استضافت جمعية «جذور» (Racine) مؤخرا، بالمجازر القديمة (الباطوار) ضمن أجندتها الثقافية الشهرية عبد المقصود الراشدي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أجل الحديث معه عن مضامين المشروع الثقافي لحزب القوات الشعبية. وتسعى هذه اللقاءات، التي يديرها كل من دنيا بن سليمان، عادل السعداني، عبد الرحيم قسو، كنزة الصفريوي.. إلى محاورة قيادات الاحزاب السياسية المغربية من أجل تبادل الحوار حول مقترحاتهم واستراتيجياتهم للثقافة ، وخاصة على مستوى المقاطعات والجماعات المحلية والمنشآت الثقافية والنشر والابداع والتكوين، ومن جهة أخرى منهجية هذه الاحزاب في اشراك الجماهير ، وماهي الميزانيات التي يقترحونها لتنفيذ مشاريعهم الثقافية... هكذا، استهل عبد المقصود الراشدي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مداخلته باعتبار هذا اللقاء ، الذي ينظم بالمجازر القديمة (الباطوار) ، أنه يحيلنا على واحدة من الفضاءات التي تحتل مكانة أساسية في ذاكرة ساكنة الحي المحمدي، ومدى علاقة هذا الحي بالمشهد الثقافي منذ البداية الاولى الذي عرف ظهور العديد من التجارب الثقافية والفينة الرائدة أمثال : ناس الغيوان ، المشاهب ، السهام .. ومارافقها من أسماء ووجوه فنية وثقافية ، كان لها وقع أساسي في مسار الحركة الثقافية والفنية المغربية. كما عبر عبد المقصود الراشدي عن اعتزازه بالعمل الثقافي والفني الذي تقوم به جمعية «جذور» بالباطوار، معتبرا أن مشروع تهييئ المجازر القديمة (الباطوار) يعد من المشاريع الثقافية التي يجب تدعيمها والدفاع عن استمرارها وتواجدها ، وذلك لما يحمله مشروع جمعية «جذور» وباقي مكونات الائتلاف الجمعوي الذي ينشط في اطار هذا الفضاء..، منوها بمجهودات الفريق المشرف على هذه المنشأة الثقافية التي يجب على البيضاويين حمايتها.. ، وبفضلهم وبمجهوداتهم أعرب أنه متفائل بانفتاح هذا الفضاء على الثقافة والابداع .. وفي سياق تقديمه لتفاصيل المشروع الثقافي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكد الراشدي، أنه من أولويات هذا المشروع الحق في الابداع والتعبير الحر، معتبرا أن القضية الثقافية تعد من الأولويات الأساسية للاتحاد ، نظرا لكونها تعد قضية وطنية ومعركة مجتمع ، من أجل الخلق والابداع ، وتشكيل رأي عام ثقافي واعي بما له وما عليه.. في هذا السياق، تساءل كيف يمكن تطوير النقد والابداع والخلق والسؤال الثقافي ، مذكرا بعلاقة الاتحاد الاشتراكي بالمثقفين والفنانين، الذي كان سندا ومدعما لهم سواء عبر إعلامه الحزبي أو المنظمات والجمعيات الثقافية التي تعد من أهم روافده التواصلية مع النخب المغربية والثقافية والفنية.. في هذا الصدد، استحضر تجربة الاتحاد الاشتراكي في المجال الثقافي ، لما كان يتولى تسيير الشأن المحلي بكل من الرباط ، صفرو، فاس.. ، والمجهودات التي بذلت من طرف الاتحاد ، ليتوقف عند تجربة المجلس الجماعي للمعاريف بالدارالبيضاء . هذه التجربة التي كان لها الأثر الايجابي على الشأن الثقافي بالمغرب ، وما خلفته من مشاريع ثقافية سواء وطنيا أو دوليا. في هذا السياق تحدث عن الاكراهات التي