لكي تتدفأ بهما من برد الليل. متزوجة برجل اسمه طارق، أعمى، فقد بصره في السجن، يبيت بجوارها، لكنه لم يكن رفقتها في تلك الليلة. أول شيء كان ينبغي القيام به بالنسبة إلى حسناء، هو أن تطلب من نعيمة إزالة جلابتها المتسخة، وتُلبسها «دفينة» وجلابة أخرى نظيفة. في الوقت الذي كانت حسناء ترعى نعيمة، سمعنا صراخا في الجهة الأخرى من الساحة. جرى الشرطيان اللذان كانا برفقتنا نحو مصدر الصراخ، وجرينا وراءهما. وجدنا شجارا بين سائق طاكسي أزرق صغير و شخصين. عندما رأى الشخصان الشرطيين لاذا بالفرار. أخبر سائق الطاكسي الشرطيين بأن الشخصين أوقفاه، وحين سألهما عن وجهتهما، أخرج واحد منهما سكينا وطلب منه أن يعطيه «الروسيطا»، فرفض وخرج من الطاكسي وبدأ يصرخ. بعد لحظة، ظهرت سيارة شرطة كبيرة خرج منها بعض عناصر الأمن، وكان رفقتهم عميد شرطة في سيارته الخاصة. توقفوا بجوار الحائط الذي كان يتجمع بقربه المراهقون وشرعوا في تمشيط المنطقة. بعد لحظة سمعنا صراخا يأتي من القوس المؤدي إلى «السوق الداخل». جرينا نحو مصدر الصراخ، فوجدنا عناصر الشرطة ممسكين بشخص يرتدي قبعة و«جاكيتة» زرقاء. أخبرونا بأنه هو الذي طعن قبل قليل شخصا بسكين، وهو الذي كان يريد أن يسطو على نقود سائق الطاكسي. كان المُتهم يزمجر، ويطلب من رجال الأمن أن يزيلوا الأصفاد من يديه. وكان بعض رفقائه يحاولون أن يحولوا دون اقتياده نحو سيارة الشرطة. كان بعضهم مسلحا بسكاكين، وكان الوضع في منتهى الخطورة. كنا ننتظر في كل لحظة أن تثور ثائرة واحد من المنحرفين الذين كانوا في حالة غير طبيعية، ويبدؤوا في توجيه الطعنات بطريقة عشوائية للجميع. لكن عناصر الشرطة سيطرت على الوضع وألزمت المُتهم ورفقاءه بالصعود إلى سيارة الشرطة. بين الكورنيش والمحطة : حكايات مختلفة والمآسي متعددة عندما وصلنا إلى محج محمد السادس، وجدنا شابا قال لنا بأن اسمه زهير، جالسا فوق كرسي إسمنتي في الحديقة المقابلة لمدخل الميناء. يعاني من اضطراب نفسي. جاء من مدينة تطوان منذ أربعة أشهر رغبة في «الحْريكْ». يتحدث بطريقة جد سريعة يصعب معها فهم ما يقول. سألناه عن سنه وعن سبب قدومه إلى طنجة وقضائه الليل في الشارع بدون فراش ولا غطاء، فأجاب: «أنا خلقت عام 1988، فشهر 6 لي فيه 4. عندي الباسبور. منين خلقت فالسبيطار حطّوني فالزّاجة. حيت تولدت ولد سبع شهور. أنا و خاي. كنا تْوامْ. هو مات وأنا بقيت بالرّوح». بعد ذلك صمت وبدا عليه أنه لا يرغب في مواصلة الحديث معنا. قُلت له : «أنت وسيم. وتشبه ممثلا أمريكيا». نظر إلي وانفجر بالضحك وقال لي : «أنا كنْجري. كنعمل الماراطون. وباغي نْمشي لألمانيا باش نشارك فشي سباق. كنت على شوية غادي نحْرْك فواحد الباطو ديال الألمان. دخلنا فيه أنا وشي دراري ديال سيدي سليمان فالمرسى الكبيرة ديال القصر الصغير. ولكن شافونا بالكاميرا العسكر وشدونا وضربونا، وفالصباح عطاونا للجادارمية، وخداو من عندنا البصمات، وطلقونا. الدراري رجعو للجبل لّي كنا كنباتو فيه، وأنا جيت لهنا لطنجة». سألناه إن سبق له أن اشتغل، فأخبرنا بأنه درس إلى غاية السنة الثالثة ابتدائي، ودخل إلى ورشة للصناعة التقليدية وبدأ يتعلم النقش على الخشب، ومارس هذه المهنة لمدة أربع سنوات، لكنه لم يعد يرغب في أن يبقى بمدينة تطوان، وألمانيا هي التي تملأ عقله الآن، ووصوله إليها لا يمكن أن يتحقق إلا بواسطة «الحْريكْ» على الأقل إلى إسبانيا. بينما نحن نتحدث مع زهير، تفاجأنا بطفلين اثنين، واحد له ثلاث سنوات والآخر له ست سنوات، خرجا رفقة فتاة شابة من مكان مظلم قرب محطة القطار القديمة، وجلسوا في كرسي إسمنتي قربنا. تعجبنا من وجود طفلين في مثل عمرهما في هذا المكان وفي وقت جد متأخر من الليل، بينما من المفروض أن يكونا فوق سرير دافئ يغطان في النوم. لم ترغب الفتاة في الحديث معنا. فطلبت حسناء منا أن نبتعد، وبدأت تتحدث معها، وتمكنت أن تحصل منها على بعض المعلومات. الفتاة عمرها 22 سنة، اسمها فاطمة، وهي تبيع «الكلينيكس»، وتظل رفقة الطفلين في «الكورنيش» إلى غاية الصباح. الطفل الأصغر ابن أختها واسمه يحيى، والأكبر سنا اسمه وائل تعتبره فاطمة أخا لها، لكن الحقيقة أن أمه