يا موسم الانتخابات، كم يلزم لإصلاح ما أفسدته الأحزاب والسياسات؟ نريد وجوها لم تتسخ بعد، حتى إعداد المناخ السياسي يستدعي القطع مع الأساليب التقليدية التي تعيد نفس الوجوه والجروح النازفة، يصير البيت الشعري: ماذا أفاد المرشح بجولاته عبر الأبواق والكراسي محاولا كشف الغيوب والجهل فوق الأرض، ينشر ظله والفقر والأمراض تفتك بالشعب. اليوم لمصلحة من ترفع الألوية للفقراء والمهمشين وغيرهم بالولائم والاهتمام؟ ليعود الوجه الصحيح القصديري المتمرس في إخراج أعينه ليخاطب الود والمواطن-صوت من جديد وسلوكه لم يكن مطابقا لأقواله ودعايته السابقة! حيث لا مجال للخجل، يعودون بنفس وعود الأمس التي لم يحققوا منها شيئا ويطالبون بتكثيف المشاركة. برامج الأحزاب واحدة (صوّر- لصق "كوبي كولي")، وشخوصها واحدة، ربما مألوفة: قليل من العلم وكثير من اللغة البوجادية، وصور في غاية القبح: بطون منتفخة ورؤوس شائبة أو أصابها الصلع تبدوا كقوارب مقلوبة غارقة في المستنقع، وربطات أعناق "مقجوجة" سمينة ورقبات متجعدة طيات "صوصيص" بالموسطاج أو بدون - لم يعد موضة- الموسطاج الذي تقمصت معانيه بعض النساء صرن "موسطاجات" حسب تعبير شباب الفايسبوك عند ذكرهم للفتيات المترجلات وهلم مسميات من قبيل العيشوريات والطوبات... نذكر الانتخابات والسياسيين، لا يهم المظهر الممكن فرمطته بقدر ما يهم خدمة العباد والبلاد، وما أصعب الآتي من استحقاق وما أكثر الجرائم التي لا ينفع الندم بعد الانخراط فيها، المرحلة محتاجة لبرامج تدبير بعدما ألفنا الأجساد السياسية (رجالا ونساء) بدهاء وذكاء حزبي تخاطب ما تخاطب غير الحس السياسي، تخاطب أحاسيس وعائلات وأقارب، ربما أناسا بسطاء ألفوا التصويت لحزب أو شخص من باب المشاركة المعتادة التي لا جدال فيها وربما درءا للعار بعد الولائم... فتتكرس نفس الوجوه على مللها وعللها، وجوها مللنا قبحها وترددها، ومع ذلك تترشح وتحصل على كرسي، وكيفما كان الثمن وبلغة " ولو طارت معزة" لتمارس في الأخير أنانيتها. المواطن "صوت" أو حين ينزل المواطن لدرجة صوت هناك تنتهي الحملة الانتخابية وتبدأ الأجندة الفعلية للمرشح التي لا يحقق منها شيئا على الميدان عدا بعض الخرجات الديماغوجية التي تنطلق مع اقتراب نهاية ولايته من قبيل تزفيت شارع، سد الحفر، تعليق الرايات والألوان... التنظيمات السياسية من القطاعات الأكثر تضررا بالفساد حسب المؤشرات العالمية، وفلسفيا لا أخلاق مع السياسة فالمهم هو السباق نحو التمثيل والمقعد والميزانيات والمكانة والجاه، لا سباق حول الإنتاج والعطاء ومبدأ "جوزيف ستيف" المخترع العظيم الذي راكم ثروة قدرت ب 8 ملايير دولار صنع مجدا للبشرية وعاش متواضعا. ستيف جوزيف الذي مات بعد معاناة مع السرطان هو مخترع الماكنتوش والحاسوب "أبل" وصاحب شركتي "بيسكار" و "نيكسيت" للمعلوميات كان شعاره "الأسمى في هذه الحياة هو أن يتذكر المرء دوما أنه ذاهب إلى الموت، ليتفادى الاعتقاد أنه يملك شيئا سيفقده... الإنسان وممتلكاته إرث للآخر وهدية له، وعليه يجب أن تصنع شيئا يفيد البشرية. إن الحياة بنيت على هذا الأساس" ، نستحضر شعار ستيف في الحياة ونتذكر الروائي نجيب محفوظ في إحدى رواياته "يا لها من تسلية أن تلاحظ المضاعف من جدية مظهره وهو يؤدي عملا تافها".