واجهت هذا المشروع الثقافي سواء من طرف الادارة أومن طرف بعض العقول التي كانت تعرقل العمل الثقافي، ليؤكد أن ارادتنا كانت أقوى من كل هذه الاكراهات ، حيث استطعنا أن نحقق العديد من المكاسب الثقافية سواء على مستوى خلق مجموعة من المرافق الثقافية منها المركب الثقافي ثريا السقاط ، وقاعة أنوال، والمعهد الرقص والموسيقي، وقاعة للمطالعة ، إضافة الى المركب الثقافي المعاريف الذي أطلقنا عليه اسم الراحل محمد زفزاف، وبفضل هذه التجربة، كذلك، استطعنا أن نخلق جوا ثقافيا وفنيا بالدارالبيضاء ومحيطها والمغرب عموما، كان محوره فضاء المركب الثقافي المعاريف من خلال رمضان وربيع المعاريف ، وتسمية العديد من الازقة بأسماء المثقفين، وانجاز العديد من الجداريات وسط الاحياء التابعة للخريطة الجماعية للمعاريف، وتقديم الدعم للعديد من الفرق المسرحية ، الى جانب اصدار مجلة «المعارف» التي كانت تهتم بالشأن المحلي والثقافي. كما كان هناك مجال آخر استطعنا أن نلجه هو الفضاء الدولي، حيث عقدنا العديد من اللقاءات والشراكات مع العديد من المؤسسات الثقافية وغيرها..، مذكرا في هذا السياق ، كذلك، بتجربة محمد الكحص لما كان على رأس وزارة الشباب والرياضة، وما خلقته من مشاريع في مجال القراءة وتنظيم جامعات شعبية.. وأقر عبدالمقصود الراشدي، عضو المكتب السياسي ،إذا كانت لنا أشياؤنا الايجابية والسلبية، اليوم يمكن القول إن هناك هوة أصبحت مابين السياسي والثقافي، وبأن المنتخبين اليوم لا علاقة لهم بالشأن الثقافي، وأن النسيان طال كل المركبات الثقافية، لأنه ليست هناك سياسة ثقافية بالدارالبيضاء واضحة المعالم. وشدد الراشدي على أن الاتحاد واع بالتحولات المجتمعية الراهنة التي يعرفها المغرب، التي تستدعي نوعا جديدا من التعاطي الثقافي معها، مصرحا أن الاتحاد مع التجربة فضاء المجازر القديمة (الباطوار) وما يقدم فيها من مشاريع ثقافية وفنية ، معبرا «أننا نريد العمل معكم واعطاء حياة أخرى لهذا الفضاء، ونريد معكم أن نساهم في جبر الضرر ، جراء ما لحق هذا الفضاء من تهميش والتصدي لكل المناورات التي تحاك ضده »، ليقول بأن « هناك أسئلة جديدة مطروحة علينا والاتحاد يريد ومستعد الانخراط فيها ومشاركة النخب الثقافية والفنية الجديدة في استراتيجيتهم» ، وأنه حان الوقت للرفع من الميزانية المخصصة للثقافة والابداع عموما. كما شدد على ضرورة اعادة الاعتبار للفعل الثقافي والاهتمام بالارشفة والذاكرة والنشر والابداع ، لأنها أشكال تعبيرية يجب أن تكون مدعمة ومهتم بها ، كما أنه لابد من دعم الصناعة الثقافية لأنها هي مستقبل الثقافة بالمغرب ، والتفكير في وضع استراتيجية جديدة تضم مشاريع ثقافية جهوية تحافظ على الخصوصيات الثقافية لكل جهة من المغرب. أما عن جمعية «جذور» ( Racine) التي تشتغل على مشاريع ثقافية وابداعية وجمعوية ، فهي عضو في شبكة جمعوية تضم 40 جمعية تشتغل في الفضاء الافريقي، وأن السنوات التي قضتها في هذا المجال ، تسعى إلى الدفاع عن الشأن والفعل الثقافي والتواصل مع فعاليات مجتمعية من أجل تطوير هذا النقاش والمساهمة في البحث عن سبل لتطوير العمل الثقافي بالمغرب.