يعتبر تأسيس جمعية المواهب للتربية الاجتماعية سنة 1965 نتاج وعي كانت إرهاصاته الأولية مع الحركة التقدمية الديمقراطية كخلفية طبيعية للأحزاب السياسية الوطنية، خلفية مشعة اشتغلت على أهم محور وهو البعد المدني الاجتماعي المغربي . هذه هي مرجعية التأسيس بمعيار الوطنية الذي يمضي بماضيه البهيج وعمله المتحدي لكل ألوان التضييق والإكراه في بعده التاريخي . . اليوم تحتفل الجمعية بيوبيلها الذهبي وفق أجنة احتفالات انطلقت من الدارالبيضاء بندوة صحفية أعلن من خلالها برنامج الاحتفالات انطلاقا من مراكش بقافلة المواهب وانتهاءا بالدارالبيضاء مهد الميلاد . في هذا الحوار نستحضر مع الأستاد أحمد مكسي رمزية الاحتفال ونناقش معهانشغالات الجمعية ومواقفها ... الأستاذ مكسي عايشتم جيل التأسيس وجيل البناء وجيل البناء وجيل الألفية الثالثة داخل المواهب ، هل لكم أن تحدثوا قراء الجريدة عن خصوصية وتفرد كل جيل وكل مرحلة ؟ في يوم 15 دجنبر 2015 ستحتفل جمعية المواهب للتربية الاجتماعية بذكرى مرور خمسين سنة على التأسيس ، خمسون سنة من التطوع و العطاء في خدمة الطفولة و الشباب المغربي ، هذه الخدمة النبيلة و التي ساهمت فيها أجيال معددة من أواسط الستينات و التي حرص فيها جيل التأسيس على وضع لبنات مسار هذه الجمعية انطلاقا من قيم نبيلة شكل التطوع عصبها لأساسي و الدفاع عن حقوق الطفولة و الشباب مبدأها و منتهاها ، و قد تفرد هذا الجيل جيل التأسيس ببعد نظر تنظيمي و استراتجي خلاق نظرا لتعقد الظروف التي كان يعيشها المغرب آنذاك من تضييق و خناق و معاكسة كل فعل جمعوي ذي بعد نضالي و مبدئي خاصة حول قضايا الطفولة و الشباب ، و رغم ذلك استطاع هذا الجيل ترسيخ تنظيم جمعوي سلس استطاع أن يغطي مجموعة من المدن المغربية .أما جيل البناء فأكمل المشوار بنفس الروح الجمعوية المناضلة لكن بخلفية فكرية متقدمة و ذلك بترسيخ و إنتاج فكر تربوي و المساهمة الفعلية و بشكل جريء في تطوير النقاش الديمقراطي و ترسيخ وعي ثقافي و تربوي فاعل كما رسخه شعار المؤتمر الوطني السادس للجمعية في يناير 1981 لتواصل الجمعية بهذا الجيل مهمة البناء التنظيمي و الفكري بتوسيع التنظيم على امتداد ربوع المغرب و التأسيس لفكر تقدمي حداثي يرتكز على القيم الكونية لحقوق الإنسان و قد كان شعار المؤتمر الوطني العاشر في مارس 1996 تجسيدا حقيقيا لهذا البناء / التأسيس "تربية التحديث ، ثقافة العصر " ليواصل جيل الألفية الثالثة هذا المجهود الفكري و التنظيمي انطلاقا من نفس المبادئ و الثوابت التي شكلت قوة و إشعاع الجمعية رغم التحولات السسيوثقافية و التربوية و الاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي و التي بقيت فيه المواهب نبض مستمر في خدمة الطفولة و الشباب كما عبر عنه شعار المؤتمر الوطني الثالث عشر للجمعية في مايو 2008 . من موقع مسؤوليتكم كرئيس لجمعية المواهب ماهو تقييمكم للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي في ارتباط مع البرنامج الحكومية؟ إن تقييم مشروع الجمعيات التربوية و الثقافية الجادة منذ أواسط الستينات يمكن أن نحدده في التأكيد على نجاح هذا المشروع اليوم على مستوى المشهد الجمعوي حيث كانت تقوم بكل الأدوار السياسية و الاجتماعية و تقارب كل المجالات الفكرية و النوعية حيث كانت مشتلا لكل أنواع الجمعيات المتواجدة اليوم في المشهد الجمعوي المغربي ، رغم انحسار الإمكانيات و ضعفها و قصور و فقر و في البرامج الحكومية المرتبطة بقطاع الطفولة و الشباب حيث كنا دائما سباقين للتفاعل مع كل المستجدات سواء منها السياسية و الاجتماعية و التعاطي مع كل القضايا سواء منها الحقوقية و البيئية و مقاربة النوع و التنمية المستدامة ....... و ذلك قبل ظهور هته الجمعيات البيولوجية الحديثة و التي بدأت في الظهور منذ أواسط التسعينات ، لذلك نعتبر هذه الجمعيات و من ضمنها المواهب الشجرة التي أرخت بظلالها و فروعها على مختلف أطياف المشهد الجمعوي الحالي. جمعيتكم منخرطة في عدة شباكات واتحادات وغيرها إذا سألناكم الأستاذ مكسي عن دور جمعية المواهب في عملية التشبيك وما هي أهميتها اليوم في تدعيم العمل المدني الجمعوي بالمغرب؟ كما أن هذه الجمعيات كانت دائما سباقة إلى الانخراط في عمل وحدوي يروم تحصين و تدعيم مكتسبات هذه الفئات و كانت دائما جمعية المواهب مبادرة و فاعلة فيها بشكل أساسي ، و كان لتأسيس اتحاد المنظمات التربوية المغربية حدثا مميزا في أواسط التسعينات و الذي كان قد ترأسه المناضل الجمعوي الكبير سي محمد الحيحي رحمه الله . كما كان تأسيس الاتحاد الفدرالي للجمعيات و المنظمات و الذي ضم جل الطيف الجمعوي التربوي آنذاك و الذي ترأسه الابن البار لجمعية المواهب الأستاذ شكري ياسين ، لذلك نرى اليوم أننا ما أحوجنا لقراءة جديدة لمسؤولية و أهمية هذه التنظيمات الوحدوية لتدعيم العمل المدني الجمعوي الجاد و المسؤول في المغرب . كيف تعاطت جمعية المواهب مع التحولات وحراك الشباب في اطار 20 فبراير ؟ وما هي أهم مطالبكم أثناء التعديل الدستوري ؟ كما سبق و أكدنا ذلك سابقا و نظرا للقناعات المبدئية للمواهب بالانخراط في كل فعل يروم تحسين و تجويد خدمات الطفولة و الشباب سواء على مستوى تطوير أدائنا و ممارساتنا أو تجويد القوانين المؤطرة لهذا الأداء حيث ساهمنا بشكل كبير أثناء رئاستنا لاتحاد المنظمات التربوية في التعديلات التي شهدتها القوانين المنظمة و المؤطرة للعمل الجمعوي في نهاية التسعينات ، و نقس الدور لعبناه وبقناعة راسخة خلال التحولات والحراك الذي عرفته بلادنا و ذلك بتقديمنا لمسودة مطالب و مقترحات خلال التعديل الدستوري الأخير من أجل مأسسة و الاعتراف بدور العمل الجمعوي كرافعة للتنمية و التأطير و كواجهة لتحديث المجتمع المغربي بناءا على قيم المواطنة الحقة و تعزيز و ترسيخ حقوق الطفولة و الشباب كجزء محوري في المنظومة الحقوقية بما يضمن مجتمع المساواة و تكافؤ الفرص و الحقوق . ماهو تقييمكم لعمل الحكومة الحالية والحكومات السابقة فيما يخص قطاع الطفولة والشباب ؟ وما هي مقترحاتكم في هذا المجال ؟ إن قطاع الطفولة و الشباب كأحد القطاعات الإستراتيجية نظرا لاهتمامها بمستقبل البلاد كان دائما و للأسف مهمشا و ذا بعد تكميلي لدى مختلف الحكومات المتعاقبة انطلاقا من هزالة الميزانية المرصودة للقطاع و طبيعة المتحكمين فيه أثرت بشكل سلبي على صيرورة تنمية هذا القطاع ، كذلك الدور التحكمي التضييقي الذي مارسه سابقا مسؤولو هذا القطاع كقطاع رقابي أكثر منه تأطيري و انعدام المبادرة باستثناء الفترة التي ترأس فيها الأستاذ سي محمد الكحص التي عرفت مبادرات عدة سواء على مستوى التخييم أو المسرح أو الإبداع أو التشكيل أو رياضة القرب........ و بمساهمة فعالة من شركاء متعددين و على رأسهم الجمعيات الوطنية الحقيقية أعطت نفسا لهذا القطاع إلا أنه و للأسف توقفت هذه الصيرورة لذلك و لإعطاء نفس جديد لهذا القطاع نطالب بفصل الرياضة عن الشباب و الطفولة بخلق وزارة خاصة بهذا القطاع و رصد ميزانية محترمة تستطيع الاستجابة لمتطلبات هذه الفئات من بنيات استقبال حديثة و متنوعة و تأطير جيد وإشراك فاعل و حقيقي للجمعيات المتدخلة في هذا الميدان . أطلقت الحكومة حوارا حول المجتمع المدني، كيف تفاعلت معك جمعية المواهب ؟ وما هو تقييمكم له ؟ إن كل حوار حول العمل الجمعوي و ليس المجتمع المدني هو في حد ذاته مبادرة تستحق كل تنويه و تشجيع إلا أنه للأسف رأينا أن هذه الحكومة أطلقت حوارا اعتبرناه منذ البدء مغشوشا و تحكميا و ذي خلفيات لا تخدم العمل الجمعوي بقدر ما تخدم أجندة سياسية لذلك كانت المواهب مقاطعة لهذا الحوار و من الأوائل الموقعين على نداء الرباط الرافض للمقاربة التحكمية لهذا الحوار انطلاقا من تركيبة اللجنة و طريقة تعيينها و كواجهة لصرف ميزانية مهمة و دمج تعسفي و تشويه للفعل الجمعوي الحقيقي ، و قد تأكدت صحة قرارنا بالموقف الرسمي من اليوم الوطني للمجتمع المدني و الذي تم إطلاقه انطلاقا من اعتبارات شخصية و ذاتية بعيدة عن كل هم وقناعة جمعوية . الاستاذ مكسي حدثنا عن نقط قوة جمعية المواهب عبر مسار 50 سنة ؟ وهل الحكومات السابقة والحكومة الحالية وفرت شروط التأطير والدعم لجمعية المواهب لتقوم بوظيفتها وفق أهدافها وبرامجها في اطار تنمية التطوع ؟ إن جمعية المواهب للتربية الاجتماعية و هي تحتفل بذكراها الخمسين و بتأكيدها على قيمة التطوع كأحد القيم النبيلة و تمسكها الشديد باستقلاليتها و ديمقراطيتها ، و خضوع كل أنشطتها سوء على المستوى المحلي و الإقليمي و الوطني للتقويم و المحاسبة كانت من الأسباب الرئيسية لتماسك و استمرار نسيج الجمعية على مدى خمسة عقود ، و هذا التميز هو الذي يعطينا الأمل في مستقبل هذه الجمعية من مواصلة عمل جمعوي نزيه و حقيقي يروم خدمة الطفولة و الشباب ، كما أن اختياراتنا الواضحة فكر و ممارسة هي رهان صريح وواضح على أن جمعية المواهب ملك لكل فئات المجتمع المغربي و الذي واكبنا بكل صدق حركيته و كنا دائما في قلبه و نبضه لذلك يردد المواهبيون و باستمرار "المواهب نبض مستمر " و ذلك رغم الظروف الغير ملائمة و تلويث المشهد الجمعوي و إغراقه بالجمعيات الريعية و النفعية ، فاعتمادنا على التطوع و على بنات و أبناء المواهب لبناء و إشعاع هذا الصرح الجمعوي العريق . في ختام هدا الحوار ماهي الرسالة التي تودون توجيهها بهذه المناسبة لفروع الجمعية وللجمعيات وللحكومة وللرأي العام بصفة عامة؟ و بهذه المناسبة أتوجه إلى كل المواهبيين و الذين تداولوا على تحمل المسؤولية خلال الخمسة عقود السابقة تحية تقدير و حب و أقف إجلالا و احتراما و تقديرا لهم و أدعو بالمغفرة و الرحمة على من وافتهم المنية . إن جمعية المواهب للتربية الاجتماعية و على مشارف الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيسها ، نعلن عن استعدادها لفتح نقاش عام حول ملف الطفولة و الشباب المغربي ،. و كل الانشغالات ذات الارتباط بشكل يضمن الفعالية و المرد ودية الإيجابية و تحقيق الغايات و الأهداف لعمل جمعوي تربوي جاد و مسؤول يستنبط الماضي و يقرأ الحاضر و يتجه بأمل نحو المستقبل و عاشت جمعية المواهب للتربية الاجتماعية جمعية تربوية ثقافية (تطوعية مستقلة) ديمقراطية .