كلما سمحت الصدف وجالست أحد أصدقائي من أبناء حي أمالو إغريبن الخنيفري، نبدأ في الحديث عن هذا المجال الذي كبرنا فيه وعشنا فيه طفولتنا (السعيدة) بأحلامها وأمانيها، نغرق في نوستالجيا الزمن الجميل، نتذكر الحديقة الجميلة الوحيدة ونحاول جلب ما علق في ذاكرتنا حولها وهي الآن تئن تحت وطأة الاستهداف من قبل أصحاب المشاريع السكنية العمياء، نتذكر المركب الثقافي موحى وحمو الزياني الذي تعلمنا فيه أبجديات الإبداع والتنشيط الثقافي والعمل الجمعوي بالقرب من مدرسة الإمام علي، والذي أغلق لسنوات وتحول تارة إلى مستوصف وأخرى إلى مقاطعة وقاعة أفراح ...، هذا الحي العريق الذي تفوق ساكنته 120 ألف نسمة أغلبها شباب وأطفال في عمر الزهور يعيشون التهميش في غياب المناطق الخضراء والمراكز الثقافية ودور الشباب بالحي الضخم، مما جعل كل شاب أو طفل مبدع أو مهتم بالعمل الجمعوي يقصد وسط المدينة حيث تقبع دار الشباب أم الربيع التي لازالت تتملص من قرار هدم موقع، أو إلى دار الشباب الحي الحسني التي لا تغدو أن تكون شقة من شقق السكن الإقتصادي، أو إلى المركب الثقافي الجديد الذي نتوسم فيه خيرا عله ينقد شباب مدينتي التائه الضائع في العالم الأزرق بين أزرار الهواتف و الحواسب، أو في قاعات الألعاب التي تصدح ضجيجا وموسيقى ويعتليها دخان السجائر الملفوفة والعادية . من المسؤول؟ هل هي الدولة ؟ هل هو المجتمع المدني بجمعياته ونقاباته وأحزابه؟ أم هي الأسرة والمواطنون؟ بطبيعة الحال سنتقاذف المسؤولية ونتملص قدر الإمكان من الاعتراف، كلنا مسؤولون ودون استثناء، يجب علينا كأسر وأفراد الاهتمام بالجانب الإبداعي والثقافي والدفاع عن هذا الحق كي لا نصنف في خانة الأنعام التي تجري وراء قوت يومها، وعلى المجتمع المدني تحمل مسؤوليته بالقطع مع جمعيات مواسم الدعم و المنح، وأحزاب الانتخابات والبرامج الفضفاضة، وكذا نقابات المصالح والمزايدات والامتيازات، أما حبيبتنا الدولة التي تخالنا قطيعا يلهث وراء شهوة البطن والفرج، فيجب عليها تغيير طريقة تعاملها مع أبناء هذا الوطن، خاصة الشباب الذين عبروا ولمدة طويلة عن طول صبرهم في انتظار التغيير الذي وعد به. فوزارة (الشباب) والرياضة لا تعير اهتماما للثقافة والإبداع ولا للطفولة، وزارة أصبحت ملكا لحزب الحركة الشعبية التي توالت كوادره على دواليب الوزارة دون إضافة، باستثناء الفضائح والفشل، فأصبحنا نحن لفترة " الكحص" الاشتراكي الذي بث الروح في هذا القطاع ذات يوم ببرامجه الرائدة كالمهرجان الوطني لمسرح الشباب الذي تم إلغاءه والعطلة للجميع التي ما تزال حية لحسن الحظ . فمتى يقطع المغرب مع سياسة توزيع الكعكة وسيطرة الأحزاب على القطاعات الوزارية؟ ومتى سيتم تعيين الوزراء اعتمادا على كفاءتهم عوض انتمائهم الحزبي؟ ف "محمد العنصر" الذي عاش في دواليب الوزارات لمدة 30 سنة من وزارة لأخرى رغم غياب صلة الوصل بينها، تقلد وزارة الشباب بعد فضيحة زميله في الحزب ولا يربطه بالشباب إلا الخير والإحسان، وبعد أن أصبح رئيس جهة عوضه زميله في الحزب "لحسن السكوري" سيرا على مقولة " خيرنا ما يديه غيرنا " في تهكم صارخ على مواطن المغربي واستغباءه . فيا دولة الحق والقانون أعيدي لميدان الثقافة والإبداع الشبابي حقه، لا يهمنا شكل الوزير ولا انتماؤه ولا سنه، بل إن جل ما يهمنا هي برامجه وإنجازاته، فإن النفس لتحزن والعين لتدمع من مآل شباب حي أمالو إغريبن خاصة وشباب المغرب عامة .