كانت قد تركته مباشرة بعد ولادته لدى أمها التي تكلفت بتربيته مقابل مبلغ شهري من المال، لكن أم وائل اختفت ولم يظهر لها أثر دون أن تترك لهم أي وثيقة. فاطمة فيها بعض ملامح الجمال. طلقها زوجها ولها طفلان لم ترغب في الاحتفاظ بهما، وتركتهما له. محطتنا الأخيرة كانت هي المحطة الطرقية التي وصلنا إليها في حوالي الرابعة صباحا. دلفنا إلى داخلها، فوجدنا إحدى زواياها مُكدسة بأشخاص يفترشون العشب قرب «باركينغ» خاص بموظفي المحطة. بدأ أعضاء الجمعية يوزعون عليهم آخر ما تبقى لديهم من «السندويتشات» و«جبّانات» الحساء، وشرعنا ننصت إلى حكايات كل واحد منهم على حدة. هناك من جاء من مناطق بعيدة بحثا عن عمل، فتعرض للسرقة وظل مشردا في المدينة. وهناك الذين يعانون من الإدمان، ويقضون الليل في تسول بعض النقود لشراء المخدرات. وهناك أشخاص مرضى بدون عائلة كانوا في المستشفى، وحين خرجوا لم يجدوا مأوى. لكن الحالة الأكثر تأثيرا في النفس، هي حالة رجل اسمه مصطفى الشيكر قدم من جماعة «اثنين سيدي اليماني» في رمضان الماضي إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة بعد تعرضه لكسر في ساقه، وخرج منه دون أن يتعافى، وأصبح ينام فوق العشب في المحطة. مصطفى الشيكر في عقده السادس، كان يشتغل حمّالا للبضائع بواسطة عربة مجرورة في محطة مدينة أصيلة. وفّر مبلغا ماليا اشترى به قبل سنتين قطعة أرضية في سيدي اليماني، بنى فوقها «بّراكة» وتزوج بفتاة من هناك وأصبح يقيم معها في تلك «البّراكة». وبعد مدة قصيرة، يقول مصطفى في تصريحه لنا، طلبت منه زوجته أن يكتب لها عقدا يثبت فيه أنها اشترت منه «البرّاكة»، فرفض. حينها حرضت عليه أصهار أخيها، يقول مصطفى، وأخرجوه من «البرّاكة» بالعنف، وتسببوا له في كسر في ساقه، فقدم بهم شكاية، قبل أن يتنازل عنها خوفا من انتقامهم. بل الأكثر من ذلك، يضيف مصطفى، أن الأشخاص الذين اعتدوا عليه أرغموه على مغادرة القرية وهددوه بالقتل إن فكر يوما في العودة، فجاء إلى طنجة لعلاج ساقه، وبعد خروجه من المستشفى، وهو لم يتعاف بعد، أصبح مضطرا للمبيت في العراء داخل المحطة. «ما عمرني كنت كنظن بلي غادي نعيش بحال هاذ العيشة» يقول مصطفى والدمع في عينيه، قبل أن يضيف : «أنا راجل كبير، وما عندي لي ياخذ لي حقي أو يدافع عليا من غير الله. دّاوْ لي براكتي بالزور وقالوا لي بلي راهم دارو ليها الكواغط وولات ديالهم». سألناه إن كان قد طلق زوجته أم لازالت في ذمته فقال لنا : «مازال ما طلقتها. هي دابا عايشة مع أمها وباها فالدوار. وما عمري تلاقيت معها من نهار 14 من شهر 12 من 2012. وراه جاو شي ناس فرمضان من الدوار للسبيطار لي كنت فيه، وتلاقاوني وقالو لي بلي راها حاملة. كيفاش حاملة؟ ومع من حاملة؟ الله يخليكم لما تكلمو عليا. الله يرحم ليكم الوالدين. رانا ما نقدرش نجيب حقي بوحدي، وهاذو لي خرجوني من داري راهم صعاب عليا». لم يكن من السهل رؤية شيخ وهو يبكي. وعدناه بأننا سنوصل حالته إلى المسؤولين. أما عبد الله باهم وزوجته حسناء، فقد حاولا مداراة تأثرهما بابتسامة، وقالا لي بأن ما رأيته في هذه الليلة ما هو إلا غيض من فيض، وأن شوارع وأزقة الأحياء المترامية لطنجة تحتضن حالات عديدة حكاياتها أغرب من الخيال. سألت عبد الله عن تقييمه الإجمالي لمثل هذه الحملات التي تقوم بها الجمعية التي أسسها، فقال : «نحن نقوم بما يمليه علينا واجب التضامن، ولا يمكننا أن نغير هذا الواقع الأليم. نظمنا العديد من القوافل التضامنية في دواوير وقرى نائية، ومشروعنا المستقبلي الأسمى الذي ننتظر من الديوان الملكي أن يرخص لنا بتحقيقه، هو تنظيم قافلة إنسانية نحو تيفاريتي التي كنت قد خضت فيها آخر حرب لي ضمن القوات المسلحة الملكية سنة 1991، وذلك للتواصل مع إخواننا المُحاصرين هناك، ومدهم بما يحتاجونه من غذاء وملابس وأغطية وأدوية، مادامت تيفاريتي أرضا منزوعة السلاح وتحت مراقبة الأممالمتحدة، ومن المفروض ألا تكون تحت سيطرة الميليشيات المسلحة للبوليساريو كما هو الحال الآن. وبالتالي ينبغي أن تسهل لنا «المينورسو» عملية الوصول إلى هذه الأرض وتحمينا كما تحمي الانفصاليين في أراضينا المغربية». أحمد الدافري