الحلقة الخامسة: شاركت البوجادية "مَنْ نهَارْ عقلاتْ عْلى رَاسْها" في قُرابة 30 حفلة عُرْس، وتعرْضاتْ لما يقارب خمسة عشر حفلة خطوبة، وشي 12 حفلة لضريبْ الصّدَاقْ، تخلّلتها من هنا وهناك بعض العْراضاتْ المتباينة كمثل حضور عْراضَة لقريبة أو صديقة جاوْا دواوْأ فيها شي ناسْ......، وها هي اليوم بدورها تحضّرُ لحفل عرسها في حكاية تشبه القصص السينمائية لكنها حدثتْ على أرض الواقع بالنسبة إليها. على بطاقة العرس كُتب: تتفضّلُ عائلة "....."وعائلة "......" بدعوتكم لحضور فرح إبنيهما البارين وذلك ابتداأ من الساعة التاسعة مساء إلى الخامسة صباحاً ، في صالة كذا وكذا ........ " لم يعجب البوجادية ذلك فقالت لزوجها إن الفرح لا يمكنه أن يُحدّد بالساعات والدقائق ولا أن يُقاس بالطّول أو بالعرض، وتساءلت لماذا هل قبل التاسعة الفرح ممنوع؟؟ من يمنع ذلك؟؟ سمعت حماتها كلامها وتذمّرها، فصرختْ في وجهها "سَكتينا". في ليلة العرس وقفت والدة البوجادية في باب القاعة تتفحّصُ وجوه أقربائها و" ناسْها" لترشدهم كي لا يتوهوا أو يُجالسوا أهل العريس "الحاسّينْ بريُوسْهمْ" وهو ما لا ترغبه طبعاً، ثم لأنها تعرف مسبقا أن أقربائها يَحْضرون مناسبات كهذه من أجل الأكل فقط وليس للتصفيق والتزغريد، إضافة إلى أنهم يأملون من ولائم كهذه في بقايا الأكل والحلوى، لذلك يَحْضُرون حفلات الأعراس بحقائب يد من الحجم الكبير تشبه حقائب "الحَمّامْ"، عكس المدعوات من أهل العريس اللواتي يحضرن " بصيكان بحجم البزطام". اختارت لهم والدة البوجادية طاولات لا يشاركهم عليها "شي حدْ برّاني"، جلسوا وأمضوا الوقت في انتظار الأكل وإرسال ابتسامات جافة ومجاملات مستعملة وسؤال عن المرحاض حيث "دوْزوا الوقت في خيطي بيطي إلى الطواليت" في غياب حقيقي للفرح الذي راهنت عليه البوجادية. فهِؤلاء وإن كانوا ممن تعزهم هذه الأخيرة وتحبهم ، إلا أن ولا واحد منهم استطاع أن يصدّق قصة أن تتسلّق البوجادية القمة هكذا وتصل لقمة هرم الناس "اللّباسْ عليهمْ" بهذه السرعة، نظرا لغياب المعايير المؤهلة لذلك من جهة وسيادة مبدأ "من الحمارة للطّيارة " من جهة ثانية في حالتها. فالكل "بقى حال فمّو" لمستوى البذخ الذي كان العنوان الرئيسي المتربّع على عرش حفلة عرسها. فحماتها من النوع الذي يهتم لمسالة كلام الآخرين ومسألة الشكل الاجتماعي وحبها للتظاهر ودرئها للكلام الذي من الممكن ان ينتقص من قدرها إن هي لم تُقم لإبنها عرس "فاعَلْ تاركْ"، لذا لم تقصّرْ في شيء، ونتيجة لذلك كان السؤال الكبير الذي طرحه الناس من حول البوجادية هو: " كيف دارتْ ليها؟؟ أمعقول ان تقفز هذه القفزة؟؟، وأضاف المتديّنون منهم " سبحان من يُعطي بلا حسابْ". فلا كفائتها ولا جمالها ولا وضعها الإجتماعي يؤهلانها لتسلّق من هذا النوع. وختمت إحدى صديقاتها قائلة في ردّ على هؤلاء أنها "وصْلاتْ" لتضع حدّا لكلامهم المستنكر لهذا الوصول ونظراتهم التي كانت تلاحقها ليلتها وستبقى تلاحقها إلى أن تصل إلى درجة "التّقواسْ" في الأيّام القادمة. (يتبع..) للتواصل مع الكاتبة [email protected]