في وقفة نضالية شهدتها تيغسالين، انفجر شباب مناضل، أمام وفي وجه التاريخ، ضد تطويق الحريات، ضد الجزمة التي تسحق البسطاء وتمضغ حقوقهم لتبسقها على وجوههم في نهاية المطاف بِمَنٍّ. وقالوا قبل بدايتها هاتِ ترخيصنا أيتها الوقفة ! فردت عليهم: وهل يكون الحق حقا بالترخيص ؟ تفاجؤوا، وأكملت: تقصدون الإشعار صحيح ؟ قالوا نعم هذا. وأجابت: وهل أكون حرة إذا وجب علي إشعاركم بمتى أعزم على التمتع بحق من حقوقي ؟. رفع الشارع شعاراته، والحديث كان مايزال مستمرا، بين تجسم متواضع للوقفة دَخَلَ تِلك الأسوار وبين أهل المكان. لأنه في ذهنية الوقفة، كانت الأمور محسوما فيها والمواقف واضحة وثابتة، لا تقبل النقاش أي تفصيل كيف ما كان داخل إطار القيد. ذهنية الوقفة لا تؤمن بالقيود وانتهى الأمر. وعدم قبول صيغتي الإشعار والترخيص، لم ينبع من قلة احترام للسلطات المحلية مطلقا، ولا يعني أننا فوضويون ولا مخربون، ولا بلطجية يُسَخَّرُونَ ويُدْفَعُونَ، ولا زارعي فتنة في الناس.. لسنا أيا من هذا والحمد لله. بل يحمل ما مفاده أنه بإدراكنا للقيود أدركنا أيضا الغرض منها، وهكذا كان واجبا علينا أخلاقيا، الإلتزام والنظام. حْنَا قْلاَلْ مَافِينَا مَايْتْفَرَّقْ.. يحز في النفس أن يخذلك الكثيرون عندما تحتاجهم للوقوف فقط.. وهم يظلون واقفين اليوم كله في قتل الوقت ولا عائد لهم، ويخلفون الموعد عندما يتعلق الأمر بالوقوف لاسترجاع وجودنا المسلوب قسرا، في الوقت الذي تجود فيه حناجرهم بشتى أنواع الصرخات في فضح المستور، وإعلان السخط والتمرد، على صفحات ومجموعات القفص الأزرق "فايسبوك". وأقول لهم أن العصافير التي تظل تزقزق في القفص لا تجرب حماس الطيران، أكثر مما تعيش في القفز من ركن إلى آخر داخل نفس الصندوق.. هذه العصافير، مجرد عصافير زينة وتمظهر، وبعيدة جدا عن عصافير الزّْنْقَة الأحرار متسخي الريش، من كثرة التمرغ في أوحال الواقع. كُنَا قْلاَلْ وَلَكِنْ مْتْضَامْنِينْ.. عندما تخوض وقفة احتجاجية من أجل التعجيل في تجهيز وفتح دار الشباب، وتدشين أشغال بناء ملعب لكرة القدم، وتمتيع البلدة بمستشفى يحترم معايير معقولة وإنسانية إلخ. وتجد معك شباب معدودين بسهولة، تتساءل لمن سَتَتحقق هذه المطالب يا ترى ؟ إلى أين تم تصدير الشعب يا ناس ؟. لكن هذا كله لم يمنع الوقفة في إيصال رسالتها، لأننا نعلم أن هناك أناسا يقومون بواجبهم وسيبلغون الرسالة إلى أبعد من المجلس الجماعي، الذي لم نتوفر عليه لحدود يوم الوقفة، وهذه أزمة أخرى تنضاف إلى مسلسل الأزمات، في ضل غياب قانون يفرض أجلا لتنصيب كلية المجلس الجماعي بعد يوم الإقتراع، وبالتالي سيكون اختيار الرئيس بطريقة ديموقراطية شفافة ومعيارية، وليس بالتجاذبات والتشنديق والزرود. وخلاصة، افتقار بلدة تيغسالين لدار شباب بمعايير معقولة، وهشاشة بنياتها الصحية وغناها عن الضروريات، واكتسابها لفرقتين كرويتين، في ظل غياب ملعب يستجيب لشروط رياضية معقولة، وأشياء أخرى... أمر يعني أن المنطقة قد زُجَّ بها تحت عجلات سياسة تهميشية ممنهجة، يشارك فيها بوعي منتخبونا وجيراننا وأصدقاؤنا ونساهم فيها -كيف ما كنا- أحيانا.. الغَلَطْ كَايْوْقَعْ. لله دَرُّكَ يَا وَطَنِي.. موحى أوحديدو-تيغسالين.